يُعتبر التشجير بالإضافة الى حماية الأراضي المخزنة للكربون، بما تحويه من نباتات متفحمة، وتحسين إدارة الأراضي الزراعية والمراعي؛ واحدة من أهم الإجراءات اللازمة بحلول عام 2030 لتجنب 11.3 مليار طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، (يعادل الإنبعاثات الحالية التي تصدر عن استخدام الوقود الأحفوري في الصين)، والتي يشترطها اتفاق “باريس للمناخ”، الذي وقعت عليه 195 دولة.
ويرى علماء من المعهد السويسري الفيدرالي للتكنولوجيا في زيوريخ” (ETH). في دراس نشرتها مجلة العلوم Science ، أنَّ الأشجار بالإضافة الى أنها تمتص كميات هائلة من غاز ثاني أوكسيد الكربون (Co2)، فهي تُساعد على تخفيف الضجيج في المُدن، علاوة عن أنها تُقلل معدل جسيمات التلوث المعروفة بـ ((PM يتراوح بين 7و 24 في المئة(تتسبب في وفاة نحو 6.2 مليون شخص سنوياً).
وأنَّ كوكب الأرض يدعم زراعة الأشجار في الظروف المناخية الحالية، بزيادة 1.6 مليار هكتار على مساحة الغابات الحالية، والتي تبلغ 2.8 مليار هكتار، أي مايعادل مساحة الولايات المتحدة الاميركية كلها، وذلك دون التعدي على اي من المناطق السكنية في المدن أو الاراضي الصالحة للزراعة.
إثيوبيا تزرع 224 مليون شجرة في يوم واحد!!!
كانت الغابات تُغطي في المائة من أراضي إثيوبيا، في نهاية القرن التاسع عشر، بينما اليوم تبلغ تلك النسبة فقط حوالي 3 في المائة، هذه الكارثة نجمت عن التصحر السريع الذي يزحف على أراضي إثيوبيا، والذي يعود لعدة أسباب أهمها التزايد المتسارع في عدد السكان الكلي للبلاد، والإستخدام الجائر لأراضي الغابات، وعدم استصلاح التربة، إضافة إلى التغير المناخي.
ولذلك دعت الحكومة الإثيوبية في أيار/مايو الفائت، لإطلاق مبادرة زراعة ما يزيد على 200 مليون شجرة، في يوم واحد، وهو رقم قياسي عالمي، إلا أنَّ ماتحقق فاق التصور، فقد زرع المشاركون(الأهالي والمنظمات البيئة المحلية والدولية)، أكثر من 225 مليون شجرة، متجاوزين الهدف الأولي للمبادرة.
وكان مسؤولون في وزارة الزراعة الاثيوبية قالوا: إن البلاد زرعت حتى الآن 2.6 مليار شجرة في معظم أنحاء البلاد.
وفي أيرلندا أيضاً
في مبادرة قوية نحو تشجير البلاد، أعلنت السلطات الأيرلندية أنها ستزرع في كل عام حوالي 22 مليون شجرة على طول البلاد وعرضها، حتى عام 2040 ، بحيث يكون لديها ما لا يقل عن 440 مليون شجرة جديدة لمكافحة آثار تغير المناخ، ويتوقع المسؤولون أن هذه المبادرة ، ستؤدي الى خفض صافي انبعاثات الكربون بحلول عام 2050.
الحكومة الأيرلندية في معركتها ضد التغيُر المناخي، اتخذت تدابير أخرى، كجزء متمم لخطة التشجير العملاقة، حيث فرضت ضريبة جديدة على الكربون وزيادة الاستثمار في الطاقة المتجددة والتغيرات في الزراعة واستخدام الأراضي.
أما في لبنان!!!
خسر لبنان منذ الإستقلال أكثر من 20 بالمئة من غاباته بسبب الزحف العمراني، الرعي الجائر، والقوانين غير الصارمة التي ترعى عمل المقالع والمكبات، أضف إليها عدد الحرائق الكبير الذي يتجاوز سنوياً الآلف حريق (نشبت مؤخراً، في المناطق اللبنانية نحو 103حريقاً)، التهمت مئات الهكتارات من الغابة اللبنانية، وسط عجز الحكومة اللبنانية عن إطفائها، و لولا تدخل العناية الإلهية بأمطارٍ غزيرةٍ، لكان “على الغابة اللبنانية السلام”، وذلك العجز يعود الى افتقار أفواج الإطفاء في لبنان لوسائل الإطفاء الحديثة، فالسيارات الكبيرة مخصصة لإطفاء المباني داخل المدن، و طائرات “السيكورسكي” مُعطلة.
و رغم كل ماسبق، فإن حملات التشجير في لبنان، ما تزال تقتصر على بضع آلاف الأشجار سنوياً، ومبادرات فردية أو جماعية، لكن خجولة!!!.
“إثيوبيا” البلاد التي تُصدر الى لبنان عُمال المنازل (الخَدَم)، تسبقه في الإهتمام بالغابات…أليست هذه من عيب كبير على كل الحكومات التي تعاقبت على البلاد.
أنتم أخطر علينا من التغير المناخي، بكثير.