أحرجت إيران وبكل ثقة، الولايات المتحدة الأميركية، بإسقاطها طائرة تجسس مُسيّرة “غلوبال هاوك “Global Hawk، تبلغ قيمتها أكثر من مئتي مليون دولار، مجهزة بأحدث أجهزة التجسس في العالم، بحيث يمكنها رصد الخليج بأكمله على مدار الساعة وإرسال صور فورية للسفن والمحطات الأرضية، وكان الخبراء يعتبرون أن إسقاط هذا النوع من الطائرات، شبه مستحيلٍ، كونها تحلق على ارتفاع شاهق يبلغ 65 ألف قدم.
الطائرة المذكورة، انطلقت من قاعدة “الظفرة” الجوية في الإمارات، (بحسب الفيديو الذي نشره الحرس الثوري الإيراني)، حيث يوجد منها طائرتين فقط، القاعدة التي حاول ملوك الإمارات التعتيم على وجودها (كانوا يدَّعون أنها قاعدة مُشغلة من قبل الطيران الإماراتي، يقتصر دورها على إعادة تزويد المقاتلات الأمريكية بالوقود)، الى أن ظهرت فجأة الى العلن، كواحدة من أكثر قواعد طائرات التجسس الأميركية نشاطًا حول العالم، انطلقت منها المقاتلات الأميركية والفرنسية لشنِ حروب على دولٍ في المنطقة وخارجها، (العراق، اليمن سوريا وحتى أفغانستان).
من الإمارات، التي اختلق لها “ترامب” حادثة تفجير السفن في ميناء الفُجيرة، كي يشركها في حربهِ على “إيران” كي (تَحمُل كتف عن “إسرائيل”)، وصولاً الى ابتزازها مالياً، كما يفعل اليوم مع ملك السعودية.
مِنَ الإمارات، التي أعلن وزير الطاقة الإسرائيلي “يوفال شطاينس”،أنها ستمول إنبوب بحري لنقل الغاز من “إسرائيل” إلى أوروبا.
الإمارات، التي عقد ولي عهد الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، صفقة مع “إيريك برينس” مؤسس “بلاك ووتر Blackwater ” الشهيرة بتاريخها الدامي، لتشكيل قوات من مرتزقة أجانب، أرسلها فيما بعد للقتال في سوريا واليمن.
الإمارات، التي لعبت مخابراتها الدور الأساسي والكبير في تشكيل و دعم غرفة “الموك Military Operations Center” في الجبهة الجنوبية من سوريا، والتي منها خرج كل الدعم العسكري واللوجستي للجيش الحر ومفرخاته من الفصائل الإرهابية.
الإمارات، التي شاركت في تهويد مدينة القدس المحتلة، عبر شرائها لمنازل العرب في القدس، ومن ثم بيعها للمستوطنين، والتي افتتحت ممثلية دبلوماسية لدى وكالة الأمم المتحدة للطاقة المتجددة “إيرينا” التي تتخذ من أبو ظبي مقراً لها، أضف الى ذلك مشاركة سلاح الجو الإماراتي مراتٍ عديدةٍ، في مناورات جوية مشتركة مع سلاح الجو الإسرائيلي.
الضربة فضحت بشكل قاسٍ، أنَّ كل ما قاله البيت الأبيض، عن أنَّ (ترامب) تحدث في الإتصال الذي أجراه مع محمد بن سلمان، بعد اسقاط الطائرة مباشرة، بشأن الإستقرار في الشرق الأوسط، كان كذباً، والحقيقة أنه اتصل به ليقول له: يا نواطير الكاز، هل رأيتم، هذا دليل على صدق روايتي عن البعبع الإيراني التي اخترعته لكم، كي أبتزكم، وأبتزكم وأبتزكم!!!
صحيح أنَّ إسقاط الطائرة (درة الصناعة العسكرية الأميركية) بصاروخ أرض-جو من طراز “إس-125 نيفا/ بيتشورا” سوفيتي الصنع، فضح اسطورة السلاح الأميركي المتفوق على كل أسلحة العالم، ولكنها أكدَّت، في الوقت عينه أن أيدي ملوك الخليج الملوثة بدماء السوريين واليمنيين وكل من طالتهم كارثة الربيع العربي(مصر، ليبيا، تونس والسودان)، هي صديقة للكيان الصهيوني.
كانت (الضربة) الإيرانية بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير الدبلوماسي، فأوقفت عجلة التجاذبات والمراوغات والهدن، ذلك كون إيران قالتها صراحةً: لامفاوضات قبل تخفيض العقوبات والعودة الى الإتفاق النووي، نحن لسنا لقمة سائغة، ونتفوق عليكم بالقدرات العسكرية.
ويبقى الخاسر الأكبر من كل العملية، هي دولة الكيان الصهيوني، التي أعرب قادتها، عن غيظهم لضعف الرد الأميركي على “إيران”، في المقلب الآخر حاز محور المقاومة، كنتيجة للضربة، على حصة الأسد من دفعٍ معنوي كبيرٍ.
يشبه “ترامب” اليوم “هيرميس” بطل الأساطير اليونانية، حامي القوافل والقطعان، الذي كان يظهر بمظهرٍ جميلٍ قويٍ، إلا أنَّ باطنه كان ماكراً خطيراً، وسارقاً محتالاً، فيما يُشبه الإيراني جنود “أسبارطة” الأقوياء، أصحاب عقيدة الدفاع عن الوطن حتى الموت، فيما لايليق بملوك الإمارات والسعودية، سوى وصفهم بقومٍ لا يجيدون العمل السياسي، العسكري أو حتى الدبلوماسي، لكنهم كلاب حراسة أوفياء “لإسرائيل”، ودجاج يبيض ذهباً..يستمتع بإلتهامه “الكاوو بوي” الأميركي.