هل تعلم ان قلة التهذيب تعتبر جرثومة اجتماعية تهدد مجتمع بكامله بانهيار القيم الاخلاقية ؟ كما وانه تبين انها اذا دخلت في جو العمل قد تؤثرعلى الانتاجية عند الموظف وبالتالي على كاهل الاقتصاد ؟ كل ذلك بات محور الاهتمام العالمي في الحد من انتشارها وخلق حوافز ايجابية لزيادة الانتاج وتعزيزالاقتصاد ؟ فالمجتمع السليم له قواعده فالى مدى لبنان لا يزال يحافظ على القيم الاخلاقية دون شرعنة الاخلاق بحجة الشاطر الذي يمشي عكس السير في السلم الاجتماعي؟
القوي في تهذيبه
امام هذا الواقع الاجتماعي الدقيق و الاليم على جميع الاصعدة كان للاختصاصية في علم النفس الدكتورة ديزيريه قزي رأيا تحدثت بالتفاصيل حول كيفية تعامل الانسان مع الاخر وفق سلم الادبيات الاخلاقية وان تخطيها يؤثر سلبا على نمط حياته سواء في العمل ام المنزل ام في المجتمع ككل مما قالت ل greenarea.info :” لا شك ان تاثير كل من الحرب والازمة الاقتصادية لهما تاثير على تصرفات اللبنانيين، فغدت قلة التهذيب آفة نعاني منها كثيرا سواء في المدارس حيث بتنا نرى ولدا يستهزىء بالاخرين او مجموعة من الاولاد يستهزئون بولد اخر لدرجة قد يؤدي ذلك الى حالات انتحار بشكل كبير نتيجة التحرش اللفظي و التنمر و الاساءة له حول شكله او نظاراته او انه بدين كثيرا لا يستطيع ان يعمل رياضة. واذا لم يكن ناجحا يقال عنه غيرنافع عدا ذلك مدى تأثير رب العمل على موظفينه في توجيهه لهم الانتقادات اللاذعة لكي يظهر انه الرئيس الفعلي في العمل كلي القدرة وانه يعرف اكثر منهم معتقدا في ذلك انه يزيد فيهم الحماس اكثر لزيادة الانتاج بشكل افضل.. ولكن الحقيقة هي عكس ذلك كون هذه الطريقة المتبعة تقلل من حماسهم في العمل كذلك في المنزل فكم من المرات نجد افراد في المنزل يتعاطون مع بعض بفوقية.
لذلك نشدد دائما على وجود مسافة بين الشخصين والمزيد من الاحترام حتى ولو الكلام سلبي من الافضل ذكره بايجابية وهذه النقطة نركزعليها كثيرا لان الاطار الايجابي يزيد من التحفيز والعطاء سواء في العمل او بين افراد العائلة. فالاهم في ذلك ان يشعر الانسان بفعاليته واهميته في العمل على سبيل المثال لان هذا الشيء يدفعه الى العطاء اكثر خصوصا عند خلق الحوافز والامر نفسه ايضا في العائلة عندما يشعر اي فرد من العائلة انه هناك من يسمعه سواء الطفل كاحترام رايه وكذلك بين الشريكين في سماع اراء بعضهما تلك الامور مهمة اذا ساد التهذيب والاحترام بين الاهل تنقل هذه الصورة الى الاولاد ليكونوا مثل اهلهم في تصرفاهم.”
والجدير ذكره حسب ما اوضحته الدكتورة قزي :” لا بد من التوقف عنده انه ليس صحيحا ان الشخص الجيد والصادق لا يصل الى اهم المراكز فقط الشخص السيء يستطيع ان يحقق ما يريده هذا المفهوم خاطيء اثبت من خلال الدراسات التي برزت ان الشخص الطيّب هو صاحب الثقة لانه يوحي بالطمانية هذه المسالة ضرورية نركز عليها وهو الاجدر ان يصل الى المركز في العمل الذي يطمح عليه فالقوي هو الذي يحافظ على تهذيبه واحترامه للاخر اما الضعيف فهو الذي يلجا الى الكلمات النابية للاخر كونه يعتبره منافسا له او يهدد له وجوده ومركزه خوفا من ان يكون مكانه في العمل وهذا ما نلاحظه في عدة حالات حتى داخل الاسرة بين الاخوة عندما تسيطر الغيرة في ما بينهم فالانسان القوي يكون المدعوم داخليا يريد الخير للجميع وعنده الثقة بالنفس لا يهدم غيره بل يعطيه الامان كونه لا يخاف منه اي ينشر الايجابية حوله ، بينما الشخص الذي ليس عنده ثقة في النفس وتقييم للذات يرمي كل ما هو سلبي حوله فالاسف بات الاشخاص السلبيين كثر في المجتمع اكثر من الايجابيين .”
