لطالما حذرت الدراسات من أضرار الأجهزة الإلكترونية، على الصحة النفسيّة للكبار والأطفال على حد سواء. وفي هذا السياق، توصلت آخر الدراسات المتعلقة بهذه المخاطر، إلى أن المواد المتواجدة في هذه الأجهزة تؤثر على الصحة الجسدية أيضاُ تحديداً للصغار.
إذ حذرت منظمة الصحة العالمية، من زيادة فرص إصابة الأطفال بالأمراض، بسبب التعرض المفرط للإعلانات، ووجهت بذلك إتهامات لشركات الإنترنت الكبرى.
خطورة الإعلانات
تفصيلياُ، نبهت منظمة الصحة العالمية في بيان لها، إلى خطورة الدعاية والإعلانات الزائدة عن الحد، على الأطفال والمراهقين، مُطالبة حكومات العالم بالعمل على توفير بيانات أفضل، عن إستخدام الأطفال للإنترنت للتمكن من ضبط تعرضهم للإعلانات من خلاله.
فيما حددت المنظمة مخاطر التعرض المتزايد لإعلانات السلع الغذائية غير الصحيّة، وخاصة الوجبات السريعة، المتمثلةالمتسبّبة في الإصابة بأمراض القلب والسرطان والبدانة. فوفق المنظمة أن الأمراض غير المعديّة، تمثل 86 بالمئة من أسباب الوفاة في المنطقة الأوروبية، التي تضم 53 دولة.
وكدليل على هذه المخاطر، إستعانت المنظمة بدراسة بريطانية تؤكد أن ثلاثة أرباع المراهقين في سن 13 إلى 17 عاما ، يتابعون منتجاتهم المفضلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى قيام أكثر من نصفهم 57 بالمئة بالتسوّق عبر تطبيقات الإنترنت ونوافذ الألعاب الإلكترونية.
في حين، لم يقتصر تحذير المنظمة الدولية على تأثير الدعاية الخاصة بالمنتجات الغذائية فقط، بل إمتد ليصل للمشروبات الكحولية أيضاً. فحينما يشجع منتجو المشروبات الكحولية مستخدمي الإنترنت على إستهلاك منتجاتهم، قد تصل الدعوة لفئات عمرية ليس من المفترض تعرضها لتلك الرسائل.
الحلول المقترحة
يعتبر الأطفال والمراهقين ضحية جشع الشركات، التي لا تراعي الحد الأدنى من المعاير المطلوبة، لحمايتهم فهي تبغي الربح الأوفر بأسرع وقتٍ ممكن. لذلك ومن أجل التمّكن من مواجهة التأثير السلبي، للتعرض المفرط للإعلانات، تزيد الحاجة إلى معلومات عن إستخدامات الأطفال والمراهقين للإنترنت. وفي هذا الإطار، إتهمت منظمة الصحة العالمية، شركات الإنترنت الكبرى، مثل “فيسبوك” و”غوغل” و”أمازون”، بالإحتفاظ ببيانات المستخدمين لنفسها، ما يتسبب في قلّة المعلومات المطلوبة.
في الجهة المقابلة، طالت الإتهامات أيضاً شركات الإعلانات، بسبب قلّة المعلومات المتوفرة عن الإستراتيجيات التي تنتهجها، لتؤكد المنظمة على أن توفر مثل هذه المعلومات سيساعد في الحد من التأثير السلبي للإعلام الرقمي.
كذلك حثت المنظمة السلطات المعنيّة على السعي، من أجل معرفة أي المجموعات العمرية، من أي الطبقات الإجتماعية وفي أي وقت تتصفح الإنترنت، وما هو نوع التواصل الرقمي الذي تفضله هذه المجموعات.
دول تتحرك
تنبهت بعض الدول إلى مخاطر الإعلانات على الأطفال وقامت ببعض الإجراءات، مثل فرنسا حيث نشرت صحيفة “لوفيف” البلجيكية، تقريراُ حول عزمها منع الإعلانات التجارية، خلال بث برامج الأطفال، وذلك “بعد ثبوت التأثيرات السلبية للإعلانات على الطفل، وإستخدامها كوسيلة للوصول إلى مدخرات الآباء”. وقالت الصحيفة في تقريرها إن الإحصاءات الرسمية، بيّنت أن الأطفال ما بين الأربع والعشر سنوات، يقضون ساعتين يوميا أمام التلفاز، وأن 10 بالمائة من هذه المدة مخصصة للإعلانات. في حين أن العديد من هذه الإعلانات، تتعلق بأطعمة مضرّة بالصحة، لكونها إما حلوة جداً، أو مالحة جداً، ما يؤثر على خيارات الأطفال الغذائية، ويجعلهم عرضة لخطر إدمان الوجبات السريعة.
وبحسب الصحيفة فإن فرنسا هي البلد الثاني في أوروبا، من حيث معدلات مصروف الأطفال، ما يجعل هؤلاء الأطفال ينقادون لشراء ما يبدو شهياً في الإعلانات.
في الجهة المقابلة، لا يسلم الأهل من تحمل جزء من المسؤولية، إذ أنّهم يتركون أبناءهم أمام التلفاز ولا يشاركونهم برامجهم، ما يحرم الأبناء من الإستفادة من نظرة الآباء النقدية لتلك البرامج، وغربلة ما يصل لأذهانهم من معلومات.
وهناك العديد من الدول التي خطت خطوة فرنسا، من بينها المملكة البريطانية، السويد، إيرلندا، الولايات المتحدة، وبلجيكا.