اختلفت التسميات والنتيجة واحدة، برد وصقيع، أمطار وثلوج، ربما تكون قد حلّت البركة مع بداية هذا العام بعد الأحاديث المطوّلة عن شبح الجفاف الي بات يحوم حول مختلف الدول العربية ومنها لبنان، بسبب التغيرات المناخية وامتداد فترة الحر مترافقة مع درجات حرارة مرتفعة..
في ظل المنخفض الجوي الذي تشهده المنطقة، تجمع مختلف المواقع المعنية برصد أحوال الطقس على استمرار العاصفة إلى مساء الأربعاء لتتحوّل جليداً وصقيعاً في نهاية الأسبوع.
فمصلحة الأبحاث الزراعية تشير إلى منخفض جوي فوق تركيا يدفع برياح شمالية باردة جداً قادمة من القطب الشمالي عبر اوروبا الشمالية والشرقية الى تركيا فالشرق الاوسط مما يتسبب بمنخفض جوي أطلفت المصلحة عليه اسم ” غطاس ” يؤثر على ليبيا، مصر، فلسطين المحتلة، الاردن، سوريا، شمال المملكة العربية السعودية ولبنان. يستمر تأثير المنخفض ” غطاس” على لبنان لغاية الخميس 10/ 1/ 2019 ليحل محله صقيع وبرد قارس- يرافق ” غطاس” رياح قوية جداً، امطار غزيرة، برق ورعد، سيول، تساقط برد وثلوج الى 900 متر والبقاع والاربعاء 9/ 1/ 2019 الى 800 متر وربما أقل.
في المقابل، يفيد الأب ايلي خنيصر المتخصص في الأحوال الجوية عبر صفحته على “فيسبوك” ان سماكة الثلوج تخطّت المتر على الجبال التي تعلو 1600 متر وبقيت اعتيادية على المرتفعات المتوسطة 900/1100 بسبب تلاعب درجات الحرارة بين الصفر والثلاثة درجات، اذ تأثرت برياح دافئة متسربة من سيناء ظهر الإثنين فارتفعت الحرارة بمعدل درجة ونصف، الأمر الذي سبب تساقطاً للأمطار ، قبل ان تشتد البرودة مساءً وتشهد المناطق الجبلية التي ترتفع عن 900 متر غزارة في الثلوج.
وفي التفاصيل، ينشط اليوم التيار النفاث Jet stream ويغطي لبنان بامتياز، وسوريا وفلسطين وشمال الأردن ويدعم السحب الركامية القادمة من قبرص، بنسب عالية من الرطوبة ما يزيد ويضاعف نسبة الهطولات والتراكمات الثلجية بين لبنان وفلسطين وسوريا وشمال الأردن، لتتحوّل الى طوفانية مصحوبة بعواصف رعدية متفرّقة.
وبسبب انخفاض الضغط الجوّي الى 1008hpa فوق المنطقة ستتدفق رياح قوية من المرتفع الآزوري الذي وصلت قيمه المرتفعة فوق الجزائر الى 1028hpa، ستدفع معها الكتلة القطبية المتمركزة فوق اليونان نحو الحوض الشرقي للمتوسط ما يزيد في برودة الطقس وتدني درجات الحرارة بشكل سريع اعتباراً من الساعة الثالثة بعد الظهر فتتساقط الثلوج الغزيرة على 800/900 متر وسرعان ما تصل مع تقدم الساعات الى 700 متر و600 متر في بعض المناطق البقاعية والشمالية، اضف الى سرعة في الرياح وارتفاع موج البحر الى 7 امتار، وتجدر الإشارة الى ان المناطق ما دون الـ 900 متر لن تشهد تراكمات ثلجية الاّ حين تتراجع سرعة الرياح التي ستلامس 70 كلم على الجبال و 105 كلم على الساحل، بينما تتضاعف نسبة التراكمات الثلجية على الجبال ما فوق 1200 متر وتشكّل المناسف، باختصار: أنفاق ثلجية سيشهدها لبنان بعد انحسار العاصفة.
يستمر تساقط الثلوج لغاية بعد ظهر الأربعاء ويتحوّل الطقس الى جليدي في ساعات الليل، هذا وستغطي الثلوج جبال فلسطين والأردن التي تعلو 800 متر بسبب تعمّق الجبهة القطبية كل مناطق الشرق الأوسط.
لكن ماذا في الأفق؟
ينحرف العملاق الأطلسي من جنوب غرينلاند نحو شرق اوروبا وشمال البحر الأسود وتنهار قيم ضغطه الى 965hpa، انه المنخفض الإيسلاندي الذي سيهزّ شرق اوروبا وغرب روسيا والشرق الأوسط بالضغوط المنخفضة التي ستصب فيها العواصف الأطلسية بشكل متتالي ومستمر خلال هذا الشهر، تترافق مع نزولات قطبية بين الحين والآخر، الأمر الذي سيحطم ارقاماً قياسية في نسب الهطولات والتراكمات الثلجية على الجبال اللبنانية، التي ستتخطى هذا الشهر الـ 8 امتار على ارتفاع 2200 متر.
يسمّي البعض هذه المنخفضات الجوية بالعواصف غير المسبوقة، ومنهم من يتخوّف من فيضانات تشبه ما يحص في بلاد الغرب، لكن الواقع يشير إلى أن لهذا الشهر مكانته في فصل الشتاء الذي لطالما تخلله العواصف والمنخفضات الجوية الباردة، وبالتالي فهذه الفترة هي الاكثر برداً وشتاءاً من الفصل المذكور، الا أن مرور سنوات خمس أو ست دون أن يشهد لبنان شتاءاً فعلياً جعل الناس يتخوّفون من منخفضات جوية أقل ما يقال عنها أنها طبيعية في هذا الوقت من السنة.