منذ سبعين عاما، في 29 أغسطس 1949، فجّر الاتحاد السوفيتي أول قنبلة نووية سوفيتية (RDS-1) في ميدان تجارب سيميبالاتينسك في كازاخستان.
وكان العلماء السوفييت قد بدأوا أبحاثهم في القطاع النووي منذ ثلاثينيات القرن الماضي، إلا أن المعلومات الاستخبارية الواردة في سبتمبر 1941، أكدت محاولة الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا استغلال الطاقة النووية لأغراض عسكرية، فبدأ الاتحاد السوفيتي خطوات عملية نحو تصميم وتصنيع القنبلة النووية عام 1943 تحت إشراف العالم النووي السوفيتي إيغور كورتشاتوف.
اعتمد العلماء السوفييت على نتائج أبحاثهم إلى جانب معلومات مسربة من مشروع “مانهاتن السري” للأسلحة النووية، عن طريق أجهزة الاستخبارات السوفيتية، حيث تقول وثائق وكالة المخابرات المركزية الأمريكية “سي آي إيه” إن عالما أمريكيا يدعى، تيودور هول، كان هو الشخص الذي سرب للسوفييت المعلومات حول القنبلة النووية الأمريكية.
وفي عام 1945 ألقت الولايات المتحدة الأمريكية قنبلتيها النوويتين على هيروشيما (باستخدام اليورانيوم)، وناغازاكي (باستخدام البلوتونيوم). وبعد 4 أعوام تمكن الاتحاد السوفيتي من تصنيع وتجربة أول قنبلة نووية.
تم تصنيع القنبلة النووية السوفيتية الأولى في إدارة التصميمات رقم 11 التابعة للمركز الفدرالي الروسي للعلوم النووية – بالمعهد البحثي العلمي للفيزياء التجريبية في مدينة ساروف)
أطلق على مشروع تصميم القنبلة النووية تسمية “محرك نووي خاص”، حيث كان هناك نسختان من القنبلة، إحداها تعمل بنظير البلوتونيوم-239 وأطلق عليها (RDS-1)، والأخرى تعمل بنظير اليورانيوم-235 وأطلق عليها (RDS-2)، ثم ركّز الخبراء على النسخة الأولى التي تعمل بالبلوتونيوم.
صممت القنبلة النووية الروسية بحيث يمكن حملها على طائرة “تو-4″، لذلك أخذت في الاعتبار قدرة الطائرة على حملها، فكان قطرها 1.5 متر، وطولها 3.7 متر، ووزنها 4.7 طن، وبلغت قدرتها التدميرية حوالي 20 كيلوطن.
وعلى بعد 170 كلم من ميدان سيميبالاتسك للتجارب أنشئ ما سمي بالوحدة 905، وهي عبارة عن ميدان تجارب خاص لتجربة القنبلة النووية (RDS-1). يقع في واد قطره 20 كلم، ومقسم إلى 14 وحدة لإجراء العديد من التجارب.
وفي منتصف الميدان نصب برج مصنوع من الشباك المعدنية بارتفاع 37.5 م لوضع القنبلة النووية عليه. كما بنيت في الوحدة 905 منشآت، تحاكي مصدات، وقواعد جوية، ثبتت عليها أجهزة للرصد، وفي بعض المنشآت كانت هناك بعض الحيوانات للتجارب.
وفي الميدان ذاته 44 منشأة مجهزة بشبكة من 560 كلم من الكابلات، لتسجل الأجهزة الخاصة كافة المؤشرات المتعلقة بالضوء، وإشعاعات غاما، وتيار التدمير الناشئ عن الانفجار النووي. وفي 21 أغسطس وضعت القنبلة النووية على البرج المخصص لها، وفي 24 أغسطس زار الموقع إيغور كورتشاتوف.
وفي تمام الساعة السابعة من صباح 29 أغسطس 1949 ارتفعت إلى السماء مظلة على هيئة عش الغراب من الانفجار النووي، ودمرت كافة المنشآت الموجودة في منتصف الميدان، واحترقت 10 سيارات، وضعت خصيصا على بعد كيلومتر من مكان الانفجار، وانهار مبنيان سكنيان من 3 طوابق، تم بناؤهما خصيصا لهذا الغرض.
كما ألقت موجة الانفجار بجسور وسكك حديدية لمسافة 20-30 مترا، كانت على بعد 1.5 كلم من مركز الانفجار. وألقيت السيارات والشاحنات وعربات القطار الموجودة على هذه الجسور والسكك الحديدية لمسافة 50-80 متر، كما أعطبت دبابات موجودة في محيط الميدان.
تحطم البرج الذي كانت عليه القنبلة بالكامل، وظهرت محله حفرة هائلة قطرها 3 أمتار، وبعمق 1.5 متر.
المصدر: RT