حذرت الأمم المتحدة في تقرير لها عام 2017 من أنه بحلول عام 2050 قد تحتوي المحيطات على كميات من البلاستيك تفوق ما في باطنها من أسماك، ما لم يتوقف الناس عن استخدام المواد البلاستيكية التي تستعمل لمرة واحدة، مثل الأكياس والزجاجات البلاستيكية. وكان برنامج الأمم المتحدة للبيئة قد أفاد في تقرير حديث بأن التلوث البلاستيكي ينتشر في شواطئ العالم ويستقر في قاع محيطاته، بل ويشق طريقه من خلال سلسلة الغذاء إلى موائد الطعام.
ومن هنا أعلنت الأمم المتحدة الحرب على تلوث المحيطات، من خلال مؤتمر انعقد بمقر المنظمة في نيويورك، وحشد تعهدات عالمية تصل إلى أكثر من ألف ومئتين من أجل الحفاظ على المحيطات. ويشير تقرير أصدره “الصندوق العالمي للطبيعة” (WWF) أواخر يونيو الماضي إلى أن البحر المتوسط، الذي يشكل حوضًا مائيًّا شبه مغلق تبلغ مساحته 1% من مجموع مساحات البحار، بات سادس منطقة بحرية تُوجَد فيها النفايات البلاستيكية؛ إذ يتركز فيه 7% من مجموع جزيئات البلاستيك في العالم.
على ما يبدو فإن هذه التحذيرات لم تجد لقرع طبول الخطر، ورغم أن بعض البلدان بدأت في السنوات الأخيرة تنفيذ خطط تنموية متعددة الإتجاهات تطال بشقها الأساسي البلاستيك على أمل الحد من استعماله، تتوالى التقارير التي تفقد هذه السياسيات أملها.
ورغم الحرب على تلوّث المحيطات الذي ينعكس على الإنسان مباشرة بسبب تأثر الثروة السمكية بشكل أساسي، أصدرت منظمة “تنظيف المحيط” خريطة لملوثات البلاستيك النهرية التي تنتهي في البحار والمحيطات حول العالم.
يذكر أن هناك 344 نوعًا من الكائنات البحرية عُثِرعليها محاصَرةً بين النفايات البلاستيكية في البحر المتوسط، وبلغت نسبة الضحايا من الطيور (35٪)، والأسماك (27٪)، واللافقاريات (20%)،)والثدييات البحرية (13٪)، أما السلاحف البحرية فقد مثلت النسبة الباقية، وقد عانت جميعها إصاباتٍ وتشوهات تتعلق بنمو الكائنات وتمنعها التحرُّكَ والهروب، مما يهددها بالموت.
في هذا الإطار، وبما أن التلوّث البري أم البحري أو الجوي في لبنان قد بلغ أعلى المستويات، فإن خريطة ملوثات البلاستيك النهرية التي تنتهي في البحار والمحيطات حول العالم الصادرة عن منظمة “تنظيف المحيط” تضع لبنان في خانة الإتهامات الكبرى، إذ تبعاً لمعلومات و إحصاءات ومعايير خاصة بالمنظمة أظهرت ان الأنهر اللبنانية تُصدّر حوالى 1،018،500 كيلوغرام من النفايات البلاستيكية سنويًا. اثنان من أنهار لبنان هما من بين 1000 نهرالأكثر تلويثا بالبلاستيك في العالم: نهر بيروت 334000 كجم من النفايات البلاستيكية سنويًا وأبو علي 232000 كجم من النفايات البلاستيكية سنويًا .
في هذا السياق، يشير مدير برنامج الأراضي والموارد الطبيعية والتنوع البيولوجي في معهد الدراسات البيئية في جامعة البلمند جورج متري أن الخريطة تتضمن معلومات قليلة جدًا عن كيفية حساب المنظمة لكمية النفايات البلاستيكية الموزعة بواسطة كل نهر أو كيف تحدد أي من الأنهار الأكثر تلوثًا. إلا أنها تقول إن نموذجها يعتمد على بيانات حول “النفايات البلاستيكية واستخدام الأراضي والرياح والأمطار والأنهار وتقول أن المعلومات التفصيلية عن نهج النمذجة والبيانات سوف تتبع في التحديث العلمي.
اذا لم يكن لبنان يحترم بيئة بلاده فكيف له ان يخاف على بيئة الآخرين، وفي حين أن التلوّث البلاستيكي يجتاح العالم، ها هو يضع لبنان في خانة الاتهامات العالمية، فهل من حلول قريبة؟