قد يتساءل الكثير منا عن سر ّانتشار الاخبار الكاذبة خصوصا في عزّ المظاهرات والحروب، فشريحة مهمة من الناس تقع ضحيتها وتصدقها على الرغم انها شائعة دون التأكّد من مصدرها، خصوصا اذا كان من يبثها عبر مؤسسات اعلامية والاسوء في ظل وجود مواقع التواصل الاجتماعي التي تسهّل انتشارها على شكل واسع دون اي ضوابط بمعنى اي شخص يريد ان يؤذي الاخر يرجمه بالخبر السيء فكيف اذا كان هدفه ابتزاز سياسي ! مما يطرح السؤال نفسه : لماذا الناس تصدق الخبر الكاذب ولا تتقبل بسهولة الخبر الصحيح فهل له بعد نفسي اجتماعي ؟
تعرّف على الخبر الكاذب
بحسب تعريف جامعة ولاية بنسلفانيا، ان الأخبار الكاذبة هي أخبار من مصادر تتعمد نشر محتوى مضلل أو تشويه تقارير خبرية حقيقية بشكل صارخ كما وانه ليس ضروريًا أن تكون الأخبار الكاذبة سياسية أو حتى أخبارًا، فأي محتوى، سواء أكان قصة خبرية أو مدونة أو ملفًا صوتيًا أو شريط فيديو، ينشر معلومات مضللة أو مشوهة هو أخبار كاذبة. لذا مع وجود العديد من الأخبار الوهمية والمغلوطة على الإنترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي، فإن فصل الحقيقة عن الوهم أصبح معقدا وأكثر صعوبة من أي وقت مضى. كما وانه وفقا لتقرير نشره موقع بيزنيس إنسايدر، ان هناك نصائح يجب اتباعها للحكم على ما إذا كان يمكن الوثوق في ما تقرأ اي بمعنى عند قراءة الخبر من الضروري قراءة الموضوع كاملا وجيدا قبل تكوين رأيا مسبقا خصوصا إذا كان عنوانه غريبا الى التحقق من الرابط اذا كان حقيقيا أم وهميا مع اهمية التحقق من اسم كاتب الخبر أو المقال للتأكد من أنه غير وهمي وايضا التشديد على رقابة الجودة أثناء القراءة و على مستوى الكتابة ومراجعة المصادر.
كما و أظهرت ايضا دراسة قامت بها جامعة ستانفورد الأميركية أن “أزمة الأخبار الكاذبة” على مواقع التواصل الاجتماعي، أكثر من مشكلة نود الاعتراف بها، حيث أكدت الدراسة أن 80 بالمئة من العينة، لم يستطيعوا إدراك الفرق بين المحتوى الممول والأخبار الحقيقية، وأن ذات النسبة ليست لديها مشكلة في استقاء الأخبار من مصادر مجهولة.
ربما يميل الكثيرون إلى تحميل مواقع التواصل الاجتماعي مسؤولية انتشار مثل هذه الشائعات، واتهامها بأنها ساهمت بشكل كبير في نشر الأخبار المزيفة، لكن الدراسة تؤكد أنه حتى مع جهود هذه المواقع، في مكافحة الشائعات، ووضع علامات لتوثيق الحسابات الصحيحة من المزيفة، فإن الجمهور كان يتجاهل مثل هذه العلامات، ويبحث دائماً عن الأخبار المزيفة التي تتمتع بإثارة لا تمتلكها الأخبار الحقيقية بمعنى عندما يصل الإنسان مرحلة “العقل المخدر”، فإنه يكون قابلاً لتصديق كل ما يقال له، وتطبيق أي فعل يطلب منه، ذلك أن أدوات التفكير السليم لديه تم تعطيلها، فهو حتى عندما يفكر، فإن عقله يعمل بالطريقة التي تم برمجته عليها، لذلك يعتقد أنه يفكر، بينما هو في الواقع يطبق ما برمج للتفكير فيه.
