الرغبة الجامحة لدى التحالف الإستعماري الذي يقوده الرئيس الأميركي، بإسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، لم تتحقق، وباتت المسألة تشكل تحدٍ صارخ للسياسة الإستعمارية لحلف “ترامب” في المنطقة كلها، وعليه لم يأتِ تأكيد مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، “فاسيلي نيبينزيا”، خلال الجلسة الطارئة، التي عقدها مجلس الأمن الدولي، بشأن الوضع في إدلب، بأن بلاده ” ستواصل محاربة الارهابيين في ادلب، رغم عويل الغرب”، من فراغ، فالولايات المتحدة الأميركية وحلفائها، تعاني اليوم من عجز واقعي شديد، وفقدت الكثير من هيبتها الدولية.

 

وفي تحدٍ كبير لعنجهية الأميركي،  قام الحوثيون، بضرب محطتين لضخ النفط من شرق السعودية، إلى غربها، دون المرور بمضيق هرمز، مُستخدمين الطائرات المسيرة، وإعلانهم بلغة التحدي أيضاً : أنَّ العملية جاءت رداً على استمرار العدوان  في ارتكاب جرائم إبادة وفرض حصار على شعب بأكمله”، الأمرالذي أثبت فشل القبة الحديدية التي اشترتها المملكة من الكيان الصهيوني، وأنَّ صفقات السلاح التي تدفع مملكة الرمال ثمنها مليارات الدولارات لراعي البقر بحجة حماية نفسها من الخطر الأيراني، لا تساوي ثمن الحبر الذي تُوَّقَعُ بهِ( اشترت أسلحة بحوالي 70مليار دولار، أي مايعادل 17 ضعفاً، المبلغ المخصص لتمويل خطة الأمم المتحدة للإستجابة الإنسانية لليمن لسنة 2019 الذي لا يتجاوز أربعة مليارات دولار!!

 

فيما يشي الوضع الخطير الذي تمر به دول الخليج العربي، بالتحدي الثالث،  الذي برز مؤخراً، حين صمتت الولايات المتحدة وحلفائها الذين يتقاضون (بحسب ترامب نفسه) مليارات الدولارات، لقاء حماية ممالك الخليج (وخاصة السعودية والإمارات)  عن الهجوم التخريبي الذي تعرضت له  ناقلتين سعوديتين في الإمارات، وعن  تعرض 4 سفن شحن تجارية من جنسيات عدة،  واكتفائها  بوصفه بـ»العمليات تخريبية قرب المياه الإقليمية،  وما صمتها هذا سوى عجز جلي وضياع لهيبة الامبراطورية الاستعمارية.

 

كذلك فشلت كل جهود الإدارة الأميركية الخبيثة، لإضعاف “إيران” وإركاعها،  فبرغم تحشديها للرأي العام الدولي، وتصويرها للمشهدية في الخليج الإيراني على أنه برميل بارود، قاب قوسين من الإنفجار، وأنَّ ذلك ليس إلا تهديداً للأمن والسلام في المنطقة (يقصدون آمن وسلام اسرائيل)، ورغم رهاناتها على نجاعة  العقوبات الإقتصادية الهائلة وغير المسبوقة، لم تخضع “إيران”، وواصلت التحدي، مُصرةً على ألا تصرخ من لعبة عض الأصابع، (لدى “إيران” إحتياطيات نقدية مناسبة تفوق 100 مليار دولار)، ورد “الظريف” الإيراني، على تخويتات “بومبيو” بتحدٍ كبيرٍ عنوانه: الجميع يُصدر النفط أو لا أحد.

و ليس حسم “ترامب” خياره بعدم المواجهة حين قال : “لا أريد خوض مواجهة عسكرية مع الإيرانيين، وطلبه التواصل من جديد مع “إيران” للتوصل إلى اتفاق جديد بهذا الخصوص، تاركاً رقم هاتفه  الخاص لدى الوسيط السويسري، إلا  خضوعاً غير مباشرٍ، وانتكاسة كبيرة للتوجه العسكري الذي يقوده فريق “بولتون” العسكري، الدموي.

لم تكن صورة امبراطورية الشر، العاجزة عن مواجهة صبر وتجاهل صانع السجاد الإيراني،  الأخيرة،  فقد تلقت تحدٍ كبير جاءها من بيروت عبر فشل محاولات السفير الأميركي في لبنان ، وأذياله، في التحريض لشيطنة  حزب الله، ومن السودان التي رفض الثوّار فيها أن تركب قوى عسكرية مدعومة من الخارج، موجة النصر،  ومن كوريا الشمالية التي قررت عدم الإستجابة للمطالب الأميركية، متحديةً اياها بأن أشرف زعيمها ، على تجربة نوعٍ جديدٍ من الأسلحة الموجهة التكتيكية، قصيرة المدى بعكس الصواريخ الباليستية بعيدة المدى، من تلك التي تُمثل تهديداً لبلاد الشرير “سام”.

 أضف الى تلك المشهدية، التي عنوانها “طز” في أميركا،  إصطدام  الأهداف الأميركية المُعلنة، في فنزويلا بصمود رهيب ضد سياسة العقوبات الإقتصادية، ودعم شعبي فائق التصور( وصل عدد قوات “الدفاع الشعبي” الفنزويلية الى حوالي مليونين ونصف المليون متطوع) و ما الفشل الذريع لربيبها “غوايدو” في زحزحة الرئيس “مادورو” عن مواقفه الرافضة وبشراسة لسياسة الهيمنة الاميركية، سوى شكل أخر من التحدي.

 

تأسيساً على كل ذلك، لن تمر صفقة القرن بسهولة، وعليه فإنَّ الخاسر الأكبر من ضعف السطوة الأميركية، هي اسرائيل، لكن ضياع هيبة الأميركي في بعض مناطق العالم، لا يعني انتهاء الصراع، وركون الأميركي الى فكرة عالم متعدد الأقطاب، لن يكون بهذه السهولة، فما هو الشكل الجديد للإستعمار؟.

 

 

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This