كان من المفترض أن نحتفي بعد يومين، وتحديدا في الخامس من الشهر الجاري بـ “اليوم الوطني للسلاحف”، لا أن نوثق النافق منها مع استمرار هذه الظاهرة، وما نشهد من حالات نفوق متتابعة على امتداد الساحل اللبناني من الشمال إلى الناقورة جنوبا، وما يحمل مثل هذا الأمر من مؤشرات خطيرة غير منفصلة عن سلامة البحر، وإذا كانت البيئة كلاً متكاملاً فهذا يعني أن الضرر أبعد من البحر، خصوصا وأننا ما نزال نعيش حالة من الفلتان، وفوضى مقنعة بالجهل حينا وبالفوضى والإهمال أحيانا كثيرة.

الإيذاء المتعمد

 

ما يبعث على التشاؤم يظل متمثلا في كل هذا الاستهتار وعدم المسؤولية، لا سيما وأن بعض حالات نفوق السلاحف البحرية مرده إلى الإيذاء المتعمد، وهذا ما تأكد ليل أمس في فيديو صوره ناشطون في منطقة الريفييرا في بيروت، وأظهر سلحفاة كبيرة بدت عليها آثار الضرب، وما كشفه الفيديو يقطع الشك باليقين، لجهة أن السلحفاة علقت في شباك أحد الصيادين، ولم يبادر إلى إطلاقها من “شرك” شباكه، لا بل استسهل التخلص منها ضربا حتى الموت.

 

اليوم الوطني للسلاحف

 

ومع توثيق هذه السلحفاة النافقة، كل التمني ألا يكون “اليوم الوطني للسلاحف” مجرد منصة إعلامية لا تسمن ولا تغني من جوع، أي على قاعدة المثل القديم “نسمع جعجعة ولا نرى طحينا”، فهذه الإحتفالية السنوية أطلقت بهدف ترسيخ الوعي حيال هذه الكائنات البحرية ودورها في النظم الإيكولوجية بحرا وشاطئا، ما يتطلب تعاونا بين الجمعيات الأهلية الفاعلة وسائر الجهات الرسمية المسؤولة.

ولا بد من تفعيل هذه المناسبة على نطاق أوسع، يشمل العديد من الأنشطة على مستوى المدارس ومراكز الأبحاث، خصوصا وأننا لا نزال بالفوضى وبتبعات الجرائم البيئية على أنواعها، بعد أن سدت آذان من هم مؤتمنون على هذا الوطن وبيئته، برا وبحرا وجوا، في وقت ما تزال هذه تكافح وتجابه كل أسباب التدهور البيئي البحري بغية الإستمرار، التزاوج، والتكاثر.

 

الحفاظ على التوازن

 

بحر لبنان وبالرغم من طمره بالنفايات ومختلف الملوثات العضوية والكيميائية ما زال بيضج بالحياة ويفيض بتنوع كائناته ولا يبخل علينا بمفاجآته التي لا ينضب جمالها ولا تخبو دهشتها، وإذا كان التلوث عصيا على المعالجة الآن، فعلى الأقل ثمة ضرورة لتعزيز الوعي لدى البعض من المواطنين والصيادين وأصحاب المراكب، وما نشهد يقدم إثباتا واضحا لجهة عدم احترام البحر وكائناته، ولا بد من توخي الحذر واحترام هذه الكائنات وإفساح المجال أمامها لتتكاثر، خصوصا وأن ما تسديه لهم من خدمات عبر الحفاظ على التوازن البيئي يعود على الصيادين ومرتادي البحر بفوائد كبيرة، وهذا التوازن مطلوب وضروري كي لا نواجه تبعات خسارة هذا التنوع الحيوي الغني، ولا سيما على شواطئنا.

وفي سياق متصل، يجيب ألا يغيب عن بالنا أنه خلال الأشهر القليلة المنصرمة، حدثت حالات نفوق كثيرة لسلاحف البحر، ومعظم هذه الحالات تبين لاحقا أنها ناجمة عن تعرضها لصدمات أدت إلى نفوقها.

 

سلحفاة “الريفييرا”

 

في هذا السياق وصل لـ greenarea.info فيديو صوره أحد الصيادين في بيروت، وتحديدا قرب شاطئ “الريفييرا”، وثق خلاله مشهدا لسلحفاة نافقة وقد تعرضت لاعتداء مباشر.

وأشار الصياد إبراهيم فواز إلى أن “هناك ضربات على الرأس، واحدة منها بدت واضحة بجانب عينها”، كما أكد فواز أن “بقايا الشباك كانت ما تزال عالقة بها ما يؤكد انها تعرضت للقتل من قبل صياد ما بعد أن علقت في شباكه”.

وأشار إبراهيم لـ greenarea.info الى انه كصياد يقوم بحماية هذه الكائنات لثقته بأن “البحر هو مجالها الحيوي ولا بد من احترام هذه الكائنات وغيرها والمحافظة عليها، ما يعتبر الضمانة الوحيدة لإستمرارية التنوع الحيوي الذي يعني الخير واحترام الطبيعة، وهذا ما سيعود بالنفع على الصيادين جميعا”.

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This