فتشّ عن الضياع
في هذا السياق اهم ما اوضحه الاختصاصي في الطب النفسي ومؤسس مدرسة الوعي الدكتور انطوان سعد ل greenarea.info حول مدى تأثير الاخبار الكاذبة على عقلية الانسان خصوصا في عزّ المظاهرات او الحروب مما قال :”ان المشكلة التي نقع فيها في عزّ المظاهرات او الحروب هي ان الناس تصدق الخبر الكاذب واي خبر من دون التأكد من المصدر نتيجة الضياع الذي يصاب به الانسان خصوصا في هذه المرحلة كون الضائع يكون اكثر بكثير عرضة للاخبار الكاذبة من الشخص الواعي الذي يعرف ان يميز بين الصح والخطأ. لذلك بتنا نجد ان اغلبية اللبنانيين ضائعين ولا يميّزون بين الخبر الكاذب والصحيح مما نجدهم يميلون الى تصديقه بغض النظرعن صحته واهميته كون اللبناني ضائع في المرحلة الحساسة التي يمر بها لبنان فكيف سيتاكد ان المنشورهو خبركاذب والاسوء انه يكتشف ذلك من بعد ما يكون قد صدقه كون في حالة الضياع والفوضى لا ير الانسان الا قسم من الحل وهذا مؤسف طبعا. لذلك اقول انه رغم كل الغليان في الشارع من تظاهرات من الضروري جدا الالتزام بنصف ساعة من الصمت يوميا للاصغاء الى الصوت الداخلي اي صوت الروح الداخلي بعيدا عن ضجيج الساحات لكي يصبح قائدا ذاتيا يعرف كيف يدير اموره ليحقق مطالبه لديه بفعالية كبيرة اقله لكي يستطيع التمييز بين الصح والخطأ تجاه الاخبار الكاذبة التي نقع ضحيتها في اغلب الاحيان .”
قصتها قصة قديمة جديدة
اوضحت الاختصاصية في علم النفس الدكتورة ديزيريه قزي ل greenarea.info : ” ان عملية انتشار الاخبار الكاذبة او الشائعات تعتبر ظاهرة قديمة وليست حديثة لذلك اذا كثرت في ايامنا هذه بسبب مواقع التواصل الاجتماعي التي تساعد في نشرها بسرعة سواء عند حالة المظاهرات ام الثورات. انما المشكلة تكمن في ان الانسان يصدق تلك الاخبار الملفقة اوغير صحيحة لانه في هذه المرحلة لا يستطيع ان يميز بين الصح والخطا كونه في حالة ضياع بمعنى مضيع الطريق .”
تحفيز مدروس
توقفت الاختصاصية في التدريب الحياتية وفي البرمجة اللغوية العصبية الدكتورة دارين داوود مفرج عبر ل greenarea.info:”ان الاخبارالكاذبة عندما لا يكون مصدرها رسمي هدفها فقط لتحريك الرأي العام وتحفيزه او نقل الواقع من منحى الى اخر عندها تعتبر اخبار محفزة ومدروسة يرمونها الى الناس لينقلوهم من واقع سياسي من مرحلة معينة الى واقع اخر تحفيزي ومدروس من هنا اهمية التحقيق من الخبر قبل نشره كون الانسان يصدق الذي يخطر في باله اي ضمن دائرة معتقداته المترسخة فيه مع اهمية معرفة ان المعلومة التي تأتي عن طريق نشرها في الاخبار الكاذبة تخرجك من خزان المعلومات لتنقلك الى مرحلة اخرى. من هنا نجد عند اغلبية الناس متمسكة بافكارها وبزعمائها من دون الوصول الى التغييربل تتبنى الشائعة وتصدقها ضمن دائرة ليس فيها امان كونهم يفضلون قلة الامان على الحقيقة الجديدة من هنا اهمية تمكسهم بالشائعة لكي يظلوا مرتاحين بموقفهم .”
لها ابعاد سياسية
الى رأي المستشارة في الصحة العامة راشيل بطيش التي اعتبرت عبر ل greenarea.info :” لا شك ان انتشار الاخبار الكاذبة بهدف ابعاد سياسية في عملية تحريض من شخص بهدف تصديقها و تشويه الحقيقة لغاية سياسية اكثر مما هو اجتماعية .”