شهدت وزارة البيئة اليوم، عملية التسليم والتسلم بين الوزير السابق طارق الخطيب والوزير الجديد فادي جريصاتي، بحضور المدير العام للوزارة برج هتجيان وعدد من المستشارين في الوزارة.
الخطيب
بداية رحب الخطيب بخلفه، وقال: “في البداية أود أن اشكر فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لاختياري كوزير من حصته لوزارة البيئة، وأود أن اشكر رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل الذي زكى اختياري ورعى مسيرتي على مدى سنتين وشهر وأيام عدة. وأشكر دولة رئيس مجلس الوزراء وكل الزملاء الوزراء على هذه الفترة من التعاون بيني وبينهم طيلة هذه المدة، وأشكر فريق العمل في الوزارة على جهوده وثباته وصموده في وجه أزمات متراكمة منذ عشرات السنين من الانتهاكات والجرائم البيئية التي حدثت في وجهنا، ولكن نحن أبناء تيار سياسي معتاد على مواجهة الصعاب ومعتاد على مواجهة الامور بشفافية وقدرة وثبات. وأود القول بعد سنتين وشهر وأيام عدة، إنني توليت وزارة لا ينكر أحد من الشعب اللبناني إنها من أصعب الوزارات، والمهام الملقاة على عاتقها من أصعب المهمات”.
أضاف: “أخرج من الوزارة مرتاح الضمير ومرفوع الرأس وتعاطيت بكل المسائل مهما كانت صغيرة أو كبيرة بما تربينا عليه في مدرسة التيار الوطني الحر. لم أنجح نجاحا كاملا ولكن أيضا لم أفشل، ضميري في الملفات التي قاربتها مرتاح، حاولنا وجاهدنا وحاربنا عمل تغيير، استطعنا ذلك في أمكنة وفي أمكنة أخرى لم نستطع لظروف مادية وسياسية، ليس عيبا ابدا القول أين استطعنا الانجاز وأين لم نستطع، والحكم في النتيجة للشعب اللبناني”.
وتابع: “ما استطعنا فعله في وزارة البيئة لم يعمل سابقا، وقد سبب مشاكل نتيجة عدم مقاربة. اليوم معالي الوزير جريصاتي يترأس الوزارة وبات لديه قانون الادارة المتكاملة للنفايات واقرار خطة استراتيجية تعالج الازمات على مدى بعيد تفاديا لعدم الوقوع في أزمة كل سنتين أو ثلاث. عملنا سياسة مستدامة عمادها اللامركزية، حاورنا البلديات والجمعيات البيئية، ولا أريد إطالة الشرح حرصا على الوقت وأعرف أن معاليه يحسبها بقيادة ربان حريص ولديه كل المؤهلات لمعالجة المشاكل. وأناشد الاطراف السياسيين التخلي عن الصراعات السياسية والنظر الى البيئة كقضية وطنية. كما أناشدهم وضع الامكانات التي تتيح له النضال، فلا يمكن ربط يديه ورجليه والطلب منه القفز”.
وختم “أنا لا أعتبر نفسي مغادرا، بل أعتبر نفسي ممثلا بك، ونحن الى جانبك وامامك وبتصرفك ونجاحك هو نجاحنا. وأكرر الشكر للعاملين والعاملات في الوزارة. وإذا كنت أخطأت بحق أحد، فأعتذر علنا على كل خطأ صدر مني”.
جريصاتي
بدوره، قال جريصاتي: “أبدأ بشكر زميلي ورفيقي في النضال الوزير طارق الخطيب هو وكل فريق العمل، وإن ما فعله بالامكانات التي كانت موجودة لديه لا أعتقد أنه كان بالامكان عمل أكثر من ذلك. لقد عمل من كل قلبه للبلد وللوزارة، وكما قال يخرج بالتأكيد ورأسه مرفوع لأن لا فساد على يديه وبالتأكيد ليس لديه نقص في الوطنية، ونحن متخرجون من ذات المدرسة. وهذه مناسبة لأشكر فخامة رئيس الجمهورية الذي بكل فخر أنتمي الى مدرسته وتياره وتتلمذت على يديه، والشكر الاكيد لرئيس تياري الرئيس جبران باسيل الذي منحني ثقة كبيرة جدا لتحمل هذه المسؤولية. قلت إن وزارة البيئة ليست تكريما ولا تشريفا، فنحن نرث كرة نار كبيرة جدا وهذه مسؤولية اعتدنا تحملها في كل حياتنا، وفي الاوقات الصعبة التي كانت تتطلب رجالا كنا موجودين، والوزير الخطيب كان من هؤلاء الرجال تحمل المسؤولية ولم يهرب يوما، سلمني مؤسسة موجودة وفاعلة مع كل فريق العمل. وهنا أوجه تحية لكل فريق العمل على تعبه خلال هاتين السنتين، وأعرف أنهم عملوا كلهم من أعماق قلبهم”.
