يوم إنسحب ترامب من إتفاقية باريس للمناخ عام 2017، وقفت الشابة الأميركية “ريبيكا ساكس”، أمام البيت الأبيض، وهي ترفع غاضبةً لافتةً كُتب عليها “رسالة إلى باقي العالم: إننا آسفون، غالبيتنا صوتت لهذا الأحمق”..كانت الشابة تقصد بالأحمق الرئيس “ترامب”، الذي برَّر انسحابه من الإتفاقية بأنها “غير عادلة وغير فعالة ومكلفة جدا”، مؤكداً أنه يرفض “أي شيء يمكن أن يقف في طريقنا، لإنهاض الإقتصاد الأميركي”.
يُلزام أحد بنود تلك الإتفاقية، الدول الغنية بمساعدة الدول الفقيرة، بتزويدها وتمويلها ومساعدتها في التأقلم مع التغير المناخي والإنتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة. وإنطلاقاً من فهمه الأعوج لهذا البند، اعتبر الرئيس ذو الشعر البرتقالي “ترامب” :أن الإتفاقية بالصيغة التي وقع عليها سلفه “أوباما” ، تسعى الى: “إعادة توزيع ثروة الولايات المتحدة لصالح دول أخرى” كان يقصد تلك الدول التي وقعت على الإتفاقية وهي بمعظمها بلداناً نامية وفقيرة، ليُثبت مرةً أخرى أنه يفكر بعقل سمسار، أناني لدرجة أن مُستعد لتخريب الكوكب كله، من أجل مصالح ضيقة له ولبلاده، التي قامت أصلاً على جماجم الهنود الحمر.
يُصر “ترامب” (الذي جادل ذات يوم علماء الناسا N.A.S.Aمؤكداً لهم أنَّ: “القمر جزء من المريخ”!!!). على أنَّ مسألة التغير المناخي ماهي سوى خدعة اخترعتها الصين، متعامياً عن مواسم الجفاف المتكررة، التي أدت إلى إنحسار المياه في الأنهار والمسطحات المائية، وموت مئات ألاف الأشجار المعمرة، في الغابات الإستوائية، ونقص المياه الصالحة للشرب في أكثر دول العالم (في جمهورية “النيجر”، وحدها، يُهدد العطش حياة أربعة ملايين إنسان)، متجاهلاً الأعاصير والفيضانات الناتجة عن الأمطار الغزيرة (في غير موسمها) تقتل آلاف البشر حول العالم (قُتل مئة ألف إنسان، جراء الإعصار “نرجس ” Nargis الذي ضرب في عام 2008 كلاً من الهند وسريلانكا وبنغلاديش وميانمار).
متناسياً كل الحرائق والأعاصير المدمرة التي ضربت بلاده (ويلما، كاترينا، مايكل، إيرما، باري …إلخ)، وكل التقارير التي تشير الى أنَّ متوسط درجات الحرارة في وسط الغرب الأميركي، ارتفع في الفترة بين عامي 2000 – 2015، من درجة إلى درجتين فهرنهايت فوق المعدل المتوسط للقرن العشرين.
الإرتفاع في درجات الحرارة، أدى الى إنتشارنوع من الحشرات يدعى ذبابة “هس”، (ليس لها أسنان، إنما تقوم بحقن نوعاً من البروتين في النبات الذي يحولها إلى نوع من الملاط المغذي الذي يمكنه امتصاصه وهضمه).وبدأت تنتقل بسرعة كبيرة من جنوب الولايات المتحدة والمكسيك إلى الشمال وتتكاثر في أنحاء ولاية كِنساس والولايات المحيطة بها.
عجزت جميع المبيدات الحشرية و المواد الكيمائية الزراعية عن محاربة تلك الآفة، فقام الباحثون في جامعة ولاية كنساس، والذي كانوا على علمٍ انَّ يوجد في بنك “ايكاردا”، نوعاً من بذور القمح السوري، تدعى “Aegilops tauschii أو “الدوسر”، التي لديها مقاومة عالية تجاه الآفات، الحشرات و الحرارة، اكتسبتها منذ آلاف السنين مورثات متأقلمة طبيعياً مع الإجهادات البيئية. بالطلبِ من حكومتهم التحرك للحصول على تلك البذور.
وفعلاً وجهت الولايات المتحدة الأميركية أحد قادة “جماعة أحرار الشام” الإرهابية، الذين كانوا يعملون قبل الحرب في مخازن إيكاردا، كي يؤمن حماية لتلك البذور، ومن ثم سرقتها ليقوم بذلك في إنقاذ القمح الأميركي من تهديدات آثار التغيّر المناخي.
حوَّل الرئيس الأحمق (كما سمته “ريبيكا”)، هذا العالم الى فيلمٍ كرتوني سخيف، يُشبه الى حدٍ ما عالم “ديزني” حيث يُجسِّد فيهِ “ترامب” شخصية (علي بابا) الذي سرق الكنوز(البذور) من كهف “إيكاردا”، فيما يمثل قادة دول الإتحاد الأوروبي، ومعهم تركيا، شخصيات (الأربعون حرامي) التي ترافق علي بابا، فاليوم يسرق “إردوغان” آثار المدن المنسية، (حول عفرين) سعياً منه لمحو كل آثر يثبت أنَّ سوريا هي مهد الحضارات منذ بدء الخليقة، وفي الأمس سرق قادة الإتحاد الأوروبي مليارات البراميل من النفط السوري، وآلاف الأطنان من النحاس والقمح والأقطان، وغيرتها من ثرواتنا.
حملَّ اللصوص غنائمهم على حمير من دول الخليج العربي(دفعت قطر والسعودية للولايات المتحدة وحدها مايكفي لبناء الوطن العربي مرتين) وتوجهت القوافل الى حيث تحج كل الدول الإستعمارية(الكيان الصهيوني)…فيما يجلس فقراء سوريا(الضحية الوحيدة)، ينتظرون نهاية الفيلم.