” كبّوه  في المأوى ..” من  اقسى  الكلمات الجارحة التي  تقع على  مسمع العجوز الى حد تدميره نفسيا و زرع الخيبة فيه من اهله واولاده انهم لم يقدّرونه يوما فرموه بقساوة في دار العجزة .فيشدد الاختصاصيون في علم النفس على عدم استعمال كلمة المأوى بل استبدالها  بمؤسسة الرعاية كما وانه تبين  ايضا ان نسبة مهمة من العجزة  يتعرضون  للتعنيف ليس فقط النفسي بل الجسدي  والاسوء في منازلهم ايضا فضلا عن ذلك ان لبنان  بات مجتمعاً هرميا بنسبة عالية مما يكون الثقل الاقتصادي اقوى في ظل غياب اي ضمانات للشيحوخة ليبقى السؤال: الى اي متى سيظل ملف الشيخوخة مهمل في الدولة اللبنانية ؟

تعنيف العجزة داخل منازلهم

في هذا السياق  تحدث باسهاب الاختصاصي في طب الشيخوخة الدكتور نبيل نجا لgreenarea.info عن معاناة العجوز التي  يمر بها  في بلد لا ضمانة فيه مما قال : ” ان لبنان يشهد حاليا ثورة ديمغرافية  حيث تشير الاحصاءات انه البلد الاول  في الدول العربية  في نسبة كبار السن  حيث بات يتخطى متوسط  العمر فوق 80 سنة في لبنان  عكس ما هو عليه منذ عشرين سنة  عندما كان متوسط العمر تحت السبعين سنة  مما يعني  اننا قادمون  على ثورة ديمغرافية واذا استمرينا على هذا الموال سيصبح ثلث الشعب اللبناني من  كبار السن  كما وان هناك  العديد من العائلات في لبنان يخف عدد شبابها  بسبب عدم الزواج والإنجاب وأصبحت  نسبة العنوسة  في لبنان الاعلى بين الدول العربية .”

واضاف الدكتور نجا :” صحيح أن من لديه أولاد لا يلجا  في اغلب الاحيان الى مؤسسات الرعاية اما الذين  لم يرزقوا بأولاد  فعندهم المشكلة بحد ذاتها  عندما يكبر العجوز  الى اين يلجأ هل يتحمله اقربائه مما  اصبح تغييرا في تركيبة العائلة والاهم في ذلك بات هناك شروطا معينة تطبق  على مؤسسات الرعاية  لكي تقوم  بدورها وسط رقابة  من المفترض ان تكون مشددة عليها  من كل   وزارتي الصحة او الشؤون  الاجتماعية  فليس المهم ايجاد مؤسسات الرعاية  بل الاهم ماهية نوعية الخدمة التي تقدمها في ظل التغيير الجذري  بالتفكير وبالمهنية والاحتراف التي وصلت اليها  مؤسسات الرعاية  في لبنان الرائدة باتت  شبيهة بمؤسسات الرعاية في دول الخارج ، الا الجيدة منها باتت اقل بكثير من الحاجة الحقيقية  حيث ان هناك حوالي  2500 سرير في مؤسسات الرعاية  لحوالي 400 الف مسّن مما يعني  هناك حاجة كتيرا  لزيادة مؤسسات الرعاية كما و انه من الضروري ان نزيل في القاموس كلمة مأوى كونها مؤذية على وقع العجوز مما  يجب استبدالها بكلمة مؤسسات رعاية  كونها حاجة في المجتمع .”

من جهة اخرى اهم ما شدد عليه الدكتور نجا :”لدينا  اكثر  من  80 %  من كبار السن بحاجة لخدمة في المنازل  حيث ان  الراعي الاول لهم  هنّ العاملات الاجنبيات  لذلك  تفرض المنظمات  الحقوقية  العالمية   شروطها على النظام اللبناني  بحسن التعامل مع العاملة الاجنبية وفق الاصول القانونية معينة بتحديد عدد ساعات العمل  معينة في الاسبوع والفرص السنوية  لذلك نحن بحاجة  الى مؤسسات الرعاية المتقدمة في عملها وعلى الاعلام  ان يلعب دورا مهما  في تغيير  مفهوم الناس  حول دور المؤسسات الرعاية  بانها ليست  مكبا كما يشاع في العامية   والى اي مدى المسن يتم الاعتناء به  داخل اسرته  في ظل غياب قانون حماية للمسن  حيث تبين ضمن دراسات ان اكثر الامكنة التي يتعرض لها المسن من استغلال وسوء المعاملة  هي في المنازل وليست في مؤسسات الرعاية  كونه داخل الاسرة  يتم استغلاله  ماديا  ومعنويا  وفي بعض الاحيان  يتعرض الى  عنف جسدي  ونفسي. من هنا اهمية ايجاد مؤسسة رعاية  تتبع نظام  الجودة  من قبل الدولة  تتضمن لجان مراقبة افضل بكثير من ان يبقى المسن  في المنزل دون رعاية  لان  ماذا لوكان اولاد المسن في  المهجر من يهتم به ؟ من هنا يجب دعم هذه المؤسسات التي تقوم  اليوم بدورها كما يجب في ظل عجز الدولة عن حماية المسن فكم من حالات وفاة  اعلمنا بها ان مسنين متوفين داخل بيوتهم  او متروكين  فكبار السن  في لبنان ” مبهدلين “.

