“النظافة من الإيمان” يختصر هذا المثل الشائع حقيقة النظافة بشكل أخلاقي وصحي، وبالتالي فإن من لم يكن نظيفًا على بيئته ووطنه فهو حتمًا ليس بنظيف في منزله!
هي حقيقة قد تكون جارحة إلا أن بعض المناظر التي تصادفنا على الطرقات تستفزّنا بشكل كبير فعلاً، فكيف لإنسان أن يتسلّح بالنظافة في بيئته الصغيرة ويرمي الأوساخ في تلك الكبيرة؟
الأمثلة هنا كثيرة، لكن حديثنا اليوم يرتكز على فضلات الكلاب التي باتت وللأسف تسيّج الممرّات في كل مكان وخصوصاً على جانب الطرقات، فهل تسمحون لكلبكم قضاء حاجته في كل مكان في منزلكم؟ وهل أن من يقتني كلباً يدرك أهمية هذا الموضوع وهل يعرف أضرار انتشار هذا البراز أينما كان، الصحية والجمالية والبيئية؟
اقتناء الكلاب بات من اولى اهتمامات اللبنانيين إلا أن الإهتمام بنظافتها وانعكاسها على البيئة تقع على مسؤولية أصحابها! أفلا يستفزّكم منظر الفضلات المتراكمة من أوّل رصيف المشاة إلى آخره يمينًا وشمالًا ؟ فإن لم تكونوا انتم من يرفعها على من تقع المسؤولية؟ وماهية أضرارها؟
هل تدركون أنها بالدرجة الأولى تشوّه منظر الطرقات والبلد بشكل عام؟ هل تعتقدون أن هذا البراز هو مفيد للبيئة ويشكّل سمادًا قد يصبّ لصالح الطبيعة؟ وماذا عن صحة الأولاد الذين قد يلمسوها عن طريق الخطأ؟
تتكاثر المعلومات حول هذا الموضوع، فبعض المراجع يعتبر ان فضلات الكلاب تعتبر من الملوثات البيئية وصنّفت في خانة مبيدات الأعشاب والحشرات، في حين تتحدّث معلموات أخرى عن أنها مضرّة بشكل كبير بصحة الإسان وخصوصا الأطفال منهم..
في هذا الإطار، يشير الطبيب البيطري د. جوزيف أحوش، إلى أنه في الدرجة الأولى فإن القضية أساساً تتعلّق بأخلاق الإنسان ونظافته، وبالتالي فإن ترك أوساخ الحيوانات كالقطط والكلاب أمر مرفوض أخلاقياً وجمالياً، إلا أن الطب البيطري يشير إلى أن فضلات الحيوانات جميعها تماماً كفضلات الإنسان تتحلّل طبيعياً في حين أن تلك الخاصة بالقطط هي أكثر ضرراً من فضلات الكلاب، لأنها تحتوي على طفيليات ضارة تعرف باسم “توكسوبلاسما” قد تنتقل إلى الإنسان بشكل سريع إن عبر اللمس المباشر أو عبر ملامسة هذا البراز لأي شيء قد يتناوله الإنسان، فإذا علق البراز بالأحذية مثلاً فيصبح أي مكان تطأه القدم ملوّث ببراز القطط ويحمل طيف ال”توكسوبلازما”، وأي طعام أو يد تلامسه تصبح عرضة للعدوى.
بالنسبة إلى براز الكلاب، يشير د. أحوش إلى أنها طبعاً تحمل ما يسمى الـ Parasytes إلا أنها لا تنتقل مباشرة إلى الإنسان فهي كغيرها من الأنواع لا تنتقل إلا عبر وسيط قد يكون الفأر أو الجردون أو البزاق ..
في المقابل، وتماماً ككل الفضلات الخاصة بالإنسان أو بالحيوان، فإن ملامستها يمكن أن يسبب التسمّم الغذائي بسبب إحتوائها على السالمونيلا والإيكولاي والديدان وغيرها من الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان.
لذلك، فلا داعي للهلع في هذا الإطار خصوصاً وأن غالبية الكلاب أو الحيوانات التي يقتنيها الإنسان تكون تحت إشراف طبيب بيطري يقوم بكل اللقاحات اللازمة لها، إلا أن الأخلاق تبقى الركن الأساسي في التعامل مع براز وفضلات الحيوانات.
من هنا لا بد من الإشارة، إلى ان أصحاب الكلاب الذين لا ينظفون فضلات حيواناتهم الأليفة يعاقبون في عدد من البلدان، ففي العاصمة الإسبانيّة مدريد، يمكن أنّ يتحوّل أصحاب الكلاب الذين لا يلتقطون مخلفات حيواناتهم الأليفة، إلى عمّال نظافة في الشوارع، بموجب “خطّة الصدمة”. ويُخيّر أصحاب الكلاب ما بين دفع غرامة مالية تتجاوز الألف يورو وتنظيف الشوارع لأيّام قليلة.
وبحسب قانون جديد في بريطانيا، يدفع صاحب الكلب، الذي لا ينظّف مخلفات كلبه بعد أخذه في نزهة، مائة يورو على الفور، علماً أنّ هذا الأمر بات مصدر إزعاج في الحدائق وعلى الشواطئ، ويؤدّي إلى مخاطر صحيّة، خصوصاً لدى الأطفال الصغار، بحسب صحيفة “دايلي مايل” البريطانيّة.
لا يقتصر الموضوع على كون فضلات الحيوانات مضرّة أم لا، فإن النظافة والأخلاق هم أساس التعامل بين البشر، ولا يقتصر الأمر على النظافة الشخصية والمنزلية ، فإن نظافة البيئة من حولن أمر أساسي وبالتالي تنظيف فضلات الحيوانات من واجبات كل مقتني لحيوان مهما كان نوعه!