هل يبقى الاستنساب سائدا في بعض قطاعات الدولة ومرافقها؟ وهل على المواطن أن يدفع دائما ثمن الارتجال والفوضى فيما يتعلق بتوفير الأساسيات من حقوقه دون تحميله نفقات لا لزوم لها؟ وكيف يمكن أن ينتظم العمل المؤسسي الرسمي وفق رؤى واضحة وشفافة كي لا نكون أما فصول جديدة من معاناة وأزمات؟

هذه الأسئلة كغيرها تستحضر هواجس لا تقتصر على منطقة دون غيرها، لكن ما بدا مستفزا في اليومين الماضيين ما شهدته مدينة صور، عندما فرضت “مؤسسة مياه لبنان الجنوبي ضرائب مقنعةوثمن عداد لمشتركين بالعيار، فضلا عن انقطاع المياه ثلاث مرات في أقل من شهر، وتوفر لـ greenarea.info معلومات من مصدر متابع رفض ذكر اسمه لاعتبارات خاصة، تشير إلى أن “مصلحة مياه لبنان الجنوبي استقدمت عشرات المهندسين دون العودة إلى مجلس الخدمة المدنية، وتم تعيينهم من قبل المدير العام”، فهل يفهم من ذلك أن فرض رسوم اعتباطية جاء لتغطية أجور الموظفين بفرض رسوم جديدة؟ ومن ثم ما هو دور وزارة الطاقة والمياه؟

وبالتوازي، فرضت مؤسسة مياه لبنان الجنوبي رسوما غيرمتوجبة على خدمة الصرف الصحي، وهذا ليس الحل، وإنما الحلالأمثل يكون من خلال الطلب من وزارة الطاقة والمياه تحويل أموالونقل اعتمادات واعطاء مساعدة للمؤسسة العامة، خصوصا وأنالوزارة قدمت مساعدات لكل من مؤسستي المياه في الشمال وفيالبقاع،

دبوق: على أي أساس تجبى الرسوم؟

رئيس بلدية صور ورئيس اتحاد بلديا صور المهندس حسن دبوق، أشار لـ greenarea.info إلى أن حيال كل ذلك “قمنا بتكليف محام والتقدم بشكوى أمام ديوان المحاسبة والتفتيش المركزي، كما رفعنا كتابا بهذا الخصوص إلى الوزير المختص، ونحن كسلطة محلية مطالبون من المواطنين بحماية مصالحهم، وبصفتي رئيسا للاتحاد طلب مني من قبل رؤساء البلديات التحرك في هذا الاتجاه”.

وأشار دبوق إلى “اننا كنا نزود المصلحة بمادة المازوت خلال فصل الصيف كي لا تتوقف المولدات وديمومة العمل”، وفيما يتعلق بالعدادات، قال: “تم تركيبها منذ ثماني سنوات ولم تُشغل وقد دفع ثمنها مجلس الانماء والإعمار بتمويل قروض نقوم كلبنانيين بتسديها كضرائب، وهنا نسأل على أي أساس تجبى الرسوم عليها؟”.

وقال: “فيما يتعلق بالرسم عن الصرف الصحي هو رسم عنخدمة غير موجودة وعن شبكات غير منفذة وعن معالجة لا تزال فيطور الدراسات، وهو يتضمن فرض ضريبة مقنعة كونها لا تدفع لقاءخدمة وانما كفريضة مالية من المواطن، وبحيث انقلب من مشتركيدفع رسم لقاء خدمة الى مكلف يدفع ضريبة بدون مقابل”.

وانتقد دبوق “استسهال فرض رسوم غير قانونية تستهدف المواطن لتغطية نفقات وخدمات غير موجودة”، لافتا إلى أنه “كان يفترض تحسين الجباية وهذه خطوة ندعمها”.

ضرائب مقنعة

وفي هذا السياق، فرضت مؤسسة مياه لبنان الجنوبي رسومتبلغ ١٧٥،٠٠٠ ل. ل سنويا خلافاً لأحكام نظام استثمارها تتضمنضرائب مقنعة، وخلافا للاحكام الدستورية والقانونية ودون استشارةوزارة المالية في ظل تقاضي مساهمات وسلفات من وزارة المالية، ومندون تدقيق حساباتها، وجاءت على النحو الآتي:

