توقّع مكتب الأرصاد الجوية ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بمُعدّلات شبه قياسية في العام 2019، وذكرت صحيفة “الغارديان” البريطانية أن هذا الارتفاع مدفوع بمواصلة حرق الوقود الأحفوري وتدمير الغابات، وسيكون مرتفعا بشكل خاص في العام 2019 بسبب عودة متوقعة نحو ظروف جوية تشبه ظاهرة النينيو، ويتسبب هذا التنوع المناخي في حدوث حالات دفء وجفاف في المناطق الاستوائية، مما يعني أن نمو النباتات التي تزيل ثاني أكسيد الكربون من الهواء واقعة تحت قيود.
ولم تكن مستويات الغازات الدفئية مرتفعة مثل اليوم منذ 3-5 ملايين عام، حين كانت درجات الحرارة العالمية أكثر دفئا بنحو 2:3 درجات مئوية، وكان مستوى سطح البحر أعلى من 10:20 مترا، لذلك تجب زيادة الإجراءات المناخية بمقدار 5 أضعاف، للحد من ارتفاع درحات الحرارة 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة التي ينصح بها العلماء، وفقا إلى الأمم المتحدة، لكن الأعوام الأربعة الماضية كانت الأكثر سخونة على الإطلاق، كما أن الانبعاثات العالمية ترتفع مرة أخرى بعد فترة توقف قصيرة.
وقال البروفيسور ريتشارد بيتس، من مكتب الأرصاد الجوية في مركز هادلي: “بالنظر إلى الأرقام الشهرية يبدو كما لو أنك تستطيع رؤية تنفس الكوكب، إذ تنخفض مستويات ثاني أكسيد الكربون، وترتفع مع الدورة الموسمية لنمو النباتات والتحلل في نصف الكرة الشمالي”.
وأضاف: “يعد الرسم البياني شيئا من الجمال، لكنه تذكير قوي بتأثير الإنسان على المناخ، إذ في كل عام تزيد نسبة ثاني أكسيد الكربون على العام السابق، وهذا سيظل يحدث حتى يتوقف الإنسان عن إضافة ثاني أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي”.
وقال البروفيسور نيك أوستل من جامعة لانكستر: “هذه الأخبار مثيرة للقلق وملحة، فهي تمثل دعوة للابتكار باستجابات سريعة وجذرية لتعويض هذه الانبعاثات المتزايدة، فهناك حاجة إلى تقليل استخدام الوقود الأحفوري، وإزالة الغابات والانبعاثات من المواشي، إنه تحدٍّ كبير لكنّ هناك فرصا حقيقية لإحداث تأثير فردي وعلى الصعيد العالمي”.
ويتمتّع مكتب الأرصاد الجوية بسجل جيد للتنبؤ بمستويات ثاني أكسيد الكربون على المستوى العالمي، إذ يتنبأ بأن متوسط الارتفاع خلال عام 2019 سيكون 2.75 جزءا في المليون، وهذا من شأنه أن يضعها بين أعلى الارتفاعات السنوية في 62 عاما منذ أن بدأت السجلات الجيدة.
كانت سنوات النينيو القوية في عامي 1998 و2016، حيث في العام 2016 كان الارتفاع 3.39 جزءا في المليون، لكن من المتوقع أن يكون أعلى هذا العام.
وتحدث ظاهرة النينيو حين يتحول المحيط الهادئ الاستوائي إلى مرحلة دافئة، مما يؤدي إلى جعل العديد من المناطق أكثر دفئا وجفافا، وتعد الأشجار والنباتات أحواضا طبيعية للكربون لأنها تمتص ثاني أكسيد الكربون أثناء نموها، ويحد ذلك من ظاهرة النينيو لسنوات، وقال بيتس: “نتوقع هذا العام أن تكون هذه المصارف الكربونية ضعيفة نسبيا، لذا فإن تأثير ارتفاع الانبعاثات البشرية سيكون أكبر من العام الماضي”.
ويتوقع مكتب الأرصاد الجوية بأن متوسط نسبة ثاني أكسيد الكربون في عام 2019، 411 جزءا في المليون، ومن المتوقع أن تصل المعدلات الشهرية إلى 415 جزءا في المليون في مايو / أيار، قبل أن يخفض موسم النمو بشكل مؤقت المستويات إلى 408 جزءا في المليون في سبتمبر/ أيلول، عندما يبدأ ثاني أكسيد الكربون في الارتفاع مرة أخرى.
وأكد البروفيسور خوسيه بارلو، من جامعة لانكستر، على أن التدمير المتزايد للغابات يشكل مصدر قلق بالغ، وقال: “كان هذا عاما سيئا للغاية، ارتفع معدل إزالة الغابات في منطقة الأمازون البرازيلية، إلى نحو 8 الآلاف كيلومتر مربع في عام 2018، وهناك أيضا مؤشرات مقلقة على أن إزالة الغابات تحدث بمعدل أسرع في بلدان منطقة الأمازون الأخرى، مثل كولومبيا وبوليفيا وبيرو”.