من على الأرض، وفي سياق رصد التعديات على نهر الليطاني، لا يمكن أن نتبين حجم الكارثة الملمة بأطول نهر في لبنان بنظرة شاملة ومشاهد بانورامية، ذلك أن مجال الرؤية يكون محدودا، والعين قاصرة عن التقاط تفاصيل أكبر، ولعل هذه المشكلة واجهت على نحو كبير “المصلحة الوطنية لنهر الليطاني” مع إطلاق حملة استعادة الليطاني من الملوثين، وعلى الرغم من جولات ميدانية ومتابعة يومية للمخالفات، رصدها، توثيقها والإبلاغ عنها، إلا أن ذلك لم يكن كافيا للإحاطة بكل الجرائم والارتكابات.
حيال ذلك، وجدت “المصلحة الوطنية لنهر الليطاني” أن ثمة ضرورة قصوى لرؤية وتوثيق التعديات بما يقدم أدلة أكبر وصورا أكثر وضوحا، فإذا لم تحرك الصور الفاضحة قضية نهر الليطاني إلى مستوى ما تستحق من اهتمام، فهل تكون الصور من الجو قادرة على وضع الجميع أمام مسؤولياتهم بعيدا من التنظير والمماطلة في اتخاذ قرارات سريعة بعيدا من مراعاة اعتبارات خاصة وعامة؟
صور من الجو
في خطوة غير مسبوقة، تمكن فريق “المصلحة الوطنية لنهر الليطاني” من القيام بمسح جوي للأضرار والتعديات، ومن أولى بأن يكون حاضرا لهذه المهمة غير جيشنا اللبناني، فبالتنسيق مع القوات الجوية في الجيش كانت “جولة جولية” في الخامس من نيسان (أبريل) الجاري 2019، وكانت ثمة صور “نسفت” ما سبقها، خصوصا مع ما أظهر على مستوى مكبات النفايات.
صور فاضحة وصادمة يندى لها الجبين، مكبات نفايات عشوائية وصرف صحي وخيم نازحين على ضفاف النهر مباشرة، وكان أكبرها وأخطر مكب النفايات في قب الياس في البقاع الأوسط الذي سبق لـ greenarea.info أن وثقه بالصور، ولكن لم يبدُ بهذا الحجم، فجاءت الصور من الجو أكثر وضوحا بمعنى الفضيحة والكارثة.
المصلحة الوطنية لنهر الليطاني
وقد زودتنا بالصور “المصلحة الوطنية لنهر الليطاني”، وما بدا عصيا على الاستيعاب جاء على شكل سؤال: كيف يمكن رفع الضرر عن النهر؟ وكيف يمكن حماية من يعيشون على ضفتيه، أي على شريط القرى الممتد على جانيه من النبع إلى المصب؟ من البقاع الشمالي إلى الأوسط فالغربي وصولا إلى الجنوب فالبحر؟
هي أسئلة تنتظر إجابات أكبر وإجراءات أسرع، فما بدا واضحا من الجو لا يمكن استيعابه ولا تبريره، ولا تسويف المطالب من أجل رفع التعديات حرصا على مرفق عام يستفيد منه الناس، ومن المفترض أن يكون جالبا للخير لا للموت والتلوث بكل أصنافه العضوية والكيميائية.
علوية
ومع معاينة الصور، كان لا بد من الوقوف على رأي رئيس مجلس إدارة ومدير عام “المصلحة الوطنية لنهر الليطاني” الدكتور سامي علوية، فأشار لـ greenarea.info إلى “اننا قمنا كمصلحة بهذه الجولة مع الجيش اللبناني، وتمكنا من توثيق الكثير من التعديات، بعضها بالتأكيد كنا وثقناه ومعروف من قبلنا، لكن ثمة تعديات لم تكن ظاهرة للعيان”.
ورأى أنه “الآن باتت لدينا أولوية جديدة فضلا عن المصانع، وهي متمثلة بمزارع البقار، إذ تبين لنا خلال الجولة وبالصور وجود عدد كبير من مزارع الأبقار على ضفتي النهر، وهذه الجولة الجوية كشفت عدد هذه المزارع وحجمها”، ولفت أيضا إلى أن “حجم الصرف بدا أكثر بكثير مما كنا نتوقع”.
وتحدث علوية أيضا عن “مخيمات النازحين التي ما تزال على ضفتي النهر وترمي صرفها الصحي على النهر مباشرة”، ولفت إلى أن ذلك “يبين حجم الكذب والنفاق لدى بعض الجمعيات والمؤسسات الدولية المفترض أنها منظمات إنسانية، ولكن للأسف إلى الآن لم يتم تفكيك هذه المخيمات”.
وأشار علوية إلى أن “هناك جولة ثانية سنقوم بها أيضا لاستكمال ما قمنا به في هذه الجولة الأولة”، لافتا إلى أنه “بالنسبة إلى التعديات التي قمنا بتوثيقها في هذه الجولة، ولم نتقدم بدعوى ضد المرتكب سنتقدم بدعاوى على غرار ما قمنا ونقوم به في هذا المجال وسنعمل على إزالة كل المخالفات