وخاطب سلفه قائلا: “نجتمع على مكافحة الفساد، وهذا نهج نكمل به وهذه مدرستنا ولن تتغير. وأنا فخور إنني أستلم منك، ففي وزارات أخرى ربما تتغير بين التيارات وهذا غنى ولست ضد هذا الامر، إنما لدي الحظ بتسلم وزارة من شخص بدأ قبلي من هذه المدرسة، وسأكمل على خطاك في موضوع النزاهة والشفافية ومكافحة الفساد، وسأكون صريحا وشفافا مع الشعب اللبناني لأن امامنا تحديات كبيرة. سبق وقلت إنني وحدي لن أنجح، وإذا لم تتعاون معنا كل الاحزاب والتيارات وتحملت كل مسؤولياتها في الملفات”.
أضاف: “ملف النفايات يجب ألا يكون ملفا مسيسا، وإذا فشلت في هذا الامر فسنفشل جميعا. هذا الملف متشعب جدا ويطال كل المناطق وفئات الشعب اللبناني، وآمل أن الايجابية التي بدأت فيها في الايام الثلاثة أن نستمر فيها للايام الآتية سويا لنكون على قدر المسؤولية التي ينتظرها شعبنا. وفي النهاية نوابنا منتخبون من الشعب وعليهم مسؤولية تأمين طلبات الشعب، أنا وزير معين وأتقاضى راتبي من الشعب اللبناني وبالتالي أنا مؤتمن على مسؤولية، ولا أستطيع “تربيح جميلة لأحد” اذا كنت أقوم بواجبي، وسأعمل ليلا نهارا. وهذه ايضا مدرستنا لمن يعرفون كيف يشتغل رئيسنا ونحن سنكمل على ذات النهج، وهذا ايضا واجب”.
وتابع: “من الآن وصاعدا قد يكون هناك تغيير في بعض السياسات وهذا ليس خطأ، بل قد يكون هناك تغييرات في النهج وهذا غنى، فلكل شخص طريقته إنما في النهاية الحل ليس فقط عندنا وليس فقط تقنيا. التقنيون في الوزارة كثر وخبرتهم كبيرة وخططهم رائعة والمساعدات الدولية موجودة إنما نحن ايضا كدولة لبنانية لدينا مسؤولية كبيرة، واذا كنا في ظل كل المجازر البيئية في لبنان لدينا وزارة موازنتها 9 مليارات ليرة فهذه فضيحة لا بل أم الفضائح، واذا طاقم وزارة البيئة لا يتخطى مئة موظف فهذه أكبر الفضائح، فهذه الوزارة تحرص على سلامة أولادنا وأحفادنا واذا كان هؤلاء الموظفون المئة مع فريق برنامج الامم المتحدة الانمائي مشكورا يريدون مراقبة كل المجازر البيئية الحاصلة من البحر الى الهواء الى ال 10452 كلم مربع، فأعتقد أن لا خيار أمامنا اليوم سوى اطلاق ما أحلم به وهو الجيش البيئي الذي يجعل الشعب شريكا معنا في القرارات وفي التنفيذ. ان إمكاناتنا ليست كبيرة وبالتأكيد سأفعل المستحيل في مجلس النواب ومجلس الوزراء لأقنع زملائي بزيادة قدرات الوزارة”.
وأردف: “كما قال معاليه اذا ربطوا لنا إيدينا وأقدامنا لا تنتظروا منا العجائب رغم كل النوايا الحسنة الموجودة لدينا ورغم الفريق الرائع في الوزارة. من هنا ندائي للحكومة مجتمعة ولرئيس الحكومة وسيد العهد الذي أوصاني منذ اليوم الاول بموضوع البيئة، وأنا متأكد أنه سيكون واقفا الى جانبنا لأنه الحريص الاول على البيئة لأن هذه مدرسته. اليوم الجيش اللبناني يعطي حياته للدفاع عن أرضنا وعن كل متر وكل شبر من أرضنا، ووزارة البيئة تقوم بالامر نفسه، فهي تدافع عن كل شبر من ارضنا كي لا يأكله الفاسدون أو الطامعون بالربح السريع. من يعمل ضمن القانون نحن معه، ونحن لسنا بصدد إقفال مصالح الناس وهذا ما تكلمنا به مع معالي الوزير الآن”.
