على ما يبدو‘ فإن تداعيات التغيرات المناخية اقتربت من لبنان بشكل كبير جدا، وباتت تهدّد الرمز الأساسي للوطن، فقد استخدمت شجرة الأرز في مجالات عدة بدءا من الملك سليمان الذي بنى بها معبده في القدس، ووصولا إلى الفينيقيين الذين اعتمدوها في صناعة السفن، وصناعة الورق لدى المصريين القدماء.
وعاشت شجرة الأرز في لبنان منذ آلاف السنين، لكن حماة البيئة الآن، يحذرون من أن هذه الأشجار المعمرة تواجه أكبر تهديد لوجودها، وهو التغير المناخي.
وشهدت محمdة أرز الشوف في جنوب العاصمة اللبنانية بيروت، خلال هذا الأسبوع إزالة الجذوع السوداء التالفة واستبدالها بأشجار صغيرة في حالة جيدة لتعوض تلك التي ماتت.
وينمو الأرز في لبنان ومجموعة من البلدان الأخرى في حوض البحر الأبيض المتوسط، حيث يعرف الطقس بالمطر شتاء والدفء صيفا، لكن تغير المناخ جعل هذه المناطق تشهد فصول صيف أكثر حرارة وشتاء أكثر جفافا.
وخلال فترة الخمسينيات، تشهد المنطقة أمطارا أو ثلوجا لـ 100 يوم في السنة أو أكثر، وتبقى درجات الحرارة منخفضة نسبيا خلال فصل الشتاء لعدة أشهر.
ومع ذلك، شهدت فصول الشتاء في السنوات القليلة الماضية ما بين 40 إلى 50 يوما ممطرا أو هطول ثلوج، وفي الوقت نفسه، ارتفعت درجات الحرارة بمعدل 2 درجة مئوية.
وأصبحت الجبال، على غير المعتاد، دافئة خلال شهر ديسمبر من كل عام.
وقد حفزت الأرض الحارة زيادة أعداد حشرات “عديمة الخصر” أو كما تعرف باسم “الدبور المنشاري”، والتي تحفر جذور أشجار الأرز، وتسبب انهيارها.
وبينما بدأت اليرقات تظهر لأول مرة في التسعينيات، لم يلاحظها أحد من قبل، وقال نبيل نمر، عالم الحشرات والغابات، في تصريح لصحيفة “تلغراف”: “تغير المناخ يؤثر بشكل أساسي على بعض الآفات الحشرية التي تتغذى على أشجار الأرز، حيث تستفيد من ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض فترة الثلوج، ما يجعلها تتكاثر بشكل أكبر”.
وأشار نمر إلى أن هذه الحشرات تستهدف الأشجار الأصغر سنا والتي تتراوح أعمارها بين 20 إلى 100 عام.
وأضاف: “في العام الماضي، جفت 170 شجرة تماما وماتت. وكان الأمر أشبه بنيران دمرت الغابة”.
المصدر: تلغراف