يعيش العالم في وتيرة متسارعة من التطوّر على مختلف الأوجه، إلاّ أنّ هناك بعض المفاهيم غير مواكبة لهذا التطوّر، ولا تزال بحاجة للعمل عليها، منها المساواة بين الجنسين.
إذ أشار البنك الدولي ضمن مؤشر جديد أنّ النساء لا يحصلن سوى على ثلاثة أرباع، ما يتمتع به الرجال من حقوق قانونية على مستوى العالم، مما يعوّق قدرتهن على الحصول على فرص عمل، أو إنشاء الأعمال وإتخاذ قرارات إقتصادية، تصب في مصلحتهن ومصلحة عائلاتهن.
تقدّماً كبيراً
تفصيلياُ، ينظر المؤشر الجديد الصادر عن دراسة، “المرأة، أنشطة الأعمال والقانون 2019: عقد من الإصلاحات”، إلى المعالم الرئيسية في حياة المرأة المهنية، من البدء في العمل وحتى الحصول على راتب تقاعدي، والحماية القانونية المرتبطة بكل من هذه المراحل .
وتغطي بيانات التقرير فترة تمتد لعشر سنوات، حيث يتم إعطاء درجة لكل إقتصاد من الإقتصادات، التي يغطيها وعددها 187 وذلك وفقا لثمانية مؤشرات.وبناءً على نتائج المؤشر، فقد كان التقدّم الذي تحقق على مدى السنوات العشر الأخيرة، في المجالات التي يقيسها كبيراً.
فخلال تلك الفترة، إرتفع المتوسط العالمي من 70 إلى 75، وحقق 131 إقتصاداً 274 إصلاحاً في التشريعات والقوانين، التي أدت إلى تحسين الإدماج الإقتصادي للمرأة. كذلك طبق 35 إقتصاداً إصلاحات لتوفير الحماية القانونية ضد التحرش الجنسي في أماكن العمل، مما وفر الحماية لنحو ملياري امرأة أخرى، مقارنة بما كان عليه الحال قبل عشر سنوات.
في حين قام 22 إقتصاداً بإزالة القيود المفروضة على عمل المرأة، مما قلّص من إحتمال إستبعاد المرأة من قطاعات معينة من الإقتصاد، كما طبق 13 إقتصاداً قوانين تنص على تقاضي أجرٍ، متساوٍ لقاء القيام بعمل متساوي القيمة.
الواقع الحالي
قطعت العديد من الدول أشواطاً في تحقيق المساواة وحاز إقتصادها على درجة كاملة . ووفق المؤشر تتمتع ستة إقتصادات حالياُ – هي بلجيكا والدنمارك وفرنسا ولاتفيا ولوكسمبورغ والسويد – بدرجة كاملة على المؤشر (100)، مما يعني أنها تمنح النساء والرجال حقوقاً قانونية متساوية، في المجالات التي تخضع للقياس. ووفقا لهذا المؤشر، فقد شهدت الإقتصادات التي أجرت إصلاحات زيادات أكبر، في النسبة المئوية للنساء العاملات بشكل عام، مما أدى إلى التمكين الإقتصادي للمرأة.
في الجهة المقابلة، مازالت النساء في أماكن عديدة من العالم، يواجهن تشريعات وقوانين تميز ضدهن في كل مرحلة من حياتهن المهنية. إذ أنّ هناك 56 إقتصاداً – عبر كل مناطق العالم ومستويات الدخل – لم تقم بأية إصلاحات على الإطلاق، لتحسين تكافؤ فرص العمل للنساء خلال السنوات العشر الماضية. في حين كانت وتيرة الإصلاح الأبطأ في فئة إدارة الممتلكات – حيث يفحص المؤشر الفروق بين الجنسين في مجال حقوق الملكية.
على صعيد الدول الأخرى، فقد حققت منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ، ثاني أكبر زيادة في المؤشر، حيث إرتفعت قيمته من 64.80 إلى 70.73 ، كما حققت ثاني أعلى نسبة مئوية للإقتصادات التي طبقت إصلاحات، بنسبة 84%. وشهدت المنطقة إجمالا 38 إصلاحا. فيما قامت تسعة إقتصادات في المنطقة، بإصلاحات في فئة الزواج، حيث أدخلت تشريعات تجرم العنف الأسري. وكانت الصين وسنغافورة وفييتنام من بين ثمانية إقتصادات في المنطقة أدخلت أجازة أبوة مدفوعة الأجر.
على صعيد إقليمي
أما على الصعيد الإقليمي فقد شهدت العديد من المناطق إصلاحات. منها منطقة أوروبا وآسيا الوسطى، تطبيق 47 إصلاحاً على مدار السنوات العشر الأخيرة، جاء معظمها في فئة الحصول على معاش تقاعدي. وقامت تسعة إقتصادات، منها كازاخستان وأوكرانيا، بتسوية سن التقاعد الذي يستطيع عنده، الرجال والنساء التقاعد بمعاش تقاعدي كامل. وإرتفع مؤشر المنطقة من 80.13 إلى 84.70، وهو أعلى متوسط إقليمي خارج نطاق الإقتصادات المتقدمة، بمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الإقتصادي. في حين كانت بلغاريا وتركيا من بين الإقتصادات الستة، التي أدخلت إجازة أبوة مدفوعة الأجر.
أما في إقتصادات منطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، فقد إرتفع المؤشر من 75.40 إلى 79.09على مدار السنوات العشر الأخيرة، وهو ثاني أعلى مستوى بين الإقتصادات الصاعدة والنامية، وطبقت إقتصادات المنطقة 39 إصلاحا خلال تلك الفترة. في حين نص عدد من الإصلاحات بالمنطقة على تمديد إجازة الأمومة. وحققت بوليفيا، التي تتيح للنساء الحصول على الوظائف نفسها، التي يحصل عليها الرجال وتحظر التحرش الجنسي في أماكن العمل، ثاني أكبر زيادة في الدرجات مقارنة بأي إقتصاد آخر في العالم. وحظرت المكسيك فصل النساء الحوامل.
أما على صعيد الشرق الأوسط، الذي يبقى دائماً متأخر فيما يتعلق بموضوع المساواة، فقد طبقت إقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 19 إصلاحا. في حين سجلت المنطقة أدنى متوسط لدرجة المساواة في النوع الإجتماعي على مستوى العالم والذي بلغ 47.37، وأدنى زيادة في درجة المتوسط الإقليمي. وكانت فئة الزواج المحور الأساسي للتغيير، حيث طبقت أربعة إقتصادات – الجزائر والبحرين ولبنان والمملكة العربية السعودية – قوانين تجرم العنف الأسري، فيما سنّت الأردن أحكاماً جديدةً، تنص على إحتساب فترات توقف العمل، لهدف رعاية الطفل ضمن مدّة إستحقاق معاش التقاعد.