يصادف الثاني والعشرون من آذار، اليوم العالمي للمياه. ويترافق هذا العام مع العديد من التحديات التي تستوجب، العمل السريع والفوري من أجل الحفاظ على هذه الثروة، خاصة في ظل التقارير التي تحذّر من فقدانها.
بلايين البشر محرومون
على الرغم من التطوّر الذي نعيشه، ومن توفر العديد من وسائل الرفاهية، إلاّ أنّ هناك العديد من الأشخاص الذين لا يزالون يفتقرون إلى أبسط حقوقهم. فوفق الأمم المتحدة إن بلايين البشر حول العالم، ما زالوا محرومين من حق الحصول على مياه الشرب النقيّة وخدمات الصرف الصحي.
ويشدد التقرير الذي أطلقته منظمة اليونسكو ولجنة الأمم المتحدة المعنية بالموارد المائية، على أنّه إذا ما إستمر تدهور البيئة الطبيعية والضغوطات المفرطة، على الموارد المائية على هذا النحو على الصعيد العالمي، فإنّ 45 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، و40 في المئة من الإنتاج العالمي للحبوب ستكون معرضة للخطر بحلول عام 2050.
تفصيلياً، وحسب الأرقام التي يحملها التقرير الجديد، كان 3 من بين كل 10 أشخاص خلال عام 2015 وحده، يفتقرون للمياه المأمونة الصالحة للشرب، (أي ما يُعادل 2.1 بليون نسمة في العالم). فيما كان 4.5 بليون نسمة محرومون من مرافق الصرف الصحي، المدارة بصورة مأمونة (أي 6 من بين كل 10 أشخاص).
تفاوت عالمي
في الجهة المقابلة، يكشف التقرير عن أوجه التفاوت الكبيرة على مستوى العالم، فنجد أن نصف أعداد من يحصلون على المياه من مصادر غير مأمونة يعيشون في أفريقيا، وأن 24 في المئة فقط من سكان أفريقيا جنوب الصحراء يحصلون على مياه مأمونة وصالحة للشرب.
في حين يرصد التقرير فوارق كبيرة، بين الفئات الغنية والفقيرة في البلد الواحد. ففي المناطق الحضرية تفتقر الفئات المحرومة في المساكن العشوائية، إلى إمدادات المياه وتضطر إلى شراء المياه، بتكلفة تصل من 10 إلى 20 ضعف ما يدفعه جيرانهم في الأحياء الميسورة.
كما يشير التقرير إلى أن فئة اللاجئين في كل العالم، هم الأكثر عرضة للحرمان من المياه وخدمات الصرف الصحي، إذ يمثل الحرمان من هذه الحقوق الأساسية تحدياً، بالنسبة لهم وللمشردين قسراً، خصوصاً وأن العالم شهد في الآونة الأخيرة أعداداً غير مسبوقة من اللاجئين والمشرّدين.
كذلك فإن الإستثمار في المياه، له فوائد إقتصادية وفق ما يبّين التقرير فإذا ما تم الإستثمار في توفير المياه وخدمات الصرف الصحي، فإنّ العائدات ستكون لصالح المجتمع ككل، ولا سيما بالنسبة للفئات الأكثر حرماناً.
إرتفاع الطلب العالمي
أن الوضع الحالي للمياه، يستوجب أن نغير عاداتنا الآن، فوفق منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، قد يزداد الطلب العالمي على المياه بنسبة 50 في المائة بحلول عام 2030، بما أنّه من المتوقع أن يصل عدد سكان العالم إلى 10 مليارات شخص بحلول عام 2050.
وتجدر الإشارة، إلى أن “الماء الذي “نتغذّى” به يومياً، من خلال الطعام الذي نستهلكه هو أكثر بكثير من الماء الذي نشربه. إذ حسب النظام الغذائي، نحن بحاجة إلى كمية تتراوح بين ألفين و5 آلاف لتر من المياه، لإنتاج الغذاء اليومي الذي يستهلكه شخص واحد. إذ يُقَدّر أن يصل عدد سكان العالم إلى 10 مليار نسمة بحلول عام 2050، لذلك من المتوقع أن يزداد الطلب على الغذاء بنسبة أكثر من 50 في المائة. وتشير الدلائل إلى أن ثلثي سكان العالم قد يعيشون في البلدان، التي تعاني من النقص في المياه بحلول عام 2025، إذا إستمرت أنماط الإستهلاك الحالية.
ومما يزيد الطين بلّة، مشكلة تغيير المناخ التي من المتوقع أن تتفاقم، حيث يترتب على الجفاف المتكرر والشديد تأثيراً على الإنتاج الزراعي، في حين تتجسّد درجات الحرارة المرتفعة في تزايد الطلب على المياه من أجل المحاصيل.
في حين، يؤدّي الحدّ من الفاقد والمهدر من الأغذية، دوراً هاماً في إستخدام المياه إستخداماً أكثر حكمة. فكل سنة، يفقد أو يُهدر ثلث الإنتاج الغذائي العالمي – ويترجم إلى ضياع حجم من المياه الزراعية، يعادل حوالي ثلاثة أمثال حجم بحيرة جنيف.