وقال جريصاتي: “أعرف أن الجمعيات البيئية وبعض البلديات تنتظر منا الكثير، ولكن بانتظار الحلول الجذرية لن تكون هناك حلول عشوائية، ولذلك لن أتكلم عن خططنا وأطلب منكم أن تعطوني وقتا وأنتم سمعتم ماذا قال رئيسنا، لدينا مئة يوم لنقدم خطة للشعب اللبناني وستحاسبونني جميعكم عليها، وتياري السياسي سيحاسبني أولا عليها لأنه هو مرجعيتي السياسية. أتمنى أن يلعب كل واحد دوره وأن يعطونا الصلاحيات اللازمة وأن يحاسبونا على قدر الوزنات التي أخذناها لا على الحال السائدةالآن”.
أضاف: “أتمنى أن تكملوا معنا بالايجابية التي بدأناها، وأشكر الاعلام الحاضر والذي واكب معالي الوزير الخطيب، وأعتقد أنه ظلمه ربما في بعض الاماكن كي لا أقول أكثر، من حقكم الاضاءة على كل أخطائنا، وجل من لا يخطىء، أكيد سأخطىء وسأقبل كل الانتقادات إنما أتمنى بنفس الحماسة عندما ننجز عملا جيدا في هذه الوزارة أن تتم الاضاءة عليه لنشعر الناس بالايجابية ونعيد بناء ثقة التي فقدت بالدولة وبالسياسيين وبوزارة البيئة”.
وتابع: “تسمعون كم يتكلمون عن المحارق والحلول البيئية التي يتم العمل عليها، ليس هناك من حلول لا تنتقد إنما يجب أن تكون لدينا الجرأة الكافية لأن نواجهها، وأن يكون الاعلام معنا وكذلك المجتمع المدني. وكما قلت أمد يدي الى الجمعيات البيئية التي تعمل من أجل البيئة، وآمل أن نتعاطى مع بعضنا بهدوء وبلا أفكار مسبقة، لا تأتوا إلي بأفكار مسبقة لأنني منتم الى تيار سياسي، فأنا في وزارة البيئة لكل لبنان وخارج الوزارة أنا أعرف إنتمائي، فكونوا مرتاحين وتعاطوا معنا بكل ايجابية ولا تأتوا بأفكار مسبقة إن كنتم جمعيات أو نوابا أو سياسيين”.
وختم: “أهلا وسهلا بكم، هذا بيتكم، بيت الكل، وشكرا للاعلام ولمعالي الوزير على كل تعبك. وأنت كما قلت لست مغادرا الوزارة بل باق معنا، فأنت أخ وصديق ونأمل أن تعطيك الايام حقك”.
حوار
ثم دار حوار بين جريصاتي والخطيب والاعلاميين، وسئل جريصاتي عن الملفات العالقة في الوزارة وحضور المدير العام عملية التسليم والتسلم، فأجاب: “أولا انا ابن مؤسسات، ابن قضاة وابن دولة، وتيارنا تيار دولة وبناء مؤسسات، من الطبيعي أن يكون للمدير العام مركزه في الدولة، الوزير رجل سياسي يتبدل، بينما يبقى المدير العام ويكمل سياسة الوزارة ويؤمن استمرارية النهج في الدولة. لا أرى في حضور المدير العام أمرا غير طبيعي، وفي حال وجود خطأ سابقا فيجب تصحيحه. لا استطيع الاجابة الآن عما سيحصل مستقبلا لانني أحتاج الى بعض الوقت من أجل الاطلاع على جميع الملفات”.
أضاف: “في وزارة البيئة تركيبة مميزة، موجودة في وزارات أخرى أيضا، وهي وجود فريق لبرنامج الأمم المتحدة الانمائي من تقنيين ومحترفين بالإضافة الى فريق عمل الوزارة، هذه التركيبة ورثتها ولست أنا من أوجدها، وما سنقوم به اليوم هو بناء الجسور على قدر المستطاع للعمل كفريق واحد. الناس تتغير، والوزارات قد تحتاج لدم جديد، أنا دم جديد وإن كنت أكمل بالمدرسة نفسها، ولكن بعض الامور تتغير وهذا ليس خطأ، من واجبي أن أعمل مؤسساتيا وأنا أقوم بهذا الواجب”.
