Humanitrian aid, not for sale هذه العبارة مكتوبة باللغتين العربية والإنكليزية على جميع المساعدات الغذائية وغير الغذائية، التي تقدمها منظمة الصليب الأحمر الدولي (بالتعاون مع منظمة الهلال الأحمر السوري)، لجميع منكوبي الحرب، المُهَجَّرِينَ وَالمُشَرَّدِينَ, ، وربما ذات الجملة مكتوبة أيضاً، على كل المساعدات التي تصل الى مَنْكُوبِي الحرب في اليمن.
منكوبو الحرب، هؤلاء يمثلون الجزء الحي من الخسائرالفظيعة التي تَسَبَّبَتْ بها الحرب التي شنها التحالف الاِستِعمارِيُّ,، تحت راية الديمقراطية وحقوق الإنسان وغيرها، يمثلون الجزء الصعب في عملية إعادة إعمار سوريا، فالجزء الآخر الذي يشمل البنى التحتية وغيرها من مرافق الحياة، ستتراوح كلفة إعادة إعماره بين 300 و400 مليار دولار، ، ولن تدعم واشنطن وحلفاءها أياً من جهود إعادة الإعمار في سوريا ولا التعاون مع الحكومة السورية، حسبما أعلن الممثل الخاص لوزير الخارجية الأميركي لشؤون سوريا، “جيمس جيفري”.
ذاته جيفري هذا عارض في العام 2011 إنسحاب القوات الأمريكية من العراق، إذ اعتبر يومها أنّه “من دون وجود بصمة على الأرض عبر بقاء القوات الأمريكية، فأنّ تأثير أمريكا ونفوذها سيتحجّم لمصلحة إِيرَانَ”، وهذا خَوْفٌ واضِحٌ مِنْ تَحَجُم قُوَّةُ أَصدِقاءَ “إِسْرَائِيلَ” لِمَصْلَحَةِ أَعْدَائِهَا(إيران والمقاومة الوطنية).
جيفري، يعمل اليوم بعد أنّ غرقت بلاده في مستنقع الحرب السورية، وبعد أنّ أدركت حكومة بلاده أنّها خارجة من هذه الحرب لا محالة، على فرض معادلة خروج القوات الأميركية من سوريا، مقابل الحصول على امتيازات أمنية (لمصلحة “إِسْرَائِيلَ”)، وأعلن عن ذلك بتصريحاتٍ مبطنةٍ مفادها: ” نحن لا نحاول التخلّص من الأسد، نريد أنّ نرى نظاماً مختلفاً جوهرياً، وأنّا لا أتحدث عن تغيير النظام، نظام مختلف… لا يدعم الإرهاب ولا يستخدم الكيميائي، كما لا يهدد الأمن الإقليمي”.
فَالرَّجُلُ لَمْ يَقُلهَا صراحَةً أنّهم يسعون لحماية أمن “إِسْرَائِيلَ”، إلا أنّه أشار الى خوفه على الأمن الإقليمي، وكون سوريا إقليمياً، تعتبر تهديد عملي، علني وصريح للكيان الصهيوني، وبالتالي هدفه واضح، وخوفه في مكأنّه.
رَجُلٌ بحجم جيفري، (يظهر اليوم بصورة دبلوماسي ورجل سياسة، بينما حقيقته جزار حرب، فهو ضابط سابق في سلاح المشاة الأمريكي وقد خدم في ألمانيا وفيتنام بين عامي 1969 و 1976. كما عمل مساعداً للرئيس الأمريكي ونائب مستشار الأمن القومي في إدارة جورج دبليو. بوش حيث كانّ يُركز بشكل خاص على إِيرَانَ) لا يُصرِح عبثاً أنّ : بلاده تتفهم حساسية تركيا من وجود “الوحدات” الكردية على حدودها “بما يشابه مخاوف “إِسْرَائِيلَ” من وجود حزب الله، والسعودية من وجود الحوثيين”، فالعقل العسكري لهكذا شخص يشير حتماً الى أعداء “إِسْرَائِيلَ” الحقيقين.
اليوم، وبعد أنّ حولَّت بلاد “جيفري” القَاتِلُ الصَّامِتُ، شرق الفرات السوري وبالتحديد محافظة الرقة (تبلغ مساحة محافظة الرقة السورية حوالي عشرين ألف كيلو متر مربع، اي ما يعادل 11% من مساحة سوريا وضعف مساحة لبنانّ)، الى مركز للحرب، حيث يريد الجميع المشاركة في معركة شرق الفرات، ربما لأنّها الختامية والنهائية، حتى أنّ بعض القوى تُراهن على إنّهائها بالضربة القاضية، وعلى الرغم من أنّ “نتنياهو لايزال يقف إلى جانّب مصنع إنّتاج القنابل النووية ويهدد إِيرَانَ بالإبادة”، يَمْتَطُونَ مَمَالِكَ الرِّمَالِ فِي الخَلِيجِ العَرَبِيُّ, مُخيفَينِ إِيَّاها بِالمَدِّ الإِيرَانيِّ, مُستَمِرَّينِ في نهب مِلْيَارَاتِ الدُّولَارَاتِ وَتَحْوِيلُها إِلَى ميزانيةِ الحروبِ التِي تَخدُمُ “إِسْرَائِيلَ”.
سياسة القوى الإستعمارية، التي كانت سابقاً في السِرِّ، اليوم عَلَانِيَّةٌ,، معادلتها تنص على أنّ كل الحروب يجب أنّ تصب في خدمة الكيان الصهيوني، ويجب أنّ تمولها دول الخليج العربي، وستشن حتماً تحت راية حقوق الإنسان والحريات وغيرها من بروباغاندا العولمة المتوحشة.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم: سورياً، من سيقوم بإعادة إعمار كل هذا الخراب الرهيب، الذي يخدم “إِسْرَائِيلَ”؟ ومتى سيحدث ذلك؟، وماهو الثمن؟…الجواب رهن التوازنات الدولية، والشعب السوري يدفع الأثمان.