هل ترفد الحكومة “المصلحة الوطنية لنهر الليطاني” بجرعة دعم مطلوبة لتنطلق بفاعلية أكثر في إجراءاتها الرامية إلى استعادة النهر من الملوِّثين؟ وهل تترجم التوجهات العامة في محاربة الفساد أفعالا على الأرض؟ وهل نشهد تطورات مهمة في هذا المجال تتخطى الكثير من العثرات والعقبات؟
نعيد طرح هذه طرح هذه الأسئلة بعد نيل الحكومة الثقة بأكثرية نيابية بلغت أحد عشر صوتا، لتنطلق مطلع الأسبوع مكرسة شعارها “إلى العمل”، وإذا كان رئيس الوزراء سعد الحريري شدد على تكثيف اجتماعات الحكومة بمعدل ثلاث جلسات أسبوعيا، لافتا إلى أننا أمام فرصة لا يمكن إضاعتها لتخطي الأزمات الحاضرة، فإن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرا قال كلاما واضحا في موضوع محاربة الفساد، حين أكد جدية حزب الله في خوضها، وهذا يعني أن هذه المعركة باتت على أجندة المقاومة، وهي انطلقت خلال جلسات المجلس النيابي في مناقشة البيان الوزاري ومنح الثقة للحكومة، خصوصا في ملف الـ 11 مليار دولار وتشديده على متابعة هذا الملف للآخر.
ومن هنا، يبدو رياح “المصلحة الوطنية لنهر الليطاني” تجري بحسب ما هو مطلوب، أخذا في الاعتبار أن ملف الليطاني هو جزء من ملف لم يكن بعيدا عن الفساد، بانتظار أن تتبنى سائر القوى السياسية خيار محاربة الفساد في معركة طويلة ولن تكون سهلة.
أم المعارك
لا يمكن مقاربة ملف تلوث نهر الليطاني من ناحية تقنية وإجراءات روتينية فحسب، فحجم الكوارث الماثلة هي نتاج واقع سياسي كانت فيه الدولة مغيبة وغائبة، وما عاد بالإمكان التغاضي عن تبعات الإهمال وما خلف من تعديات وتطاول على النهر، مجرى وحوضا ونهرا من النبع إلى المصب، والمعالجة غير منفصلة عن واقع سياسي مأزوم.
وفي هذا السياق، أشار لـ greenarea.info أحد الناشطين من المجتمع المدني والمتابعين لملف الليطاني إلى أن “القضية تخطت أزمة نهر ملوث ومعتدى عليه وأصبحت واجهة في معركة حقيقية في مواجهة الفساد”، معتبرا أن معركة الليطاني هي (أم المعارك) اليوم لانها باتت المدخل إلى مواجهة كل أسباب وتبعات الفساد”.
ورأى أن “استعادة الأموال المنهوبة لا تقل أهمية عن استعادة النهر من كل ملوث وعابث”، وقال: “نحن أمام منعطف حاسم بين الدولة واللادولة، هكذا نقارب ملف الليطاني من خاصرة الفساد الذي طاول المرافق والمؤسسات العامة كافة، وسنعطي فرصة للحكومة ما مع ما تبنت من توجهات، وبالانتظار سنظل على دعمنا لمصلحة الليطاني لأنها تحولت قضية وطن ورأي عام”.
رفع التعديات
وفي سياق متابعة greenarea.info للوقائع الميدانية المتصلة بهذه القضية، تجدر الإشارة إلى أن فرق الصيانة في “المصلحة الوطنية لنهر الليطاني” لم تتوقف عن القيام بعمليات رفع التعديات والتنظيفات عند مختلف نقاط مجرى النهر، ومنها إزالة خيم النازحين والجور الصحية عن قناة ري القاسمية في منطقة الزهراني بعد انذارهم مسبقا من قبل المصلحة وعدم التجاوب من قبل البلديات والمفوضية العليا لللاجئين.
وطالبت بناء لخارطة الطريق الحكومية بنقل النازحين وعممت المصلحة في هذا المجال صورا تبين النية في تثبيت النازحين بعد أن تبين إقامة انشاءات خرسانية داخل خيم النازحين، كما وعملت الفرق الفنية على ازالة مخيمات النازحين عن قناة الري جنوباً، وتعمل على ازالة ردميات احد المقالع من بحيرة القرعون بقاعاً.
إزالة أحد مخيمات النازحين
وفي هذا السياق أيضا، أعلنت المصلحة الوطنية لنهر الليطاني اليوم انه وبناء لإشارة القضاء المختص تعمل على إزالة احد مخيمات النازحين الواقع ضمن استملاك مشروع ري القاسمية في منطقة الزهراني والذي يتضمن حوالي ٣١ خيمة مع شبكة صرف صحي و ١٠ حمامات تلوث مياه الري.