اهمية  تدريب العاملين في مؤسسات الرعاية

الا ان  الاختصاصي في الطب النفسي الدكتور انطوان سعد  اعتبر عبر ال    greenarea.info :”  ان هناك قلة وعي  في عملية  التعامل مع العجوز في لبنان حيث ليس هناك قيمة للانسان المتقدم في السن  بان  دوره الاجتماعي انتهى وغير منتج  وليس له اهمية والاسوء عندما  يشعر انه سيوضع في مأوى  العجزة  كون هذه التسمية جارحة بدل ما استعمال بيت الراحة  او مؤسسة الرعاية في وجود اختصاصيين تؤمن للعجوز افضل الرعاية و نوعية  حياة افضل  دون اللجوء الى تعنيفه من العاملين في دور العجزة فالمعنف الذي يمارس ابشع قساوته على المسن هو مريض نفسيا يحتاج الى المعالجة  مما يكون ضحيته  كونه الاكثر ضعفا كما هو حال كبير السن  مما لا بد من حمايته  عبر برامج توعية و دورات تدريب   لكل العاملين  في الحقل الصحي  في كيفية الاعتناء بالعجزة بابعادها المختلفة الجسدية والعاطفية والفكرية والروحية  مما يعمل لهم دورات لهؤلاء الاشخاص  الذين يهتمون بالعجزة  كي لا يحصل مثلما حصل من اهمال في مستشفى الفنار علما ان وزارة الصحة اعلنت سنة 2015عن برنامج وطني للصحة النفسية لمدة خمس سنوات لمساعدة مثل هذه الحالات النفسية.”

  مجتمع عجوز

في المقلب الاخر اوضح  استاذ في الادارة و السياسات الصحية الدكتور نبيل قرنفل عبر ال greenarea.info  : ” لقد اسست انا و الدكتورة عبلا السباعي  مركز دراسات لكبار السن  الهدف منه توعية المجتمع  و تحويل الدراسات لاقتراحات لاجل تطبيق السياسات   ضمن البحث النوعي  حيث يتم التركيز على  اهمية العلاقة  مع  كبار السن ضمن المؤسسات التي تحتضنهم  او الاطباء الذين يهتمون بهم حيث اخذنا رايهم في الموضوع لمعرفة كيفية المعاملة معهم وما يتعرضون له من اساءة كتعرض للكمات او تعنيف نفسي  حيث تبين  لنا ايضا ان العجوز يتعرض لسوء المعاملة في المنزل اكثر مما في مؤسسات الرعاية  و ان 10,5 % فوق عمر 65 سنة و هذه اكبر نسبة في الدول العربية  بسبب انخفاض معدل الولادات  فضلا عن هجرة قوية من عنصر الشباب  مما تجعل كبار السن في لبنان بنسبة  كبيرة اي حوالي  نصف مليون شخص فوق 65 سنة  حيث ان  اكثرية هؤلاء المسنين مازالوا يعملون  منهم يعيشون لوحدهم  و منهم مع اسرهم و اقل من 1%  يسكنون  في دور الرعاية   يعني اقل من حوالي 4500 عجوز في مؤسسات الرعاية .”

الاعتناء بالعجوز تراجع

اما الاختصاصي في علم النفس الاجتماعي  محمد  بدرا  فطالب عبر ال greenarea.info   باهمية اجراء الفحوصات  الطبية ليس فقط للعجزة بل للعاملين في  المؤسسات الرعاية خوفا من تأثرهم بالحالات النفسية التي يصادفونها  مما قال :” نتيجة التفكك الاجتماعي  الذي نتج عنه غياب الاهتمام بكبار السن الذي يرتفع عددهم حيث  بات هناك حاجة  مهمة لزيادة عدد دور العجزة  والاهم في ذلك ان المجتمع اللبناني تحول الى مجتمع هرمي  نتيجة تراجع  الولادات  وسط ظروف اقتصادية صعبة  مما بات  من الضروري جدا  الاعتناء كفاية بكبار السن حيث لم يتلقى البعض منهم  العناية الكافية في دور العجزة  واجراء لهم الفحوصات الطبية والنفسية اللازمة  والاهم في ذلك ان العاملين فيها يجب ان يخضعوا لدورات تدريبية  بشكل متواصل  للكشف عن كفاءاتهم ضمن بروتوكول  طبي ملتزم بالمعايير الاساسية  الطبية والنفسية  لان بعد سنة من اهتمامهم  سواء بالعجوز ام من المرضى النفسيين  فتلقائيا يتاثرون بها لا اراديا  الى ذلك  المطلوب  من كل من وزارتي  الصحة و الشؤون الاجتماعية تخصيص  مبالغ مالية لمؤسسات الرعاية لان بات هناك حاجة كبيرة لها لاستقبال هذا العدد المهم من كبار السن نظرا لازدياد اعدادهم .”

الى رأي  الاختصاصي في علم الاجتماع الدكتور عبدو قاعي الذي قال ل greenarea.info :”ان  مفهوم العائلة تغيرحتى الاهتمام بين افراد العائلة تراجع لذلك  لم يعد هناك  من اهتمام بالمسنين مثلما هو واجب  والاسباب متعددة. اما  لتفكك العائلات حيث لم يعد  المسن محط اهتمام وترابط بين  علاقات افراد العائلة بعدما  كان في السابق  رب العائلة واليوم لم يعد كذلك  مما صار عبئا على  العائلة و باتوا يفكرون في  كيفية التخلص منه  كونه مكلف جدا  سواء في الاهتمام به وعايته طبيا  خصوصا وان انظمة الماوى باتت من الانظمة الاجتماعية الباهظة   في ظل غياب  الضمانات  الاجتماعية  حيث ان نسبة العائلات التي ترعى العجزة في المنزل باتت تشكل  فقط من 7% الى 8 %  فقط .”

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This