شرعنة الخطأ
الا ان اهم ما ذكرته الاختصاصية في علم النفس الدكتورة ايفي شكور بانه بات هنالك ما يسمى شرعنة الخطأ حيث قالت ل : greenarea.info ” اذا عدنا الى الوراء وتذكرنا الحروب التي حصلت وأدّت إلى تغييرات كتيرة اثرت على طبيعة العلاقات الاجتماعية بين الناس ونتج عنها قلة التهذيب خصوصا عندما يكون هناك تفكك في الاسرة وادوار الاهل سواء الام ام الاب غير معروفة عدا ذلك عندما نسرق عادات الغرب ونطبقها بطريقة خاطئة عندها تختلط الامور ببعضها البعض لندخل بشذوذ اجتماعي بمعنى اذا حصلت السرقة لم تعد تهز احد لدرجة بات هناك تقبل لهذا الخطأ بشكل طبيعي ليصبح مقبولا مشرعا حيث ان القانون يكون مكسورا والخطأ يصبح مسموحا مما يؤدي الى قلة التهذيب نتيجة تراجع في الاداء الاجتماعي الذي وصلنا اليه اي تقبل الخطأ لدرجة تشريعه .”
ليس هناك من تربية
الى رأي المعالجة النفسية ثريا عبيد التي اعتبرت ان تاثير العبارات غير اللائقة لها مردود سلبي بين افراد المجتمع مما قالت ل greenarea.info :” ان عبارات قلة التهذيب موجودة عند فئة كبيرة من الناس مرد ذلك انه ليس هناك من تربية خاصة اذ انه عندما يعيش الانسان مع الاخر بجو من قلة التهذيب وسوء المعاملة والكلام السيء كل ذلك يؤدي الى الشعور بالسلبية لدرجة الانهيار النفسي وهبوط من عزيمته كونه يتاثر سلبيا من الكلام المؤذي و المزعج مما ينعكس ذلك على انتاجه لان الانسان يعمل وينتج من خلال الحوافز الايجابية فعند الكلام المؤذي تقتل معنوياته وتتراجع فلا يعمل بشكل جيد.”
الضغوطات ارتفعت وهزت المجتمع
في المقلب الاخر يبقى السؤال يطرح نفسه : الى اي مدى سيظل المجتمع متماسكا وسط الانحدار المتسارع في الاخلاق ؟
كان للاختصاصي في علم الاجتماع محمد بدرا توضحيا حول ابرز النقاط التي تدفع بالانسان الى سوء التصرف مع الاخر حيث قال ل greenarea.info :”ان العامل البشري في التعامل مرتبط بشخصية الشخص بحد ذاته وكلما ازدادت ضغوطات العمل كلما ازدادت المسؤوليات كلما تحول سوق العمل الى سوق راسمالي هدفه التنافس والربح العالي مما يتم الضغط على الموظفين لزيادة الانتاج . هذا الجو الضاغط يولد مزاج سيء على سبيل المثال عندما يشعر المدير بضغط العمل لا يستطيع حمله لوحده مما يوزعه على الهرم التنظيمي من أعلى إلى اسفل لتتوزع نسبة الضغط التي يعاني منها المدير على مجموعة من الموظفين الموجودين في هذا الهرم كل واحد حسب مسؤولياته ومركزه مما يفقد احيانا مهنيته في التعامل مع الاخر لادنى منه مستوى ويعامله بقلة تهذيب او بغير حرفية او مهنية كونه يتعرض لضغوطات هائلة لان مطلوب منه زيادة الانتاج .”
و تابع بدرا :” ان كل تواصل ايجابي يتطلب عدة ركائز منها المستقبل ومرسل الرسالة واداة الاتصال عندما لا يكون هناك اتقان صحيح لهذه الوسائل وايضا التواصل اللفظي والسمعي والجسماني عندها ترسل الرسالة مشوهة للاخر . فاساس التواصل الايجابي هو الاخلاق بغض النظر عن طبيعة الاخلاق في المجتمع، المهم اختيار الوسائل والعبارات المناسبة والوقت المناسب للتواصل انما الجو العام المشحون في البلد المليء بالتوتر سواء سياسي ام مالي وعدم الاستقرار والقلق من المستقبل مما يشعر الانسان بالتهديد الدائم سيؤثر على الاخر بالتهجم عليه عند التواصل معه فنحن نعيش في مجتمع فيه نسبة قلق مرتفعة جدا تجعل الانسان يشعر باللا أمان الذي ينعكس في العلاقة مع الاخر مبنية على التوجس و الخوف والقلق . مع ذلك نجد انه ليس هناك رؤية اجتماعية مشتركة وطنية او في هيئة ناظمة للعلاقات بين البشر لان ليس هناك من قانون واضح ينظم العلاقات بين الافراد انطلاقا من ذلك نشدد على خطة تربوية شاملة لتنشئة الجيل بشكل مختلف مبني على الحوار والثقة المتبادلة والتواصل الايجابي وتقوية سلطة القانون لتظيم المجموعات في المجتمع .”
الى ذلك اوضح الاختصاصي في علم الاجتماع والنفسي الدكتور عبدو قاعي ل greenarea.info :” للاسف لم نذهب الى التقدم في انسانية المجتمع بل الى التأخر في كيفية ان نستغل بعضنا اكثر في ظل جهل في المجتمع و البحث عن المادة حيث باتت هذه الاخيرة لها الغلبة .”