رسم صرف صحي: ٥٠،٠٠٠ ل. ل

بدل اكلاف مشتركين جدد؛ ٥٠،٠٠٠ ل. ل

ثمن العداد: (لمشتركين بالعيار) ٧٥،٠٠٠ ل. ل

المجموع: ١٧٥،٠٠٠ ل.ل سنوياً

وبحسب ما توافر من معطيات وضعها المهندس دبوق أمامنا، فإن الرسم المذكور هو مخالف لنظام استثمار مؤسسة مياه لبنانالجنوبي الذي نص على وجوب تنظيم خدمة الصرف الصحي فيالمادة ٤٦ منه على إلزام قيام المؤسسة بتحديد وتصنيف المناطق التيسيتم تجميع مياهها المبتذلة، بواسطة الشبكات والمناطق التيستعتمد على الاساليب الفردية في مجال الصرف الصحي. كما ينصأيضا على وجوب ان تقوم المؤسسة المذكورة بوصل مواقع تصريفالمياه المبتذلة بشبكات التجميع وبنقل هذه المياه الى محطات خاصةحيث تتم معالجتها ومن ثم صرفها.

وتجدر الإشارة إلى أن المادة ٤٧ من النظام المذكور نصت علىالتزام المشترك بمياه الشفة بتسديد تكاليف وصل عقاره بشبكة تجميعالمياه المبتذلة عند او بعد وجودها، وبالتالي فإن المؤسسة وخلافا لهذهالاحكام قد بدأت بفرض هذه الرسوم دون وجود تلك الشبكات ودونوصل عقاره بها، ما يؤكد الطابع الضريبي لهذه المبلغ.

قانون تنظيم قطاع المياه

وفي نفس السياق، فإن الرسوم فرضت بشكل مقطوع وبدونتصديق من سلطة الوصاية، من خلال ادراجها وتهريبها بموازنتهاللتهرب من اطلاع وزارة المالية في إطار رقابتها على إنفاق ومآلالسلفات والمؤسسات، وذلك لتبرير النفقات الهائلة التي اضيفت فيموازنة ٢٠١٩، كما تبين ان الرسم المذكور لم يتم تصديقه من سلطةالوصاية وفقا للاصول ولم تقم مديرية الاستثمار ومديرية الوصايةبدراسته واقراره وفقا للأصول أيضا.

وما ينطبق على رسم الصرف الصحي ينطبق على رسومفرضتها المؤسسة كضرائب مقنعة منها رسم العداد الذي فرض بشكلضريبي على مشترك بموجب عيار اي بدون تركيب العداد وبدونتعديل الاشتراكات من اشتراك بالعيار الى اشتراك بالعداد، وكذلكطاولت الضريبة المقنعة ما جرت تسميته ببدل اكلاف المشتركين الجددوهو غير منصوص عنه في نظام الاستثمار، فرض كضريبة لمجردالاشتراك على كل اشتراك جديد رغم استيفاء ثمن تركيب وثقبقسطل وتجهيز.

علما ان قانون تنظيم قطاع المياه رقم ٢٢١ تاريخ ٢٠٠٠/٥/٢٩ اعطى لمؤسسات المياه الحق باقتراح تعرفات لخدمات مياه الشفةوالري وتصريف المياه المبتذلة شرط ان تؤخذ بالإعتبار الاوضاعالإجتماعية والاقتصادية العامة، ما يعني ان التعرفة يجب ان تكونمقترنة بخدمة مقابلة لا بطابع ضريبي ولا بدون مقابل.

كما ان النظام المالي للمؤسسة اوجب ان تخضع حساباتالمؤسسة لتدقيق مستقل من قبل شركة او مكتب تدقيق ومحاسبةمعتمدة وذلك وفقا لاحكام المادة 73 من قانون رقم 326 تاريخ28/6/2001 (الموازنة العامة والموازنات الملحقة لعام 2001).

كما اوجب هذا الاجراء قانون تنظيم قطاع المياه في مادته ٤ المعدلة بموجب القانون ٢٠٠١/٣٧٧، وبالتالي فإن كافة هذه التعرفاتتفرض خلافا للاصول خصوا في ظل استيفاء مساهمات وسلفات منوزارة المالية التي توجب احكامها المؤسسات التي تتقاضى مثل هذهالسلفات ان تخضع لرقابة وزارة المالية في حساباتها لا سيما فيمايتعلق بالتعرفات.

وخلص دبوق إلى أنه على وزارة المالية والنيابة العامة لدىديوان المحاسبة والتفتيش المركزي والمجلس النيابي التدخل فورالاعادة صلاحية فرض الضرائب الى مجلس النواب، وإلزام المؤسساتبانظمة استثمارها ونظامها المالي، اضافة الى وجوب التزامالمؤسسات بأوجه إنفاق المساهمات والسلفات التي تحصل عليها،والتدقيق بحساباتها لتحديد سبل تحقيق التوازن المالي من خلالضبط الانفاق وعدم الافتئات على المجلس النيابي والدستور.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This