بعد حادثة فردان بات الخوف من خسارة أولادنا هو الهاجس الأكبر، تتوالى الأسئلة “كيف نحمي اولادنا؟”، “ماذا علينا ان نفعل”، “ماذا أقول لإبني؟”…ويكبر القلق والريبة أمام هذا الواقع المستجد. تسجيل صوتي انتشر كالنار في الهشيم، تحذيرات ودموع وخوف، أمهات يتناقلن الخبر ويقفن مذعورين أمام هذه الصدمة، ماذا علينا ان نفعل الآن؟

صحيح أن ما جرى ليس سهلاً ابداً، لكن علينا ان لا ننجر وراء هذا الخوف دون وعي وأن نتوقف للحظة ونسترجع قوانا حتى نتمكن من التصرف بطريقة صحيحة والأهم بطريقة سليمة على أولادنا. ترى المعالجة النفسية سمر جرجس في حديثها مع “النهار” ان “ما جرى يعزز الخوف عند الأهل، وان خطر فقدانهم بات قريباً منهم. لكن من المهم ان نعود الى البداية، الى علاقة الأهل بأولادهم وكيفية بنائها بثقة حتى يتحدث الولد بكل ما يختبره ويعيشه دون خوف او قلق. علينا ان نشرح له ضمن تربيتنا المنزلية عن المجتمع وعن وجود أشخاص جيدين واشخاص سيئين وعن الأمور البشعة التي نشهدها بحسب عمره وقدرته على الاستيعاب. على الأهل ان يصارحوا أطفالهم وتوعيتهم حول الاغتصاب والخطف لتصبح هذه المواضيع مألوفة بالنسبة إليهم”.

وتتابع “على الأهل ان يشرحوا لأولادهم ان الحديث عن الخطف هو نتيجة خوفهم عليهم وأنهم لا يريدون ان يُصيبهم مكروه. لا يمكن اخفاء هذه الأمور عنهم لأنه في حال حدوث مكروه لهم، عليهم أن يعرفوا كيفية التصرف وأن لا يكونوا في حالة صدمة وبالتالي عدم القدرة على القيام بأي ردة فعل. لذلك من المهم تحضير الولد وان نشرح له انه في حال لم نكن موجودين كيف عليه التصرف، نحن نعطيه السلاح المعنوي حتى يدافع عن نفسه. على الأهل تجهيز أولادهم، لأن الولد كلما تعلّم أكثر تصرف أكثر”.

وتشدد جرجس على أهمية “ان نشرح له هذه الأمور من دون ان نجعله يعيش بقلق وخوف وخطر دائم، علينا ان نصارحه بسلاسة وان نُذكره بدائرة الأشخاص الآمنة الذين يثقون بهم والذين يتولون مهام توصيلهم من المدرسة او اي مكان عند غياب الأهل. اذاً، علّموا اولادكم في حال شعروا بخطر او أراد أحدهم مرافقته أن يصرخ او يضرب او يركض، كل ولد يقوم بردة فعل معينة ولكن من المهم ان يتعلّم التعبير ويتصرف سريعاً. إلا ان الأولاد ليسوا جميعاً متشابهين، كل ولد يقوم بردة فعل خاصة به، بعضهم نتيجة الصدمة يعجز عن التصرف او حتى القيام بأي ردة فعل وكأنه مخدر، في حين البعض الآخر بعبّر بطريقة أسرع. لذلك لا تسمحوا له بالذهاب مع شخص لا يعرفه، وعدم القبول بحلوى او هدية من أي شخص مهما كان لطيفاً وعدم الحديث مع شخص غريب وطلب النجدة او الصراخ في حال شعر بأي خطر”.

وتشير جرجس الى أنه “علينا ان نقول للولد من سيصطحبه من المدرسة حتى لا يذهب مع اي شخص يدعي معرفته حتى لو كان يعرف والده ومكان سكنهم. من الضروري تأمين هذه الدائرة الآمنة التي نثق بها حتى يتمكن من التمييز. يجب على الأهل ان يكونوا بمثابة دعم لأولادهم وليس مصدر خوف وقلق، لأنه إذا أردنا ان يصارحنا الولد علينا ان نبني علاقة ثقة ومصارحة بيننا وبينه”.

وتوّجه جرجس رسالة الى الأهل بالقول “الخوف شعور طبيعي لكن احذروا ان يتحوّل الى وسواس وتضييق على الولد وعدم السماح له بالخروج من المنزل كما كان يفعل سابقاً، فالولد سيشعر بأن هناك خطراً كبيراً ويشعر بعدم الأمان وبالتالي سيخاف من كل شيء ومن كل الناس. لذلك لا تخفوا الحقيقة عن اولادكم وصارحوهم حول هذه المواضيع ولكن ضمن منطقهم وقدرة استيعابهم حتى تصبح هذه الأمور مألوفة بالنسبة إليهم والتي ستسمح لهم بالتصرف والقيام بردات الفعل المطلوبة”.

المصدر: صحيفة “النهار”

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This