يصف المدير السابق لمكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي “جيمس كومي”، في كتابهِ الجديد  “ولاء أكبر”، الرئيس “دونالد ترامب” بالـ “كاذب” و”غير الأخلاقي”، وأنه يُعاني من فقدان توازن عميق في الداخل الأميركي، وأنَّ مستشاريه لم يجدوا طريقة لصرف انتباه الشارع عن القصص والفضائح التي تدور حوله، ولتغطية التناقض الفظيع في تصريحاته وسياسته، يلجؤون الى اختلاق المشاكل حول العالم.

 

لايظنن القاريء العزيز أننا نتكلم عن قضية طرد الذئب “بولتون” من حظيرة البيت الأبيض، فالرجل ترك مدرسةً ونهجاً لايزال الفريق السياسي (البيت الأبيض) والفريق العسكري(البنتاغون)، وعلى الرغم من نزاعاتهم الداخلية، يعملان بموجبه في رفض الشرعية الدولية وعدم الإعتراف بأيٍ من المنظمات الأممية،  وليس تباكي المبعوث الأميركي الخاص لشؤون سوريا، “جيمس جيفري”  على إدلب، في إطار رده على تقرير لجنة التحقيق الأممية حول سوريا، قائلاً: “الجميع يشعرون بالرعب من استمرار الهجمات العنيفة ضد المدنيين في إدلب”، سوى إمتداد لهذا النهج الإمبريالي.

 

نعم لقد تباكى المبعوث الأميركي، على إدلب، في رده على التقرير الذي أعدته “لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية السورية”، والتي أنشائها عام 2011، مجلس حقوق الإنسان(حظي هذا المجلس بالنصيب الأكبر من هجوم السيء الصيت “جون بولتون” على كل المنظمات الدولية، الى أن انسحبت بلاده من هذا المجلس،عام 2018)، والذي جاء فيه مايلي:

 

“أكثر من ثماني سنوات من الحرب شردت حتى الآن 13 مليون شخص، وسط أعمال عنف شملت القوات المدعومة من الحكومة ومقاتلي هيئة تحرير الشام والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، وكذلك القوات الديمقراطية السورية”.

 

لم يكتفِ بالتباكي، بل و رَفَضَ التقرير، كونه  يُظهر بوضوح “ارتكاب الولايات المتحدة الأميركية، ما يمكن اعتباره جرائم حرب في سوريا”، مُبرِراً ماجاء في التقرير المؤلف من 21 صفحة، حول أنَّه: “رغم الإتفاق الحاصل بين روسيا وتركيا في أيلول/سبتمبر 2018 لإحداث منطقة مجردة من السلاح في إدلب، هاجم إرهابيو هيئة تحرير الشام المواقع العسكرية للقوات الموالية للحكومة وأطلقوا صواريخ بشكل عشوائي باتجاه المواقع الخاضعة لسيطرة الحكومة، مما أدى إلى قتل وتشويه العشرات من المدنيين في ريف حلب وحما ومناطق أخرى”، بقوله: “إننا نقوم بأقصى درجات الإهتمام والحرص في كل عمل عسكري”.

دون أن يُحدد للعالم، الحرص على مَنْ، وعلى ماذا، وأين!!.

 

وتملَّص  “جيفري” من مسؤولية بلاده، عن سوء الأوضاع الإنسانية التي يعيشها من هجرَّتهم قوات التحالف الدولي، الى مخيم “الهول”، مُتجاهلاً ما جاء في التقرير عن: أنَّ “هناك حوالي 70 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال دون سن 12 عاما، محتجزين في ظروف مؤسفة وغير إنسانية، في مخيم الهول. وتم توثيق على الأقل 390 حالة وفاة  للأطفال كان بالإمكان تجنبها، بسبب سوء التغذية أو الجروح التي لم تُعالج”!!.

رفض أنَّ تكون بلاده وبحسب التقرير مسؤولة عن : “ألاف الأطفال الذين تجاوز عمرهم 12 سنة و المحتجزين في السجن الإنفرادي من طرف قوات سوريا الديمقراطية”، وعن فقدان الأمن في مختلف المناطق التي دخلت إليها الفصائل الإرهابية التابعة للقاعدة العسكرية الاميركية في التنف، وعن حالات الإختطاف والتعذيب والإبتزاز والإغتيال، والإغتصاب  المتكررة، وغيرها من منتجات الربيع العربي العفن.

 

رفض “جيفري” تقريراً أممياً أكثر أهمية وصدقيَّة من كل التقارير التي كان “اليانكي” ينخر رؤوس العالم بها، حول الحريات، حقوق الإنسان والديمقراطيات في كوبا، البرازيل، فنزويلا، العراق ،تونس، مصر اليمن وسوريا، تقاريراً أطاحَّت بحكومات، دمرَّت بلدان وأفقرَّت شعوب، تقاريراً كانت مجرد مبررات لعمليات تدخل بالشؤون الداخلية للدول، بغية استعمارها.

 

رفض “راعي البقر الأميركي، تقريراً أممياً، لمجرد أنه يتكلم عن مآسي الحرب التي أشعلتها بلاده،في بلادي، فتهرَّب،تملَّص وراوغ.

 

رفض وهو يعلم، لا بل يجب عليهِ أن يعلم، أنَّ ماورد في التقرير ليس إدعاء أو محض خيال، وأنَّ بلاده تقود تحالفاً جنَّد ضدنا جيوشاً مأجورةً، ومرتزقة أتوا من كل أصقاع الأرض، وأقام معسكرات لتدريبهم على أيدي مدربين من “بلاك ووتر” السيئة الصيت، وأنشأ لهم غرف عملياتٍ خاصة في الأردن، تعمل على نصرة الإرهاب (الموك)، وأن حكومة بلاده أرسلت أسلحة، بمليارات الدولارات، لدعم الفصائل الإرهابية على امتداد الخارطة السورية (فضحنا في مقالة سابقة، صفقات السلاح التي اشتراها “البنتاغون”، من دول البلقان بقيمة ملياري دولار، وأرسلها إلى السعودية والأردن والإمارات وتركيا، وكلفها بإيصالها الى الإرهابيين في سورية).

من نافلة القول، أنَّ السفير “جيفري” كرَّس برفضه وتملصه مما ورد في التقرير، عنجهية  “بولتون” ورفضه لأية تقارير تصدرها منظمات أممية، تُدين سياسة بلاده الإستعمارية في أي مكان حول العالم، مهما كان السبب، (على مبدأ روحو بلطوا البحر).

 

 

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This