واعلنت انها تتابع أشغال ازالة التعديات الحاصلة من أحد مقالع الصخور في دير عين الجوزة، قرب بحيرة القرعون الذي كان قد عمد الى رمي الصخور والاتربة على ضفاف البحيرة.
أزمة المهل الإدارية
هذا وتواجه المصلحة الوطنية لنهر الليطاني أزمة المهل الإدارية قضائيا بالتسلح بقانون المياه، بحيث أن وكيل المصلحة المحامي علي عطايا طالب خلال جلسة المحكمة الأخيرة برد الدفع الشكلي الذي تقدم به أحد المدعى عليهم، على اعتبار “قانوني العقوبات والمياه أعلى من القرارات الإدارية”.
هذه المهل التي منحتها وزارة البيئة للمنشآت الصناعية لتسوية أوضاعها البيئية، والتي تبدو غير منطقية من حيث المدة الزمنية المعطاة والتي تمتد الى اربع سنوات.
ومن جهته، قرر القاضي شرف ضم الدفوع الشكلية إلى أساس الدعوى على أن يتم البت فيها في الحكم النهائي، وهذه الخطوة قام بها القاضي شرف في كافة الدفوع الشكلية التي تقدمت أمام المحكمة.
تصحيح الادعاءات
الأربعاء المنصرم انعقدت الجلسات في 47 ملفاً من أصل 94 منشأة صناعية إدعت عليها المصلحة الوطنية لنهلر الليطاني، وامتدت الجلسات الى نحو 6 ساعات ونصف.
بعض الملفات أعيدت إلى النيابة العامة من جديد لتصحيح الادعاءات، التي تبرز فيها نقل المسؤولية من المستفيد الحقيقي للمصانع المدعى إلى أشخاص لا يمثلون الشركات قانوناً وليسوا مالكيها أو المفوضين بالتوقيع عنها بل موظفين عاديين.
المسالخ والمزارع
وكما وتقدمت المصلحة الوطنية لنهر الليطاني بإخبار امام النيابة العامة المالية بوجه عدد من اصحاب المسالخ والمزارع التي تعمد إلى تفريغ مخلفات الحيوانات والذبائح بالإضافة إلى الدماء وجيف الأبقار النافقة، وتفريغ النفايات السائلة والصلبة الصادرة عنها في نهر الليطاني وروافده، في ظل غياب تام لأي جهة رسمية لا سيما البلديات والمحافظات على نحو يتضمن ارتكاب جرائم تلويث البيئة المنصوص عنها في قانون المياه وفي قانون حماية البيئة، وفي قانون المحافظة على البيئة ضد التلوث من النفايات الضارة والمواد الخطرة ، وخلافاً للقرار رقم 7060/ت الصادر في 9 أيار (مايو) سنة 2018 الاسس التي يجب ان تقوم عليها المسالخ القائمة وخلافاً للقرار قرار رقم 16/1 صادر في 21 آذار (مارس) سنة 2001 الشروط البيئية لرخص الانشاء والاستثمار لمزارع الابقار او الطيور الداجنة او الحيوانات الاليفة بالإضافة الى التعدي على الأملاك العامة وهدر الأموال العامة، وطلبت المصلحة من النيابة العامة المالية اقفال تلك المسالخ والمزارع بالشمع الأحمر وبشكل عاجل بعد أن واصلت مسوحاتها لتحديد المصادر التي سببت بتلويث النهر.
كتاب لوزير الصناعة
وفي هذا السياق أشار رئيس ومدير عام المصلحة الدكتور سامي علوية لـ greenarea.info إلى أن “وطلب في كتاب مرفق بالمسح وجّهه إلى وزير الصناعة وائل أبو فاعور، بتطبيق المرسوم 34 و35 (الصادر عام 2002) الخاص بسقوط الحق بالترخيص وبالإقفال وبالإلغاء للمؤسسات التي تلحق أضراراً بالجوار أو بالصحة العامة”، ولفت إلى أنه “يحق لوزير الصناعة أن يطلب إلى صاحب المصنع تسوية أوضاع مؤسسته ضمن مهلة ستة أشهر كي يحصل على الترخيص القانوني. وإذا امتنع عن القيام بما طلب منه ضمن المهلة، يتم إقفال المصنع ولفت الى أن كل المسالخ التي تديرها البلديات في لبنان غير مرخصة باستثناء واحدة”.