لطالما شكّلت السياسة أساس الحروب في العالم، إلا أنها في الفترة الاخيرة تحوّلأت لتصبح بيئية أكثر منها سياسية، وبالتالي فإن الموارد الطبيعية التي تتناقص في شكل متسارع في السنوات الاخيرة، باتت تحتل موقعاً متقدماً في الخلافات بين الدول وخصوصاً في العربية منها. الأمر الذي ينذر بمعارك عالمية قد تكون طاحنة، خصوصاً في ظل ارتفاع نسبة تداعيات التغيرات المناخية وفقدان نسب كبيرة من موارد البلاد الطبيعية.

شكّلت هذه المعضلة محور نقاش في مجلس الامن الدولي، إدراكاً من المشاركين فيه بأن تغير المناخ هو عامل رئيسي في مضاعفة التهديدات متعددة الأوجه في كل أنحاء العالم،  وقد تمحور الحديث حول التأثير الملموس للظاهرة على حالة الأمن والسلام، والطرق الفاعلة لتقليل آثار ظاهرة الاحتباس الحراري.

تأتي هذه الجلسة بعد شهرين فقط من توافق المشاركين في مؤتمر المناخ في بولندا على برنامج عمل اتفاق باريس، الذي يهدف إلى الحفاظ على الاحترار العالمي تحت حد الـ 1.5 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية.

وفي معرض كلمتها في الجلسة المفتوحة، قالت وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية روزماري دي كارلو إن “هذه الاتجاهات تمثل خطرا أمنيا على العالم بأسره، ولكن يُشعر بها بقوة أكبر في المناطق المعرضة بالفعل للخطر”.

وتطرقت دي كارلو إلى تأثير تغير المناخ على السلام والأمن بطرق غير مباشرة ولكن جادة. ففي منطقة الساحل على سبيل المثال، أدت المنافسة على الموارد إلى تغذية التوترات بين الرعاة والمزارعين، كما أشارت. وفي حوض بحيرة تشاد أدى الجفاف إلى تقليص الفرص الاقتصادية وتهديد سبل كسب العيش للكثيرين، مما دفعهم إلى اللجوء إلى الجماعات المسلحة.

وقالت وكيلة الأمين العام إن المجلس “قد أدرك الآثار الضارة لتغير المناخ، من بين عوامل أخرى، على استقرار مالي والصومال وغرب إفريقيا والساحل ووسط أفريقيا والسودان”.

وأكدت دي كارلو أمام المجلس أن الأمم المتحدة تكثف جهودها للتصدي للمخاطر الأمنية المرتبطة بالمناخ، وتستفيد من شراكاتها مع الدول الأعضاء والمجتمع المدني للتصرف بشكل عاجل بشأن هذه المشكلة الجماعية. وقالت:

“الأمين العام، من جانبه، قد أوضح رؤية واسعة للوقاية وجعلها أولوية لتحسين قدرتنا على معالجة الضغوط والصدمات واسعة النطاق، التي يمكن أن تفاقم الأزمات وتؤدي إلى صراعات عنيفة”.

كما لفتت دي كارلو انتباه أعضاء المجلس إلى التشريد المرتبط بالمناخ كمشكلة حادة تؤدي إلى التوتر المحلي، فضلا عن الاتجار بالبشر واستغلال الأطفال.

تحدث في الجلسة أيضا كبير علماء المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بافيل كابات، الذي أشار إلى العديد من التأثيرات الأمنية لتغير المناخ، من تراجع المكاسب في مجال التغذية والحصول على الغذاء، إلى زيادة خطر حرائق الغابات وتفاقم تحديات جودة الهواء وزيادة احتمال حدوث نزاعات على المياه، بما ينذر بمزيد من النزوح الداخلي والهجرة.وشدد على ضرورة التعامل مع تغير المناخ “باعتباره تهديدا للأمن القومي”.

وكون تغير المناخ يشكل تهديدا خطيرا للجزر المنخفضة مثل جزر المالديف، حيث تقترب اليابسة من مستوى سطح البحر، استمع أعضاء المجلس كذلك إلى وزير خارجية جزر المالديف عبد الله شهيد، الذي تحدث عما تتعرض له بلاده من فقدان للمصادر الحيوية لسبل كسب العيش:

“تغير المناخ يدمر بلدنا الجزري الصغير لسنوات. إنه يقلص شواطئنا ويقتل الشعاب المرجانية التي تحمي جزرنا ويلوث مياهنا العذبة بمياه البحر. إننا نفقد مخزوننا من الأسماك. ولكن الأهم من ذلك، إن تغير المناخ سيأخذ وطننا منا.”

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This