قضية النفايات في لبنان باتت أشهر من أن تعرّف محلياً – وللأسف – عالمياً، ووزير البيئة الحالي فادي جريصاتي، تماماً كبعض البلديات التي بدأت بفرض مبدأ فرز النفايات من المنزل، جهودهم مشكورة للتخفيف من وطأة هذه الازمة، إلا أن الأساس فعلاً يبقى في التركيز على أطفال اليوم الذين هم جيل المستقبل!
الشراكة التي حيكت مؤخراً بين وزارتي البيئة والإقتصاد للحد من استعمال أكياس النايلون في السوبرماركت، لا تكفي بل يجب تضافر جهود مختلف الوزارات لتشمل مختلف قطاعات البلد في شكل عام. ورغم أن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة، إلا أن بدء بعض البلديات بمشروع فرز النفايات من المصدر، خطوة ضرورية ولكنها تعتبر فعلاً ناقصة إذا لم تعمّم أولاً على مختلف البلديات، وثانياً إذا لم تتماشى مع تربية بيئية صحيحة عن طرق الفرز منذ الصفوف الأولى في المدارس اللبنانية!!
إدخال مفهوم التربية البيئية بات أولوية إذا أردنا تحسين البلد وتحقيق مبدأ فرز النفايات بفعالية، والثغرات عديدة، فلا يخلو منزل أي لبناني من الأولاد الذين لا يدركون مبدأ فرز النفايات وجلّ ما يعرفونه هو أن النظافة تكمن في رمي النفايات في السلّة المخصصة لها دون التفريق بين عضوي وغيره أو عوادم أو قابل للتدوير من عدمه.. وبالتالي فإن تم تعليمهم في المنزل أو مداراتهم على الأقلً، فهم يعودون إلى خصالهم القديمة في مدارسهم في ظل غياب مستوعبات الفرز، ولدى الجيران والأصحاب وعلى الطرقات .. الامر الذي يجعلهم في حيرة بين الصح والخطأ!
ناهيك عن أن الاهل والمراهقين لا يزالون حتى اليوم غائبون عن مبدأ الفرز وبالتالي سيتطلّب الخضوع له الكثير من التفكير والحيرة قبل أن يعتادوا عليه، فما بالنا بالنسبة للاطفال؟
كيف ندرّب الكبار في السنّ الذين اعتادوا على رمي النفايات في سلّة واحدة، كيف نعيد تعليمهم بعد هذا العمر الطويل كيفيّة الفرز ، ماذا سيكون المحفّز لهم وما الذي يضمن التزامهم؟
لا يمكن التعامل مع الامرعلى ان كل مواطن لبناني هو على أهبّة الإستعداد للفرز بين ليلة وضحاها، فالأمر يتطلّب الكثير من الوقت، والكثير من الجهد الشخصي والعام والكثير الكثير من التوعية التي يجب على المدارس، البلديات، المؤسسات، والشركات العامة والخاصة الصغيرة والكبيرة أن تقوم بها على فترة طويلة كي يدخل المواطن الصغير والكبير في الجوّ العام للفرز من المصدر لضمان نتيجة أكثر إيجابية!
مبدأ فرز النفايات إذا لم يتم إدخاله في المناهج الدراسية كمادة أساسية فلن يتعلّم الأطفال الفرق بين الأنواع وبالتالي لن يدركوا أهمية الفرز إذا لم يبدأوا بتطبيقه منذ نعومة أظافرهم ليعلّموه بدورهم إلى الأصغر منهم!
فرز النفايات لا يقتصر على المبدأ البيئي فقط، هو أسلوب حياة بكامله يجب أن يبدأ منذ الطفولة ليتغلغل في ثقافة كل انسان ويزرع فيه مفهوم التربية البيئية.. عندها يمكن الحديث عن حلول جذرية لأزمة النفايات في البلد لناحية المواطن، وتبقى الحلول الكبيرة على مسؤولية الدولة!