أدانت الدول التي طالما دعمت الإرهاب الذي دمَّر سوريا، بسرعةٍ فائقةٍ، الهجوم المسلح الذي حدث في “نيوزيلندا”، ووصفته بالعمل الإرهابي المعادي للإنسانية، متناسيةً أنّها أم الولد “الإرهاب”، وأنَّ ما حدث هو نتيجة حتمية لسياساتهم في دعم الإرهاب، فلا يمكن فصل ماقام به الإسترالي الإرهابي(رفض أياً من قادة الدول الأوربية تسميته بالإرهابي رغم خطابه الذي نشره قبل أيامٍ كاد أن يماثل خطابات المسلمين المتطرفين، حيث وصف الأسترالي برينتون تارانت (28 عاما) المهاجرين بأنهم كفار، غزاة ومحتلون (خطاب كل الفصائل الارهابية في سوريا والعراق وصف المسيحيين بأنّهم صليبيون كفار.
دانوا المجزرة بحرارة، وذرفوا الدموع في رسائل التعزية، التي وجهوها لأسر الضحايا المسلمين الذين قتلوا في بلاد هي أصلاً ليست بلادهم، دون أن يخجلوا من مشاركتهم، منذ أيام، في “مؤتمر بروكسل 3 ” زاعمين زوراً أنَّ هدفه دعم السوريين داخل سوريا وفي الدول المجاورة، والذي جسّد حقيقةً النظرة الأوروبية والأميركية، مؤكدين فيه أنهم لن يقدموا أيّة مساعدة لإعادة الإعمار “إلا بعد انطلاق عملية سياسية جوهرية وحقيقية وذات صدقية ولا رجعة فيها”…لم يخجلوا من أنهم المسبّب الأوّل والأخير لدمار كل أشكال الحياة في سوريا.
كما أنهم لم يخجلوا، حين طلبوا، في ذلك مؤتمر، من الدولتين السورية والروسية، احترام حق اللاجئين السوريين في العودة إلى ديارهم بشكل طوعي وآمن، علماً أن كل مقررات مؤتمرهم، عملياً ما هي إلا إستمرارية للسياسة الأممية والإقليمية في التعامل مع أزمة النزوح، ومن أنّ قوات تحالفهم الاستعماري هي التي تعرقل عودة اللاجئين من الأردن ولبنان ومن مخيم الركبان(هناك محاولات حثيثة، إقليمية ودولية، لتوطين اللاجئين، للإستفادة منها كورقة ضغط لإركاع سوريا).
لم يخجلوا من دعوة الدولتين السورية والروسية، إلى المشاركة بجدية في المفاوضات القادرة وحدها على تحقيق السلام في سوريا” وهم من أعلن على لسان الممثل الأميركي الخاص للتواصل حول سوريا، “جايمس جيفري”، عن عزم البيت الأبيض على تقديم 5 ملايين دولار إلى “الخوذ البيض” الإبن الشرعي لجهازِالإستخبارات البريطانية (M16) والتي ساهمت الى حد كبير في تأجيج الحرب…لعلهم يطالبون الدولتين بضمان السلام للكيان الصهيوني!!.
شارك كل الذين سارعوا لشجب مجزرة “نيوزلندا”، جميعاً في دعم الحرب على سوريا، وتباكوا على المسلمين الذين قتلوا هناك ووصفوهم بأنهم أبرياء، واعتبروا المجزرة “عملا إرهابيا جبانا”. فيما لم يرف لهم رمش، إزاء قتل آلاف المسلمين في سوريا من نساء وأطفال (تقدر منظمة يونيسيف عدد القتلى من الأطفال في العام الماض(فقط) 2018 بنحو 1106 طفل بسبب الصراع وبخاصة نتيجة العبوات المتفجرة)، ولاعلى من سقط ولايزال، من أطفال فلسطين، كما لم ولن يرف لهم رمش أمام موت آلاف آلاف الاطفال بسبب المجاعة والأمراض في اليمن (تستقبل مستشفيات صنعاء يومياً 100 اصابة بوباء “الكوليرا”).
الملك السعودي وولي عهده، ملوك الإمارات، الأردن، البحرين، مصر ورؤساء وزراء تركيا، بريطانيا، فرنسا واسرائيل، رؤساء الولايات المتحدة الأميركية، كلهم عبروا عن ألم يعتصر قلوبهم، وعن تضامنهم المطلق مع اهالي الضحايا، في حين أنهم كانوا فور إصابة قلب الإنسان السوري، بقذائف أدواتهم الإرهابية، يكيلون الإتهامات للدولة السورية، دون أدنى شجب أو تعبير إنساني تجاه أهالي الشهداء، وهم من سعى الى تهجير وتشريد وحرمان السوريين من أبسط حقوق الحياة، تنساوا ولم يتذكر أحدٌ منهم مشاهد أكل أكباد الجنود في الجيش العربي السوري وذبح الأطفال وسبي النساء السوريات، ولم ينددوا يوماً، بمجزرة جسر الشغور أو بتفجيرات حدثت في كل المدن السورية وراح ضحيتها أطفال المدارس، أم ان هؤلاء في نظرهم ليسوا أبرياء كضحايا مجزرة مسجدي “كرايست” و “تشيرش”!!
لم يخجلوا حين قالوا “علينا ألا ندع الكراهية والعنف والإرهاب ينتصرون”، وهم من نشر وروى ولايزال، بذور العنف والكراهية والإرهاب في سوريا واليمن، مرةً في السر ومراتٍ عدةٍ في العلن وليس اوضح من دليل على ذلك سوى اعلان وزير الخارجية الأميركي “مايك بومبيو”، منذ أيامٍ أنَّ “السبيل لتخفيف معاناة الشعب اليمني لا يكون بإطالة أمدّ الصراع عن طريق إعاقة شركائنا في المعركة، لكن بمنح التحالف الذي تقوده السعودية الدعم الذي يحتاجه لهزيمة المتمردين المدعومين من إيران وضمان السلام العادل”.
لادين للارهاب، ولكن هناك راعٍ له، يُبدع في ابتكار وإنتاج أنواعاً وأشكالاً جديدة من الحروب، تطال مستقبل البشرية كلها، يُخطط باستمرار لإبداع طرق لنهب ثروات الأمم وتدمير الإنسان فيها، وراعٍ يُمول ويؤمن أدواتها، وثالث يرقص على جراح ضحاياها، هؤلاء الرعاة ربهم معروف هو وكالات الإستخبارت في الدول الإستعمارية، وهناك مربط الفرس (الشر) الحقيقي.