يؤسس تكتيك “الذوبان” الذي يقوم على تخفّي “الجهاديين” وانغماسهم بين المدنيين الهاربين من المعارك، لجيشٍ من “الخلايا النائمة” ويضمن استمرارية الفكر الوهابي المتشدد، على الأرض السورية، كما يعطي زخماً جديداً لكل التنظيمات الإرهابية وخاصة “داعش” التي نعى زعيمها أبو بكر البغدادي، منذ أيامٍ دولة الخلافة التي أسسها في سوريا (ولاية الشام بحسب تعبيره)، في محاولةٍ منه ربما للبحث عن هوية جديدة لتنظيمه الإرهابي، تسمح له وتسهل عمله في المجتمع السوري، لفترة السَبات التي سيعيشها التنظيم  بعد انتهاء الحرب.

نعي البغدادي جهاراً لتنظيمه في سوريا، لم يثنِ راعي البقر الأميركي عن مشاريعه الإستعمارية في بلادنا، فبالاضافة الى تأكيدهم لذلك على لسان المُتحدث باسم الخارجية الأميركية، الذي أشار مباشرةً بعد انتهاء البغدادي من رسالة النعوة المذكورة ، إلى أنَّ  المعركة مع “داعش” لم تنته بعد” ، وعلى الرغم من أنَّ التنظيم حقيقةً، لم يعد موجوداً ، غير انهم بدؤوا  بالبحث عن بدائل لتلك الأدوات ، وإن باسماء جديدة.

فاستخدام البغدادي لتكتيكات جديدة بالشكل قديمة بالمضمون ، واكبه إقحامٍ لشركة بلاك ووتر  Blackwater للخدمات الأمنية ” في العراق، والحديث عن دخولها  سوريا، لتحل محل القوات الأميركية، التي أعلن “ترامب” ،العام الفائت عن سحبها (دون أن ينسحب عسكري واحد)، ذلك الإعلان الذي دعى  ”إريك برنس” مؤسس الشركة الامنية ، الى أن يقترح وبحماسةٍ فائقةٍ،  في مقابلة مع شبكة “فوكس بزنس” الأميركية، “استبدال متعهدي خدمات عسكرية خاصة بالقوات الأميركية المنسحبة من سوريا”.

اقتراح “برنس” ذاك يُفسر ماجاء في  الوثيقة المسرّبة من وزارة التجارة العراقية، والتي  تُظهر أن من بين الشركات الأجنبية المسجلة لديها (بتاريخ 8 – 2 – 2018) مجموعة “فرونتير سيرفيسز”  التابعة لبرنس ذاته (اسمٌ أخر لــ” بلاك ووتر”)، مقرها في “هونغ كونغ”، (عرضت على موقعها الإلكتروني خدمات حراسة مسلحة وغير مسلحة، ومن شروط التوظيف لديها “تمتع المتقدمين بخبرة عسكرية لا تقلّ عن خمس سنوات”) وذلك بحسب موقع “بازفيد  Buzzfeed” الأميركي.

قائد ورئيس المقاول العسكري الأمريكي “بلاك ووتر”، وفي سياق حديثه عرض خدماته لحماية حلفاء اليانكي الأميركي (اسرائيل، التنظيمات الإرهابية، و”قسد”) ، قائلاً:  “متعهّدينا قد يحمون حلفاء الولايات المتحدة، ويتصدّون للنفوذ الإيراني بعد مغادرة الولايات المتحدة البلاد” .

وهذا مايفسر أيضاً، التسريبات الأخيرة لمصادر مقرّبة من القائم بالأعمال الأميركي في العراق “جودي هود” والتي تقول:  أنَّ “بلاك ووتر” لاتزال تمارس نشاطاتها في  العراق وتحديدا في قاعدة “عين عيسى” في تدريب عناصر من تنظيم “داعش”، لافتة إلى أنها ضمّت قبل أيام إلى برامجها نحو ألف من هؤلاء”.

ويُلاحظ أنَّ المقاربة كبيرة بين خطاب البغدادي  “داعش”،  و برنس “بلاك ووتر” ،فالأول شدد في رسالته الأخيرة على أن المعركة مستمرة وطويلة ، وقال : إن “الله أمرنا بالجهاد ولم يأمرنا بالنصر”، أي أنَّه حتى لو انتصر في مكان ما فانه سيواصل الجهاد والقتال، فيما أكد قائد بلاك ووتر ذات الفكرة قائلاً: “الحرب حرب لا نهاية لها” وهو فعلياً يسعى جاهداً الى تطوير أعماله، عبر افتتاحه فروعاً لها في مملكة الإمارات، ليعيث المزيد من الدمار سواء في  المنطقة (العراق، اليمن وسوريا) أم في أفريقيا ودول أميركا اللاتينية.

جليٌ هو المشهد في المنطقة، فالولايات المتحدة الأميركية تعد العِدة لحروب من نوعٍ آخرٍ، بعد فشلها في إركاع سوريا ومحور المقاومة (خدمة لإسرائيل) عبر الحرب المباشرة، فيظهر في المشهد القريب، جيوشٌ دبلوماسية تُحيك فيما تحيك، خِططاً لإنهاء الحرب، بسرعة والبدءِ في تقسيم كعكعة إعادة الإعمار، لتنهب عبرها البلاد والعباد، وهذا شكل آخر للحرب مابعد الحرب، وفي المشهد أيضاً إرهابيون وقد ارتدوا لباس السوري الأصيل الكريم المُسالم، ماسيجعل البلاد  تعيش في حقل ألغامٍ، وهذه أيضاً تعد لحرب من نوعٍ آخر، فيما يظهر في المشهد البعيد ، جيوشاً مأجورةً، بأسماءٍ جديدةٍ تُرابض على مشارف سوريا، تبحث عن مبررات دخولها ومن ثم تواجدها في البلاد بعد انتهاء الحرب.

لايزال السيناريو الذي ستتخذه معركة إدلب شبه ضبابياً، كما لا يعرف أحد ماهو الإسم الجديد لشركة  “بلاك ووتر”،  التي وقبل البدء بمعركة إدلب الحاسمة، ستساعد بما لاشك فيه “منظمة الخوذ البيض”، والتي بدورها قد تتخذ لها إسماً جديداً، في تنفيذ  تمثيلية جديدة بعنوان “جيش النظام السوري يقصف إدلب بالسلاح الكيماوي، ماقد يخلق مبرراً جديداً لإجتماعات طويلة جداً في أروقة الأمم المتحدة وتوابعها، ويخلق مناخاً و أرضاً خصبةً لعمل منظمات (NGO)  الأذرع الخفية للإستعمار، فتولد ألف منظمة ومنظمة، بحجة إغاثة الشعب السوري، وتُرصد لسوريا مليارات الدولارات، ولكن على الورق،  في بياناتٍ  وتقاريرٍ دولية كاذبة، فيسقط السوريون في نفق الجوع والفقر والأمية، ويعيشون بذلك حالة غير محسودين عليها تسمى “النوم في العسل” !!.

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This