لم تكن بأكثر من فكرة انبثقت من تطلعات مشتركة عنوانها مدينة صور، لكن المشاريع الكبيرة غالبا ما تبدأ بفكرة وحلم، تماما كبذرة تُنثر في تربة مؤاتية فتفيض خيرا وجمالا، هكذا اجتمع بعض شابات وشباب من مدينة صور، تلاقوا على محبتهم لمدينتهم الرابضة على شاطئ المتوسط، وكأنهم سمعوا بعض وشوشوات منارتها العتيقة، وهي تروي حكايا الزمن البعيد، أو استلهموا ما “تبوح” آثارها الصامدة في وجه الشمس وحتى تلك المطمورة في بحرها أو غارقة في ترابها وتربتها.

 

الماضي وإيقاع الحاضر

 

هذا الإرث الثقافي والحضاري كان كفيلا بتحريك الهمم، لملاقاة صور بما تستحق من عناية ورعاية واهتمام، فكانت تطلعاتهم مندرجة في سياق تفعيل حضور المدينة على الخارطة السياحية للبنان، وأبعد بكثير مما حددته الرؤية التقليدية للدولة، بمعنى التحليق أبعد وفق رؤى وتصورات جديدة، لا تُبقي النظرة إلى صور “أسيرة” بحرها وشواطئها، برغم ما تختزن من تراث وإرث كبيرين، خصوصا وأن مدينة صور بأحيائها ومعالمها وأبنيتها وما بقي شاخصا من آثارها تظل حاملة لعبق الماضي فيما عينها تتوثب لتعانق المستقبل كمدينة متوسطية كانت يوما عاصمة حضارات وثقافات مختلفة.

لا يمكن الإحاطة بالتحضيرات القائمة اليوم لمهرجان صور السياحي والثقافي الذي حضر بالفعل على قائمة المناسبات والمهرجانات السياحية إلا من خلال كل هذا المخزون الحضاري، فهؤلاء الشابات والشباب رأوا في تجمعهم واجتماعهم أن صور ليست شاطئا فحسب، وإنما هي كل هذا الإرث، المفترض توظيفه (بمعنى إيجابي) في تبني رؤى خلاقة تدمج الحاضر والماضي وتنحو صوب الحداثة بمفهومها القائم على المواءمة بين التراث واللحظة، بين الماضي وإيقاع الحاضر.

 

المهرجان

 

وفي هذا السياق، واكب greenarea.info التحضيرات للمهرجان الذي ينطلق بعد ظهر اليوم باحتفال حاشد، ويستمر حتى الثامن والعشرين من الشهر الجاري، ويتضمن معارض وجولات سياحية وبيئية، زيارات للأماكن الأثرية، وستكون حاضرة من ضمن الأنشطة قوات “اليونيفيل” والجمعيات الأهلية والأندية ومؤسسات تربوية، ويجمع المنظمون على احتضان بلدية مدينة صور لهذا الحدث الثقافي والتنموي، وعلى دور رئيس “اتحاد بلديات صور” ورئيس بلديتها المهندس حسن دبوق، ما شكل العنوان الأرقى للتكامل بين السلطة المحلية ومؤسسات المجتمع الأهلي.

وكان من الطبيعي أن يكون المهرجان برعاية بلدية صور، وأن يحظى باهتمام رسمي لجهة حضور وزير الثقافة الدكتور محمد داود، فضلا عن مشاركة قوات “اليونيفيل”، ما سيوفر فرصة للتلاقي الثقافي، من الفنون إلى الحرف والمونة وغيرها من مظاهر الحياة.

 

كريِّم

 

وأشار الزميل مهدي كريِّم أحد المؤسسين والمنظمين في مجموعة “صور بتجمعنا” إلى أن “ثمة تطلعات وأهدافا جمعتنا، فكان هذا المهرجان حاملا عنوانا أساسيا يختصر بتنشيط السياحة المحلية، في إطار السعي لتكريس السياحة على مدار العام”، لافتا إلى أن “ما حفزنا للتلاقي والانطلاق يتمثل في ضرورة التأكيد على أن صور ليست بحرا وشاطئا فحسب، وإنما صور الآثار والأسواق القديمة والمطاعم والبيئة والمعالم الطبيعية”.

وعرض للجولات في سياق المهرجان “لتعريف اللبنانيين والزوار على تاريخها ومعالمها المختلفة وأهلها وعاداتهم”، ولفت كريِّم إلى أن “تعزيز القطاع السياحي في المدينة يستهدف سائر القطاعات، فالمهرجان ينشد أيضا تطوير الحركة الإقتصادية محلياً”.

ودعا “اللبنانيين من كافة المناطق للتوجة إلى صور ليكونوا جزءا من معالم الفرح ومشاركين في سائر الأنشطة والفعاليات”.

وأثنى كريِّم على دور بلدية صور التي دعمت المهرجان لوجستياً وقدمّت التسهيلات اللازمة لإنجاحه”، مؤكد أن “عملنا تطوعي كمجموعة (صور بتجمعنا) وسائر الأنشطة شبه مجانية”.

tyr1

شلهوب

 

وأشارت الناشطة البيئية والاجتماعية فاتن شلهوب من مجموعة “صور بتجمعنا” إلى أن “المهرجان سيكون متنوّعاً وغنياً على الأصعدة كافة”، ولفتت إلى أن “المشاركين في فعاليات اسبوع صور السياحي التراثي (لبنان الى صور) سيكونون على موعد مع جولات مجانية برفقة مرشدين متطوعين من المجموعة سوف يروون قصصاً عن المدينة”.

وأضافت: “يتخللّ المهرجان أنشطة متعددة على مدى الأسبوع، منها ما هو ثابت بحيث يتكرر بشكل يوميّ مثل الجولة السياحية التراثية والثقافية التي تشمل استكشاف موقع البصّ الأثري وآثار المدينة وجولة في الأسواق وزيارة للخانات والمساجد والبيوت الأثرية القديمة، بالإضافة إلى الاطلاع على الأعمدة المتبقية من أقدم كنيسة بيزنطية في العالم، وزيارة المكتبة العامة ومنارة صور وشارع الألوان وكنيسة سيدة البحار وميناء الصيادين، وتُختتم هذه الجولة التي تستغرق نهاراً بأكمله في ساحة القسم العامة حيث سيكون معرضٌ ثابت ودائم للمونة والحرفيات التي شغلتها حوالي 50 سيدة من صور والجوار”.

ولفتت شلهوب إلى أن “ثمة جولة أخرى يتخللها المهرجان بشكل يوميّ تستهدف المحمية الطبيعية ومركز باسل الأسد حيث متحف أعماق البحار الذي يحوي أسرار البحر، وتُختتم بزيارة مؤسسات الصدر حيث تُصنع الحرف”، وأشارت إلى أن “كل المعلومات موجودة على صفحة المهرجان على موقع (فيسبوك)، على هذا الرابط: https://www.facebook.com/search/str/%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86+%D8%A7%D9%84%D9%89+%D8%B5%D9%88%D8%B1/keywords_search?epa=SEARCH_BOX“.

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This