لن يستثني التغير المناخي أي بلد من جعله ضحية تداعياته، وفي حين أن الدراسات أثبتت على مدى السنوات أن الدول الصناعية هي المسببة الأولى للإحترار المناخي بسبب الإنبعاثات التي تخطّت المعدّل الطبيعي، وخصوصاً أميركا البلد الصناعي الأكبر.. يشدد الخبراء على أن الدول النامية ستدفع الثمن غالياً، تدفع ثمن ما لم تقترفه يداها دون حسيب أو رقيب..
رغم ذلك، فإن الدول الكبرى سوف تدفع ثمناً أكثر من باهظ بالنسبة لها، وفي هذا الإطار، حذر الباحثون من أن أكبر خمس مدن في العالم ستواجه ظروف مناخية “مجهولة ” بحلول عام 2050 ، وذلك بسبب ارتفاع درجات الحرارة والذي بدوره سيزيد من مخاطر الجفاف والفيضانات.
فلقد قام علماء المناخ في Crowther Lab ، بعمل دراسه إستقصائية شملت 520 مدينة في جميع أنحاء العالم ، بما في ذلك جميع العواصم ومعظم المدن التي يزيد عدد سكانها عن المليون نسمة.
بالنظر إلى الظروف المُناخية الحالية في هذه المدن – بما في ذلك التقارير المُناخية الموسمية وسقوط الأمطار – توقع العلماء ما يمكن أن يحدث مع ارتفاع درجات الحرارة إلى نصف درجة مئوية أخرى ، بالقرب من الحد الأدنى للتغير ب 1.5 درجة مئوية والمُحدد في اتفاقية باريس بشأن تغير المناخ لعام 2015. وقد أوضح جان فرانسيس باستين ، الباحث الرئيسي في تلك الدراسة ، أن ذلك أظهر أن 22٪ من المدن ستشهد ظروفًا مُناخية غير مسبوقة بحلول عام 2050 ، مثل الجفاف والرياح الموسمية الشديدة. وقال “ تغيّر الظروف المُناخية الذي من المُرجح أن يزيد من مخاطر الفيضانات والجفاف الشديد.” وأضاف “إنها ظروف مجهولة.” ومن المتوقع أن يعيش تلك الظروف المنُاخية المجهولة حوالي 70٪ من سكان مدن العالم بحلول عام 2050 ، وفقًا لتقارير الأمم المتحدة. لكن العديد من المدن ، وخاصة في الدول الفقيرة ، تواجه تحديات كبيرة ، مثل زيادة الكثافة السكانية المتزايدة في الأحياء الفقيرة والتي يفتقر سكانها إلى الخدمات الأساسية مما تزيد من خطر تعرضهم للكوارث المُناخية . بموجب اتفاقية باريس ، والتي وقعت عليها 185 دولة ، تعهدت الحكومات بالإبقاء على الاحتباس الحراري “أقل بكثير من” 2C (3.6F) قبل الصناعة والسعي لتحقيق حد أدنى قدره 1.5C. فمن شأن الحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية أن يتجنب الخسائر الاقتصادية البالغة 12 تريليون دولار بحلول عام 2050 ، وفقًا للأمم المتحدة.
وقال علماء Crowther Lab إن دراستهم ، والتي نُشرت في مجلة PLOS ONE ، كانت أول تحليل عالمي للتحولات المحتملة في الظروف المُناخية في المدن الكبرى كنتيجة للاحتباس الحراري. لقد أظهرت تلك الدراسة أن 77٪ من المدن التي تم أخذها كعينه للدراسة ستشهد تغييراً ملفتًا في الظروف المناخية بحلول عام 2050. واظهرت الدراسة التي أُجريت في نصف الكرة الشمالي ان العديد من المدن في غضون 30 عاما قد تشبه الاماكن التي تبعُد أكثر من 1000 كيلومتر جنوباً باتجاه خط الاستواء. وقال فرانسيس باستن إن المدن في أوروبا ستدفئ بمعدل حوالي 2.5 درجة مئوية على مدار العام ، لكن قد يكون الصيف والشتاء أكثر حرارة بمقدار 3.5 درجة مئوية و 4.7 درجة مئوية على التوالي. و عالمياً ، من المُرجح أن تكون درجات الحرارة أكثر ارتفاعًا بمعدل 2.4 درجة مئوية – وهو ما يكفي لقتل كل الشعاب المرجانية تقريبًا ومنع تحقيق الأهداف التي نصت عليها اتفاقية باريس. ووفقاً للدراسة ، قد يشبه مناخ لندن في عام 2050 مناخ برشلونة الحالي ، وقد تبدو مدريد مثل مراكش وسياتل مثل سان فرانسيسكو وطوكيو مثل تشانجشا في وسط الصين. وقالت الدراسة إن المدن في المناطق المدارية من المرجح لها أن تشهد أقوى تأثر بالتغيرات المناخية لكنها ستشهد تغيراً طفيفياً في متوسط درجات الحرارة. وقال الباحثون إنهم سيشهدون تحولات في أنماط هطول الأمطار ، مما يؤدي إلى مزيد من الفيضانات والجفاف. فمن بين 22٪ من المدن التي ستشهد تحولات مناخية “غير مسبوقة” ، يوجد 64٪ في المناطق الاستوائية وتشمل كوالا لمبور وجاكرتا ورانغون وسنغافورة. وقال فرانسيس باستن إن الدراسة قد تساعد المدن على تعديل خططها لمكافحة مخاطر مناخية محددة. وقال إنه يأمل أيضًا أن يساعد ذلك في إقناع الناس بتغيير أنماط حياتهم لخفض انبعاثات الاحتباس الحراري وتقليل المخاطر المحتملة. وأضاف “من المؤكد أننا بحاجة إلى تغيير سريع للطريقة التي نعيش بها على كوكب الأرض. وإلا سنواجه المزيد من حالات الجفاف والفيضانات والكوارث “.