من لا يقيم اعتبارا للحياة البرية فهو لا يمعن في خرق واستباحة القانون فحسب، وإنما يعري نفسه من قيم الأخلاق وروحية المناقب، ومن لا يحترم مخلوقات الله فكيف له أن يحترم حضوره الإنساني بأنه ينتمي لبني البشر؟ وساعة نتخطى احترام التوازن الطبيعي ونضرب عرض الحائط القانون والأخلاق نخسر ثروة لبنان من التنوع، ونفقد الأهلية لنكون مواطنين مسؤولين ومحصنين بالثقافة والوعي.

فرغل صغير

صدمنا مؤخرا بمشاهدة فرغل صغير (جرو ضبع) بدا في حالة هلع شديد، وفي مَا بدا وكأنه شريط ترويجي لبيعه، والمشاهد النافرة وثقها محتجزه في شريط مصور يكفي وحده ليكون بمثابة إدانة جرمية لتعقبه وتحرير الضبع الصغير، ولم يتوانَ محتجزه عن رشقه بالحجارة في غرفة بدت وكأنها في احدى المزارع مجهزة لإحتجاز الحيوانات، ثم طلب منه “التحرك” كأنه مخلوق عاقل ليلتقط له مزيدا من المشاهد.

تحرك الضبع وقد بدا عليه إعياء وهلع كبيرين، ثم بدأ صوته يعلو خوفا، وسرعان ما ارتفع في الفيديو صوت الماشية بالقرب من المكان ليختلط مع صوت الضبع الخائف في إشارة ثانية إلى أن الضبع محتجز في مكان مخصص حتما للحيوانات وتتواجد فيه أنواع أخرى منها.

غرين إيريا الدولية

جمعية “غرين إيريا الدولية” بعد أن أرسل لها ناشطون الفيديو المصور مع رقم هاتف وتسجيل صوتي للرجل الذي يحتجزه، وطلب منها التحرك لإخلاء سبيل الفرغل، عرضت الشريط المصور وطالبت بتحرك سريع للنيابة العامة البيئية والوزارات المعنية: “البيئة، الداخلية والزراعة، فضلا عن البلديات المعنية” إضافة إلى ضرورة فتح تحقيق للوصول الى معرفة مكان احتجاز الضبع والعمل على إخلاء سبيله وإعادته الى البرية حيث مداه الحيوي.

حيوان بيئي بامتياز

ورأت الجمعية في بيان لها أنه “لا يمكن التغاضي عن مثل هذه الممارسات التي حذر منها قانون الرفق بالحيوان بنصوص واضحة وصريحة لجهة منع إحتجاز الحيوانات البرية والإتجار بها”، وأردفت “ان الشخص معروف وهو من جنسية عربية شقيقة وصورته واضحة، فضلا عن رقم هاتفه، وقد أشار ناشطون على معرفة بمحتجز الضبع أنه موجود في أحد المنتجعات في حاصبيا، وهذا ما يتطلب من القوى الأمنية التحقق منه سريعا”، وأكدت الجمعية بأنها ستضع “هذه المعلومات ضمن شكوى رسمية لدى الجهات المعنية”.

كما وشددت “غرين ايريا الدولية” على أن الضبع المخطط اللبناني، خلافا لكل الموروثات، حيوان لا يصطاد فرائسه، ولا يهاجم الإنسان حتى وإن كان في حالة جوع شديد، إلا دفاعا عن النفس، وهو حيوان بيئي بامتياز يقتات على الجيف والنفايات، وهو صديق الانسان في المحيط الذي يعيش فيه، وهو باختصار “عامل تنظيفات” لا يتقاضى أجرا، ويتسم بالخوف ما إن يشتم رائحة الانسان حتى يلوذ بالفرار، ولذلك يعتبر حلقة أساسية ومهمة في النظم الإيكولوجية البرية، وفي حال انقراضه سيدفع الثمن الإنسان من صحته أمراضا بسبب الجيف المتحللة.

الإخلال بالنظم البيئية

وقالت الجمعية: “نضع هذه الحادثة برسم المعنيين، ونرى ضرورة باتخاذ اجراءات سريعة وتدابير رادعة من سائر الجهات المعنية في الدولة والعمل لمعرفة مصير هذا الضبع ومحاسبة المعتدين عليه، والتشدد في ملاحقة كل من تسول له نفسه خرق القوانين والاتجار بالحياة البرية والاعتداء على كائناتها المحمية”.

وأكد أن “التمادي في قتل الضباع الذي شهدناه مؤخرا على امتداد المناطق اللبنانية سيؤدي الى انقراضها، ويخل بالنظم البيئية، وقد شهدنا تضاؤلا في اعدادها، بسبب التمدد العمراني الذي ادى الى تقليص المساحات الخضراء وبالتالي تدمير موائل هذه الحيوانات، بالاضافة الى عمليات القتل المتعمد والعبثي التي تطاول بعض الحيوانات اللاحمة كالضباع المخططة والثعالب الحمراء”.

وختمت: “لا نعرف مبررا لمطاردة وقتل وبيع هذه الحيوانات، وان مثل هذه الممارسات تحصل نتيجة لاعراف سائدة وخرافات لا تمت للحقيقة بصلة، فالضباع المخططة هي حيوانات حذرة بطبيعتها، وهي فقط تسعى وراء غذائها، كما أن وجودها مهم للحد من انتشار الاوبئة، فهي تنظف البرية من الجيف تسحق العظام وتخلف برازا غنيا بالكالسيوم يفيد التربة ويغنيها”.

جريمة بحق الطبيعة

وأشارت إلى أن “قتل الضبع المخطط هو جريمة بحق الطبيعة والبيئة والحياة البرية في لبنان، ويمثل تعد على القانون اللبناني، والتباهي بقتل الحيوانات، وخصوصا المهددة بالإنقراض في البرية اللبنانية، لذلك نرى أنه من الضروري التشدد دوما في ملاحقة هذه الظواهر وحماية الأعداد القليلة المتبقية منها”.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This