هل نعيش فعلا  في عالم من التناقضات ؟ كيف لا ؟ طالما بات يقبل الانسان ان يعرض حياته الخاصة وتفاصيلها المملة على مواقع التواصل الاجتماعي بينما  اذا واجهته بالمباشر يرفض رفضا تاما التدخل بحياته الخاصة ليطرح السؤال نفسه : ما السرّ في ذلك خصوصا وان هناك دراسات  نفسية علمية اثبتت خلفيات “نشر الغسيل”  اذا صح القول عن الحياة الخاصة للانسان عبر الانترنت ؟

الظهور بمثالية  

في هذا السياق اهم ما تحدث عنه الاختصاصي في العلاج النفسي  الدكتور وسام  خيرعبرال greenarea.info عن خلفيات الكشف العلني للحياة الخاصة مما قال :”  ان الخصوصية  المعلنة سببها ان  يكون لدى الانسان  حبا  لان يراه الاخر لكي يشعر  بامان  اكثر خصوصا  اذا كان ينتمي الى  مجموعة فيها الكثير من الناس .اما اذا كان التواصل مع شخص محدد  فمن الطبيعي  ان يشعر بالانزعاج رافضا التدخل في خصوصيته. بينما اذا كان  الشخص نفسه  يراه عبر مواقع  التواصل ليس عنده مشكلة  كونه  يهوى حب مواقع التواصل الاجتماعي لارضاء  حب الظهور عنده.  بينما  اذا كانت العلاقة بين شخص واخر في  العلن عندها تحدد نوعية العلاقة  في ما بينهما . حيث اظهرت دراسة قام بها عدد من الباحثين ان ديناميكية المجموعة تكمن عند تواصل الناس مع بعضها البعض ضمن مجموعة على مواقع التواصل الاجتماعي  لان اذا لم يتفاعل معها يعتبر خارجا عن المألوف  كون ضغط المجتمع يحتم عليه ان يشبه المجموعة التي ينتمي اليها من دون اي انزعاج عند التواصل مع بعض عكس مما هو عليه في التواصل العلني وصعوبة تقبل الاخر  حيث يعتبر التدخل في خصوصيته  باختصار ان الانسان يهمه الامتثال الى المجموعة  كي لا ترفضه  حيث لاحظنا ايضا ان الاشخاص الذين يضعون كثيرا من الصور وغير ذلك  في مواقع التواصل يطمحون الى المثالية  بشخصهم مع العلم انها قد لا تكون تمثل الواقع  الذي يعيشونه. لذلك  نشدد ان يكون هناك  سياسة عامة وتوعية في هذا المضمار لان كلما يكون الشخص عنده وعي في مواقع التواصل الاجتماعي  عندها  يعرف كيف يحمي نفسه  .”

البوح الاكتروني وخطورته

الا ان الاختصاصية في العلاج النفسي الدكتورة دنيز ابي راشد  توقفت عبر ال  greenarea.info حول بعض النقاط الاساسية التي تدفع بالانسان الى الكشف العلني للحياة الخاصة مما قالت : “هناك تناقض كتير في ما يعيشه الانسان لانه تبين ان  وراء الشاشة الالكترونية  يشعر في امان  يستطيع ان يتحكم بما يريده واذا كان عنده خجل معين  او عنده صعوبة  في التعامل مع الاخر نراه  يرتدي شخصية معينة  او قناع  معين يشعره  بارتياح اكثر  لكي يستطيع ان يتواصل مع الاخر  حيث تكمن هنا  الخطورة اكثر لان  من الممكن  الشخص  يكون مرتبط بشخصية معينة فيدخل على حياة  الاخر  ويخترق خصوصيته بصورة مزيفة لان وراء الشاشة اسهل للانسان  ان يتحكم بالامور عكس مما هو في الواقع حيث تظهر حقيقته مثلما هي اما في مواقع التواصل  فيكون سعيدا بالتعليقات واللايكات او الاعجاب الذي يناله  انما لا يرى خطورة ما يتعرض له بمجرد ما انه انفتح على الاخرصار هناك احتمال   التدخل  في حياته الخاصة مما يتعرض للتنمر والتحرش لم يكن واعيا لها  فاذ به يدخل الى عالم مواقع التواصل كونه يشعر انه محمي في وضعه حواجز  انما في الحقيقة  هي عكس ذلك .  لذا نشدد على التوعية في المجتمع وتقوية الشخصية عند اي شخص اراد استعمال مواقع التواصل  كي يعرف  ان يضع حدودا مع الاخر لان ما نلمسه في بعض الاحيان ان ضعف الشخصية في العالم الافتراضي يجعل من الانسان عرضة لشتى انواع التنمر.”

