تُعاد قصة إبريق الزيت في مجرى نهر الحاصباني ، بشكل سنوي مع بداية موسم الزيتون وفصل الشتاء. إذ تتحوّل نفايات المعاصر في القرى المجاورة، ومياه الصرف الصحيّ ، إلى مجرى النهر مسببة بأضرارٍ جسيمةٍ للثروة السمكيّة، أقل ما يقال عنها كارثة.
إذ إستفاق أهالي حاصبيا صباح عيد الإستقلال، على كارثة بيئيّة تمثلت في نفوق حوالي ثمانية أطنان من الأسماك. الأمر الذي أدى إلى إستنفار البلدية وعدد من فعاليات البلدة، الذين توجهوا إلى مجرى النهر حيث جددوا صرختهم الدائمة لحماية ما تبقى من هذه الثروة.
أسباب الكارثة
في هذا الصدد شرح رئيس بلدية حاصبيا لبيب الحمرا في مؤتمر صحافي أسباب الكارثة فقال، “جراء التلوّث المتمثل بزيبار الزيتون، إذ أن معاصر القرى المحيطة بحاصبيا تعمد إلى تحويل نفاياتها إلى النهر دون أي حسيب أو رقيب . كذلك مياه الصرف الصحي لهذه القرى التي يتم تجميعها خلال الصيف، تتحوّل هي الأخرى مع بداية الشتاء إلى النهر. لكن هذا العام وبسبب عدم غزارة نهر الحاصباني خلال هذه الفترة على الرغم من غزارة الأمطار التي سقطت، فإن هذا الأمر أدى إلى كارثة نفوق عدد هائل من الأسماك”.
تفصيلياً يوضح الحمرا “في كل سنة ومع بداية الشتاء تعمد البلديات في القرى المجاورة، إلى فتح خزانات محطات التكرير، التي للأسف لا يتم إستخدامها، حيث تتجمع فيها مياه الصرف الصحي خلال فصل الصيف. بعد ذلك يتم تحويلها إلى نهر الحاصباني. هذا الأمر نعاني منه منذ سنوات عديدة”.
يتابع “إتخذت بلدية حاصبيا منذ أول يوم عهد على نفسها ، لحماية هذا النهر. وعمدت إلى كافة الإجراءات الضرورية في هذا الصدد، حيث صنّفته في المجلس الأعلى للتنظيم المدني، من أجل حمايته ورفع عنه البناء العشوائي، ومنع عنه المصانع والتلوّث . كذلك تم تخصيص عدد من شرطة البلدية والحراس، من أجل مراقبة النهر على مدى ساعات النهار، لمنع الصيد العشوائي وغير الشرعي ، تحديداً في الأوقات غير المسموح بها ، من أجل تكاثر هذه الثروة لكي ننعم بها “.
مشكلة مزمنة
أن مشكلة نهر الحاصباني ليست بجديدة، وقد إتخذت العديد من الإجراءات لحلّها ، لكن دون جدوى. وقد أكد على ذلك الحمرا بقوله “أتينا اليوم من أجل أن نرفع الصوت عاليا،ً على أمل أن يصل بالوسائل السلميّة، إلى حيث يجب أن يصل، ومن أجل أن نسلط الضوء على أمننّا البيئي”.
“فاليوم نرفع الصوت بعد أن وجّهنا الإنذارات وتقدمنا بالشكاوى ضد الكثير من المعاصر. وقد تم التواصل مع عدد من البلديات المحيطة بنا، من أجل رفع هذا الضرر. ولكن للأسف ما من مجيب. كذلك توّجهنا للقضاء ولكن للأسف أيضاً لم نلمس منه، حتى الآن ولا أي إجراء جدّي أو جذري، فيما يتعلق بهذا الموضوع”.
أما بالنسبة إلى المعاصر التابعة لبلدة حاصبيا، فيؤكد الحمرا ” أنّها تتقيد بنسبة تفوق الـ 90% بعدم رمي زيبار الزيتون في النهر ، إلاّ أن البلدية صلاحياتها لا تسمح لها، التصرف خارج منطقتها الإدارية.”
.. خطر فقدان هذه الثروة
يعتبر نهر الحاصباني الشريان الأساسي لسكان البلدة، من حيث إستخدامته في المنازل، أو في ري البساتين المجاورة له . لذلك فإن أي ضرر يطاله ينعكس سلباً على كافة أبناء المنطقة. في هذا السياق، أكد الحمرا “نحن الآن نطلق هذه الصرخة بشكلٍ سلميّ ولكن إذا كانت هذه الدولة وهذه السلطة والسلطات المعنيّة، لا يفهمون إلاّ بحرق الدواليب، فنحن لن نلجأ إلى حرق الدواليب لكننا سوف نقطع طرقاتنا، فمن حقنا أن نعيش بسلام ، وأن تكون مياهنا نظيفة وأن ننعم بالأمن البيئي” . “فهذا النبع يضخ كل يوم 4 آلاف و200 متر مكعب من المياه إلى بلدة حاصبيا. وفي هذا الوضع المعيشي الصعب من حقنا أن ننعم بمياه نظيفة، بمياه شفه ومياه للإستخدام المنزلي. ولكن جراء المظاهر التي تحصل فخطر فقدان هذه النعمة يحيط بنا”.
ليؤكد “من هذا المكان بالذات أنا أوجّه إخبار فقد آن الآوان من أجل حل جذري، لذلك يجب التجاوب عبر الفترة البسيطة الممكنة من خلال القيام بإقفال المعاصر التي تؤذي بيئتنا و صحتنا . وعلى البلديات المجاورة أيضاً أن تتحمل مسؤلياتها، إذ أن بلدية حاصبيا ومنذ ثلاث سنوات تقوم بتشغيل محطة التكرير، رغم كل العجز المالي الذي تمر به. فصحتنا وبيئتنا تعتبر أولى الأولويات بل هي الرقم واحد . ونحن لسنا على إستعداد للتخلي عن هذه البيئة السليمة وعن صحتنا . وهذا الكلام بإسم كل حاصبيا، على الأمل أن يعمّم على كافة البلديات. فالبيئة النظيفة يجب أن تتواجد في كافة المناطق على حد سواء، أي في حاصبيا والقرى المحيطة بها”.