“يا ليت الاعياد لم تأت، لقد غدت استحقاقا ماديا اكثر مما هي تعبير عن الفرح ” هذا ما يتردد اليوم على مسامعك عند اغلبية الناس بفعل الازمة الاقتصادية الخانقة ليصح القول :”عيد باي حال عدت يا عيد ..” وجوه مثقلة  بالهموم  وابتسامة مصطنعة،  فهل غدت الاعياد  نقمة على اللبنانيين بعد أن كانت مناسبة سعيدة لتلاقي الاحباب؟ الى اي مدى  الانطباع النفسي المتأزم هو المسيطر في هذه المرحلة الدقيقة ؟

العيد صار استحقاقا ماديا

اهم ما توقفت عنده الاختصاصية في المتابعة النفسية الجسدية شنتال خليل ل greenarea.info : ” في  السابق كانت الاعياد محطات مهمة ننتظرها  نظرا لما تحمل من هدايا  و فرحة  اما اليوم فكل  شيء تراجع  عند نفسية الناس حتى الهدية لم يعد لها معنى لديهم، على سبيل المثال كان الولد يفرح لهدية العيد اما اليوم فلم تعد تعني له شيئا نظرا  لما يتلقى من هدايا يوميا، فصحيح يتم تأمين المسألة المادية الا انه ليس هناك من تأمين للاحتياجات العاطفية وهذا ما يؤدي  الى تدهور المجتمع، الأمر الذي  جعل الاعياد تفقد بريقها  وبتنا في عصر استهلاكي  ومادي  بامتياز لاننا عوّدنا الولد ليكون مميزا يجب ان  يكون متطلبا وبالتالي الاهل لكي  يعوضوا على  غيابهم عن المنزل  نظرا للعمل خارجا تكون الهدية  لولدهم لملء الفراغ  العاطفي.. فياتي العيد دون اي قيمة للهدية، فيعتاد انه بهذه الطريقة وبصورة غير مباشرة  يلجأ الى الابتزاز العاطفي على اهله  .”

واضافت خليل :”عدا ذلك التأثيرالخطير الا هو التفكك الاسري  على الطفل حيث انه في الاعياد يحصل تنافس بين الشريكين المنفصلين على حب ولدهم في من يزايد على جلب الهدايا له ليكسب حب الطفل، وبالتالي فإننا سنصل يوما ما الى تدهور اجتماعي تتساوى فيه  المحبة والعاطفة بالماديات. لذلك بتنا نتحول الى مجتمع بارد عاطفيا، حتى ان جو العائلة في الاعياد  لم يعد  له معنى اليوم بعد ان  كان له قيمة  في السابق و جو من الفرح  كما و انه حتى الاهل اذا كانوا عاجزين عن شراء  الهدايا لاولادهم نظرا للظروف المادية باتوا  يشكلون  ضغطا نفسيا لهم  ليكون العيد  استحقاقا ماديا .”

التكاليف  الاقتصادية  أفقدت العيد من معناه

في المقلب الآخر على صعيد التأثير الاجتماعي كان للاختصاصي في علم  النفس الاجتماعي  محمد بدرا رأيا في هذا الخصوص مما قال ل greenarea.info : “في البداية  كانت الاعياد تفرح الناس و تخفف عنهم الرقابة الاجتماعية  بمعنى ان الذي يتبع  حمية نجده  في العيد  ياكل اكثر من قبل  حتى  ان الاولاد يسمح لهم السهر خارج المنزل بعد أن  كان هذا غير مسموح  قبل العيد  بما يعني ان دور الرقابة الاجتماعية يضعف خلال الاعياد لتكون مصدرا للفرح  .اما  اليوم  فبات العيد مصدر للنقمة عند اللبناني  نظرا للتكاليف الاقتصادية المرتفعة  التي تترتب في هذه المناسبات مما افرغت من مضمونها  ليست فيها مودة بين الناس من دون تبادل الاهتمام والعاطفة والمحبة،  حيث بات يشعر الشخص انه اذا دفع مالا باهظا لشراء الهدية  فلم  يعد يبادله الاخر بالعاطفة الصادقة نفسها مما صارت العلاقات الاجتماعية  فقط شكلية اي تحول العيد لعمل طقسي  اكثر مما هو ممارسة  عاطفية اجتماعية  حقيقية  تحمل كل مضامين العيد  سواء ديني ام وطني لان افرغت الاعياد من معناها حتى اضحت طقوس فارغة ينظر اليها المواطن انها عبء  ثقيل عليه .”