وهنا تدخل الخطيب قائلا: “هذا السؤال يثبت أول خطوة تغييرية اتخذها معالي الوزير الجديد، وأنا عند تسلمي الوزارة لم أكن اعرف من هو المدير العام، بينما حرص معاليه عند دخوله على حضور المدير العام انطلاقا من ايماننا المشترك بأن الجهاز الاداري الذي يرأسه المدير العام يثبت عمل الادارة، بينما الوزير منصب سياسي وهو يأتي ويرحل”.
وعن قصة الشتلة في مكتب وزير البيئة، قال الخطيب: “في البلد قضايا أهم من هذه الشتلة، ومن يأتي الى الوزارة كما يعلم الموظفون، أنني لا أترك مقعدي في هذه القاعة ولا أدخل الى المكتب حيث الشتلة. لا اقصد أنه لا يجب الاهتمام بالشتلة ولكن أرى أن من الاستخفاف بمكان أن يتم طرح مثل هذه المسائل. نحن نحترم الرأي العام ولكن لا يمكن تحميل الوزير موضوع العناية بشتلة. ما هذه القضية القومية التي التقطها الرأي العام؟ وإذا اراد البعض تشبيهها بمشكلة النفايات فهذه الأخيرة عمرها 40 سنة والاعلام يشارك في تحمل مسؤوليتها”.
وردا على سؤال عن وجوب إعلان حال طوارىء بيئية في ظل الإحصاءات حول تزايد الامراض السرطانية، قال جريصاتي: “أوافقك الرأي بأننا بحاجة الى حال طوارىء وأنا أعلنتها هذا الصباح، وربما أقارن أداء الوزارة في بعض الحالات بالجيش اللبناني لأنه مصدر فخر لنا. نحن اولاد مؤسسة الجيش، رئيسنا وملهمنا هو قائد جيش سابق، فموضوع الجيش البيئي والدفاع عن ارضنا لنحافظ عليها ونورثها لأولادنا مسؤولية كبيرة، واذا اضطررنا لاعطاء هذه القضية الدم فسنعطيها، لا شيء سيوقفنا امام الفساد البيئي والجرائم البيئية التي تحصل. نحن بحاجة لان يكون الشعب اللبناني بأكمله معنا، فلا يمكنني وحيدا تحقيق كل ما نحن بحاجة إليه. أحتاج لأن يكون الشعب اللبناني شريكا معي للاضاءة على الفاسدين إذ لا يمكن الانكار أن في البلد توازنات سياسية. انا لا احلم ولا اقدم وعودا كاذبة للشعب اللبناني، أعلم ان عملي قد يصطدم بهذه التوازنات وغيرها، لكن مغادرة البلد ليست خيار لدينا ولن نغادر، سنبقى في لبنان ونحارب من أجله”.
وإذا كان الوضع سيتغير مع الميزانية المرصودة من مؤتمر “سيدر” أو سيكون لوزارة البيئة خطة عمل مع انتهاء القدرة الاستيعابية للمطامر في آذار، قال جريصاتي: “الظلم الأكبر هو أن نحمل مسؤولية البيئة لوزارة البيئة لانها لا تملك أي صلاحية تنفيذية، نحن غائبون عن الارض، لذا على الشعب اللبناني مساعدتي للضغط على النواب الذي انتخبهم الشعب، اذا كان هؤلاء النواب جديين ويريدون سماع صرخة الشعب القلق على صحة اولاده من التلوث، فعليهم مساعدتنا اولا بتقديم الطاقم اللازم للوزارة التي تقاتل منذ سنتين لتوظيف 20 مراقبا بيئيا، وحتى الآن لا يزال الدور لوزارة العدل التي عينت محامين بيئيين ومدعين عامين بيئيين ولوزارة الداخلية في تأمين مراقبة التلوث على الارض كما حصل في نهري الليطاني والبردوني، كما تتحرك النيابة العامة المالية في بعض الحالات”.
أضاف: “يهمني توضيح اللغط الحاصل بالنسبة للأموال المرصودة في مؤتمر سيدر، هي ليست لوزارة البيئة بل للمشاريع البيئية، إذ ان مجلس الانماء والاعمار ينفذ مشاريع على الارض، ووزارات الاشغال العامة والداخلية والعدل والزراعة التي تتابع موضوع الاحراج والثروة الحيوانية. عملنا متشابك مع ما يزيد عن ست وزارات، ولكن للأسف وزارة البيئة وحدها تدفع الثمن، فهي قد تحاول إقفال مقلع أو كسارة لكنها تتعثر بحماية سياسيين للمخالفين”.
أما الخطيب فقال: “من غير الصحيح أن القدرة الاستيعابية لمطمر برج حمود تنتهي في شهر آذار، وأريد توضيح هذه النقطة لكي لا نسبب الهلع للرأي العام”.