يعلم الشعب السوري الذي صمد تسع سنين في وجه الإرهاب، وأصبحت اليوم انتصارات جيشه متوالية، يصعُب إيقافها، أنَّ الخلاص من أوجاعه التي سببتها الحرب الهمجية، ليس في أروقة “منظمة الأمم المتحدة” أو في بياناتها وتقاريرها الكثيرة، وأنها(المنظمة) تحولت اليوم الى موزّع للمساعدات الغذائية، ولخيمِ النايلون والأحذية البلاستيكية، أو مايسمى رسمياً بالمساعدات الإنسانية.
وتحتفل المنظمة المذكورة، في 19 آب/أغسطس، من كل عام باليوم العالمي للمساعدات الإنسانية، وتذكر في بياناتها أنَّ العالم يشهد اليوم، أكبر عدد من النازحين في آخر 70 عامًا من التاريخ، حيث اضطر أكثر من سبعين مليون شخص إلى مغادرة وطنهم الأم، نتيجة للحروب أو الإضطهاد أو النزاعات بشكل عام (وتتحفظ المنظمة على هذه الأرقام بحجة أنها لا تمثل العدد الإجمالي للنازحين في العالم ، وإنما فقط أولئك الذين طلبوا اللجوء رسمياً داخل بلد آخر)، وما يستدعي السخرية، هو أنَّ ماتفعله المنظمة لهؤلاء المشردين، يتلخص في أنَّها تسعى إلى لفت الإنتباه إلى العدد الكبير من النازحين الذين اضطروا إلى مغادرة بلدهم الأصلي نتيجة لأي نوع من أنواع الصراع ، سواء كان سياسيًا أو اجتماعيًا (بحسب صفحتها الرسمية على الانترنيت)، فقط تسعى!!! .
تسع سنين من الحرب على سوريا، تكفلَّت بتهجير حوالي نصف السكان (داخلياً وخارجياً)، ادعت خلالها المنظمة تقديم المساعدات الإغاثيّة والإنسانيّة للمهجرين والمنكوبين، فتحولت معظم المنظمات التي تعمل تحت راية المساعدات الإنسانية الى طرف في النزاع المسلح في سوريا، لابل وامتهنت المتاجرة بالمواطن السوري، لدرجة أصبح العمل في هذا النوع من المنظمات(NGO) تهمة ترمز للربح الغير مشروع.
كما كانت تقدم (المنظمة) المعونات الإنسانيّة للاجئين الفلسطينّين من خلال وكالة غوث وتشغيل اللاجئيين (الأونروا). إلا أنَّها لم تُحرك ساكن حين عمل الكيان الصهيوني جاهداً وبدعم أميركي علني، على إغلاق “الأونوروا”، ونجح بذلك، تاركاً الفسطينين يغرقون في الجوع والأمراض والأمية.
كذلك لم تستطع “الأمم المتحدة” تحريك ساكن، عندما انسحب الأميركيون من منظمات واتفاقيات عديدة، مهددين بذلك أمن العالم أجمع (انسحب ترامب من مجلس حقوق الإنسان، اليونسكو، واتفاق باريس للمناخ، والإتفاق النووي الإيراني، وغيرها).
لكن، و كي لا نطال المنظمة بإجحافٍ، سنعترف أنها لاتكل ولا تمل عن الشجب والإستنكار والتعبير عن قلقها لما يجري حول العالم، من حروبٍ و مآسٍ، وأنها (شاطرة) في التكريم والتفخيم ومنح الأوسمة والألقاب، فهي ستحتفل مثلاً في يوم 21 آب/أغسطس، الحالي باليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا الإرهاب وتكريمهم، والسؤال هنا يطرح نفسه، ماذا فعلت تلك المنظمة لإيقاف ومحاربة أو حتى الحد من الإرهاب، أو فضحِ مموليه حتى؟.
فبالرغم من أنَّ المنظمة تعمل في المجال الإجتماعي على إعداد الدّراسات عن الأحوال والبرامج الاجتماعيّة في مختلف أنحاء العالم، إلا أن الدول صاحبة المصلحة في بقاء مجتمعات البلدان الغنية بالثروات في حالة من التخلف العميق، تعمل بجدٍ للتعتيم على نتائج تلك الدراسات( بواسطة ماكيناتها الإعلامية الضخمة)، وتمنع تطبيق أياً من مقررات المنظمة، كي تبقى الخطط والبرامج، مجرد حبر على ورق، وتبقى المجتمعات حول العالم رازحةً تحت نير الإستعمار.
وهي (المنظمة) تنشر قوات دوليّة محايدة على الحدود بين الدول، لحفظ الأمن والسّلم الدولي وبعثات مراقبة لتحقيق هذا الهدف، غير أنَّ نشر هذه القوات الدولية يتم فوق رماد الحروب، الذي يغطي جمراً متقداً، لن تُخمده قرارات الجمعية العامة ولا مجلس الأمن، وأكبر مثل على ذلك نتائج نشر قوات دولية في الجولان السوري وجنوب لبنان(لم تنته الحرب عملياً، إنما هي في حالة سبات).
كما و تعمل جاهدةً في العلن على تسويّة نزاعات إقليميّة عن طريق التفاوض، إلا أنَّها فشلت أمام نجاح قوى(استعمارية) عملت في السر، على استمرار تلك النزاعات بما يخدم مصالحها(النزاعات بين سوريا والكيان الصهيوني، الهند –باكستان، روسيا-اوكرانيا، ايران- السعودية، الصين وهونغ كونغ) .
والمنظمة الأممية، بحسب ماتدَّعي الماكينة الإعلامية التي تحكمها الإمبرياليَّة العالمية (ومنها “الفيس بووك” و”توتير” واخواتها)، تعمل على تعزيز الديمقراطية من خلال الإنتخابات الحرّة النزيهة، غير أنَّ الدول الإستعمارية لم تعترف بنتائج أياً من الإنتخابات المتكررة التي جرت في دولٍ كـ “فنزويلا”، (أشرف عليها مراقبون من الأمم المتحدة).
هزيلةٌ هذه المنظمة لدرجة أنها حافظت على حياديتها، حيال فرض الولايات المتحدة الأميركية عقوبات على دول العالم من روسيا الى الصين، مروراً بفنزويلا وكوبا وكوريا الشمالية، وصولاً الى اليمن وسوريا!!.
وفي عجزها عن كبح جماح الدول الإستعمارية، واستشراسها مؤخراً للسيطرة على الممرات المائية حول العالم!!.
سقطت ورقة التوت، عن عورات تلك المنظمة منذ أن قبلت عضوية اسرائيل عام 1949 ، رغم علمها اليقين بأنَّ اسرائيل دولة غاصبة، اغتصبت أرض فلسيطين، منذ ذلك الوقت تحول مبنى الأمم المتحدة الى دكان يبيع الخرداوات السياسية من خطبٍ وبياناتٍ وتقارير…دكانة استثمرها الأميركي، يعمل فيها آلاف العمال يتقاضون رواتبهم من جيوب فقراء العالم، دون أدنى فائدة.