بالاعتدال نتجاوز مطبات الاعياد

الى رأي  الاختصاصية في التغذية جانين عواد التي اهم ما شددت عليه عبر ال greenarea.info :”  ان الاشخاص الذين  يلجؤون الى نظام غذائي  خاص في العيد لا معنى له  بل علينا الاستفادة من الماكولات الطيبة  شرط ان تكون باعتدال  كما يمكننا شرب النبيذ و الكحول و الاهم من ذلك الاكثار من  شرب المياه  خلال النهار لكي نعوض عن  السكر الذي يدخل من خلال در البول . عدا ذلك  من الضروري   جدا ان تكون الوجبات   الغذائية على ثلاث دفعات  من دون الاكل  دفعة واحدة  خلال العشاء  في العيد   عندها  تكون الكمية كبيرة  ولا  يستوعبها الجسم  عندها نتجه الى البدانة، بينما اذا قسمنا  الوجبات الغذائية  سناكل من كل شي  وبكمية  معتدلة  فالمشكلة  تكمن في الخوف الذي يجعلنا  نأكل بكميات  اكبر بكثير وهائلة  بدل تأمين التغذية المناسبة  للجسم  لان  البدانة لا تكون من وراء ليلة العيد .”

الضغط النفسي سبب كل علّة

بدوره  اعتبرالاختصاصي في العلاج النفسي الدكتور فادي حلبي عبر ال greenarea.info : “ان الواقع الاليم خلال فترة الاعياد  ليس فقط في لبنان بل في العالم  ايضا  فعيد الميلاد على سبيل المثال  في اميركا بات يشكل جزءاً  كبيراً من احد اسباب الاكتئاب نظرا لكثرة الانفصال و الوحدة  كون هذا العيد يرمز الى العائلة  كما وان هناك اشخاص في لبنان  لم يعد عندهم القدرة المادية  نظرا للازمة الاقتصادية  لشراء  الهدايا  عدا الضغط النفسي  الذي يعيشونه قبل العيد كانه استحقاق  بدل ما يكون مشاركة فعلية  بين  الناس كما ان الشريك لم يعد يكتفي بهدية رمزية  في بعض الاحيان حتى غدت فترة الاعياد  شهر ثقيل  ماديا اكثر مما يكون شهر وجداني و الفة ومحبة .”

الى ذلك رأت الاختصاصية في التدريب الحياتية وفي البرمجة اللغوية العصبية الدكتورة دارين داوود مفرج ل greenarea.info :”ان شهر الاعياد  يشكل  ضغطا نفسيا وماديا  نتيجة دفع المستحقات  فيه، مما لم يعد  هناك وقتا لتعزيز الروابط الاجتماعية. لذلك   ننصح بالعودة الى  الحواس الخمسة  التي تجعل  في كل المناسبات الاجتماعية  مميزة تنطبع في الذاكرة  لاننا بتنا نعيش العيد  دون ان نسمع  ونحتفل  من دون ان نرى  وناكل الماكولات  في المناسبات  دون ان نتلذذ بها  مما  تكمن اهمية العودة  لاستعمال الحواس الخمسة  لان وصل الامر ان يحتفل الانسان بالعيد لا يشارك و لايرى ولا يتلذذ،  لذلك لا تنطبع في الذاكرة اي شيء  للمستقبل  من ذكريات جميلة. من هنا نشدد بان نستمتع بالحواس الخمسة عندما نحضر لوزام  العيد او نفرح بالالوان  وفي سماع  ترانيم ميلادية  بكل فرح و ايمان وامل عندها لم تعد الاعياد  قشورا والهدايا تعنينا فنعرف معنى العيد الحقيقي .”

كما وان  الاختصاصي في العلاج النفسي  الدكتور جون كيروز اوضح عبر ال greenarea.info :” عادة  لكي يكون الشخص فرحا ومرحا فيجب ان يكون مرتاحا نفسيا  انما عندما يكون الوضع الاقتصادي  صعب  يشعر حينها الانسان بخطر مما نلمس لديه كثرة النق بشكل متواصل مما يجعله بحالة توتر مستمر ويخف التواصل والتفاهم مع الاخر كل ذلك  يؤثر على العلاقات  الاجتماعية  انما ليس على المدى الطويل لان عندما تعود الحالة مستقرة يعود مجددا الانسان الى التواصل مع الاخرين .”

 

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This