صادف في الثامن عشر من كانون الأول/ ديسمبر، اليوم الدولي للمهاجرين. والهجرة تأخذ أكثر من شكل، فقد تكون داخلية أو دولية. ونظراً إلى أهميتها على الصعيد الداخلي والدولي، فقد لاقت إهتمام المنظمات العالمية، على إعتبار أنّها أحد ركائز التنمية.
الهجرة تنعش الإقتصاد
تربط الهجرة علاقة وثيقة مع التنمية الزراعية، إذ أنّها تؤدي إلى إنتعاش الحركة الزراعية وبالتالي الإقتصادية. وفي هذا السياق، فندت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، بمناسبة اليوم الدولي للمهاجرين، بعض الحقائق التي تساعد على فهم العلاقة بين الهجرة والزراعة بشكلٍ أفضلٍ.
ففي عام 2017، وصل عدد المهاجرين الدوليين إلى 258 مليوناً، مقابل 248 مليوناً عام 2015، و220 مليوناً عام 2010. إلاّ أن العدد الأكبر من المهاجرين، أي حوالي 763 مليون شخص، يتنقلون داخل بلدانهم، سواء من الريف إلى المدن أو إلى مواقع ريفية أخرى. مثال على ذلك ، دول نيجيريا وأوغندا، حيث إرتفعت نسبة الهجرة الداخلية إلى 80%.
في المقابل، تلعب الهجرة دوراً مهماً في كل عملية تغيير دائمة في المجتمع. فقد شكّل المهاجرون العالم الذي نعيش فيه، ودعموا بلدانهم الأصلية والبلدان التي توجهوا إليها. فهم يوفرون قوة عاملة ومجموعة مختلفة من المهارات والمعارف. أما في بلد الأصل، يمكن للهجرة أن تقلّل من الضغط، على الموارد الطبيعية وأن تعزز توزيع العمالة الريفية على نحو أكثر كفاءة.
أسباب الهجرة
كذلك يمكن للمجموعات المغتربة والمهاجرين العائدين، تقديم يد العون للمناطق الريفية من خلال الإستثمارات ونقل المهارات والتكنولوجيا، وتوفير الخبرات الفنية والشبكات الإجتماعية.
بحيث تشكّل التحويلات المالية مصدر دخل إضافي، بالغ الأهمية يساعد مجتمعات المهاجرين، في بلدانهم الأصلية على مواجهة الفقر والجوع.
هناك العديد من الأسباب وراء الهجرة منها القسريّة ومنها الإختيارية. بحيث يضطر عدد متزايد من الناس إلى مغادرة منازلهم، نتيجة للكوارث الطبيعية (كالفيضانات والجفاف والزلازل)، وتغير المناخ والنزاعات والعنف والإضطهاد، وإنتهاكات حقوق الإنسان.
وفي عام 2016، إرتفع عدد النازحين قسراً ليصل إلى أعلى مستوياته، على الإطلاق وبلغ 66 مليون شخص في جميع أنحاء العالم. في حين، ينتقل عدد كبير من الناس لأنّهم لا يرون بديلاً آخراً، غير الهجرة للتخلص من الفقر وعيش حياة كريمة.
وتجدر الإشارة، إلى أنّ ما يقارب 40 في المائة، من الحوالات الدولية تُرسل إلى المناطق الريفية، الأمر الذي يظهر أن نسبة كبيرة من المهاجرين هم من أصول ريفية. وهناك أكثر من 75 في المائة من الناس الذين يعانون من الفقر، وإنعدام الأمن الغذائي يعيشون في المناطق الريفية، ويعتمد معظمهم على الزراعة وسبل العيش القائمة على الموارد الطبيعية.
الفئات الأكثر هجرة
تطال الهجرة كافة الفئات العمرية، إلاّ أنّ هناك فئة الشباب التي تعتبر أكثر ميلاُ للهجرة. فوفق الفاو للهجرة بُعد هام يتعلق بالسن. فأعمار ثلث مجموع المهاجرين الدوليين، من الدول النامية تتراوح بين 15 و35 عاماً.
في حين من المتوقع أن يتضاعف عدد الشباب في العالم، ثلاث مرات ليصل إلى 350 مليون بحلول 2050. ومعظمهم يعيش في المناطق الريفية وغالباً ما يعملون في الزراعة. الأمر الذي يشكّل ضغطاً كبيراً على الإقتصادات الريفية. لذلك فإن ّ الشباب الريفي هو الأكثر ميلاً للهجرة، بحثاً عن فرص أفضل وتحقيق أهدافهم وتطلعاتهم الشخصيّة.
وعلى سبيل المثال، ففي أفريقيا سيدخل حوالي 380 مليون شخص سوق العمل بحلول 2030، بينما حوالي 220 مليون سيكونون في المناطق الريفية.
بينما تحتل منطقة أوروبا وآسيا الوسطى المرتبة الثانية في العالم، في إستقبال المهاجرين 78 مليون مهاجر دولي، من إجمالي 258 مليون مهاجر في جميع أنحاء العالم في العام 2017.
أما فيما يتعلق بالموارد المالية للهجرة، ففي الأعوام الأخيرة، أدّت التحويلات المالية التي يرسلها العمال المهاجرون، إلى أوطانهم لإنتشال ملايين العائلات من الفقر وإنعدام الأمن الغذائي. وقدّرت تدفقات التحويلات المالية داخل المنطقة بمبلغ 44 مليار دولار في عام 2017.
كذلك يتزايد عدد النساء والشباب المهاجرين، وهي إتجاهات ترتكز أساساً على البطالة، في العديد من بلدان المنطقة. إذ تشكّل النساء 52 في المائة من المهاجرين الدوليين في أوروبا وآسيا الوسطى، ويترتب على ذلك آثار مهمة على الديناميكيات الإجتماعية والأسرية، وعلى ضعف فئات الأطفال والمسنّين والمعوّقين.