غياب الوعي هو السبب

كما وان الاختصاصي في  الطب النفسي الدكتور  انطوان  سعد  اوضح عبر ال greenarea.info:”  ان غياب الوعي و النقطة المحورية والضياع  في الهوية يزيد من التشتت بمعنى  اي شخص يظهر بصورة معينة  لنفسه يفبركها بشكل خيالي على مواقع التواصل  حيث ان  الصورة ليست كما هي  في الحقيقة  ليعطي صورة عن ذاته  كما هو يريد. انما في الحقيقة مقارنة في الواقع  عندما يكون هناك مواجهة بشكل مباشر بين المجتمع او بين الاخرين  اوسمع اي ملاحظة مختلفة عن الصورة الوهمية  التي صنعها لنفسه على المواقع التواصل عندها يعمل نوع من ردة فعل سلبية ليغطي عن حقيقته غيرالقادر ان يقبلها والذي يغطيها في مواقع التواصل. لذلك ان  الحل  يكمن عندما  يكون الانسان منذ صغره نربيه او نعلمه  ان الحقيقة موجودة  في داخلنا وليس خارجنا، هذا المفهوم  يجب ادخاله في تربية  الاولاد  وعلى اكتشافهم لنفسهم من خلال طاقتهم غير المنظورة وليس من خلال الاشياء المنظورة  ولا من خلال معارفهم و حتى  من خلال ممتلكاتهم بل من خلال  مدى قدرتهم على  تحقيق ذاتهم  في المجتمع  اي من خلال الاعمال العظيمة التي يقومون بها ويستفيد كل اطياف المجتمع، عندها يحصل  شفاء من الانفصام الاجتماعي  الذي  نعيشه  في هذه المرحلة .”

 البحث عن الراحة النفسية الكترونيا

الى ذلك اعتبر الاختصاصي في الطب النفسي الدكتور مايكل انجلو عبر الgreenarea.info  :”  ان  التناقض  في شخصية الانسان حول  الحياة الخاصة به  التي لم تعد سرية  ازاء انتشارها في مواقع التواصل الاجتماعي  يعود سببه الى ما هو نفسي  بل  على  صعيد المجتمع اي لا نستطيع ان نقول انها حالة شخصية يعاني منها فرد من المجتمع  بل من المحتمل ان يكون ذلك  الشخص عنده حالة نفسية و ليس بالضرورة عنده مرض نفسي  اي من الممكن يكون عنده صعوبات اجتماعية  يعيشها لذلك الذي يحصل في عالم التواصل  هو انجرار الى هذا العالم  رغبة بالظهور الشخصي تعزيزا للانا اي ال ego  مما يشعر بالراحة النفسية  خصوصا اذا  كان مكبوتا او مقهورا حيث يحاول ان  يلجأ الى مواقع التواصل الاجتماعي ليظهر امام الناس بالصورة  التجميلية الخاطئة   اما اذا  حاول  احد  المس بصورته الحقيقية  نجده ينفر منه . انطلاقا من ذلك بات  الحل الوحيد  لمعالجة  الاضطراب النفسي نتيجة  الادمان على مواقع التواصل الاجتماعي حيث ان الحياة الخاصة للفرد باتت مستباحة مما علينا  تعزيز التثقيف حول مخاطر هذه الازمة الاجتماعية  التي لم تعد فقط  عند الكبار بل عند الصغار لمعرفة معالجة صعوبات الحياة والضيقة الاجتماعية التي يواجهونها .”

انفتاح خاطىء

في المقلب الاخر من ابرز ما اعلن عنه الاختصاصي في علم الاجتماع الدكتور عبدو قاعي  عبر ال greenarea.info :” بكل اسف لقد بات الانسان اليوم يعيش حالة من التناقضات سواء في حياته الداخلية  ام  الخارجية المتداخلية مع بعضها البعض، وما يعزز ذلك مواقع التواصل الاجتماعي بمجرد ما طرحت عليه اسئلة  تتعلق بخصوصيته الاجتماعية خصوصا عند تكرارها ينفر منها مع العلم كل شيء مستباح عنده عبر مواقع التواصل الاجتماعي . من هنا اهمية  توعية الناس انهم بمجرد  الدخول الى عالم  التواصل الاجتماعي يكونوا بذلك  دخلوا مع المجتمع  العالمي في التركيز على التفاعل الانساني  قراءة انفسهم  لان ما يحصل اليوم عكس ذلك بكل اسف بتنا  نجد الناس غير واعيين  لهذا الامر  وللاعلام دور مهم في حث الناس على قراءة حالهم تجنبا لاي تداعيات نفسية و اجتماعية  .”

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This