لا يسلم اللبنانيون من الذلّ والإهمال لا صيفًا ولا شتاءً، ورغم الإنتفاضة الشعبية التي بدّلت معالم السياسة اللبنانية والتبعيات الطائفية، ضاع المواطن بين حريق الصيف منذ حوالى الشهرين وغريق الشتاء الذي لا يزال في بداياته، والذي تحوّلت خيراته إلى نقمة عارمة تذلّ اللبناني وتكسر الجرّة بينه وبين حكّام الدولة.
تقاذف المسؤوليات تكون ردة الفعل الأولى لمختلف المؤتمنين على هذا البلد مهما ارتفعت حدة الأزمات، ففي حريق الغابات الذي انتشر في كل أقطاب لبنان ولم يستثن غابة من دون أن ينتهكها، وقف الزعماء مذهولين من هول الفاجعة، وتركوا عناصر الدفاع المدني والجيش اللبناني وفرق الإنقاذ تماماً كما الشعب يصارع المصيبة وحيداً، في ظل غياب اي استراتيجية دفاعية ضد الحرائق رغم وجودها ورغم توافر مشاريع وبرامج كثيرة متخصصة بكشف الحرائق غير المفتعلة قبل حصولها…
وها إن المشهد يوم أمس يعيد نفسه مع تغيّر بسيط في الصورة، فبدل احتراق المنازل والأشجار والسيارات، تنقّلت المقتنيات على خرير مياه الفيضانات التي اجتاحت الشوارع والمنازل ولم تترك لا أخضر ولا يابس ولا منزل ولا أثاث ولا غيره !!
مشهد اعتاده اللبنانيون عامًا بعد عام من دون ان يعتاد على إهمال جهات يفترض أنها مؤتمنة على حياة الناس. وفي ظل حالة عدم الإستقرار السياسي الذي يغرق بها لبنان وإضافة إلى نسب الفقر التي ارتفعت بشكل كبير جراء الأزمة الإقتصادية الحالية، وفي حين لم تشف الناس من غصّة الحريق الأخير، اكتمل مشهد البؤساء بفياضانات زادت من الفقر فقرًا ورسّخت مبدأ استهتار الدولة وإهمالها في ذهن المواطنين، فزادت طين المتظاهرين بلّة ووحّدت اللبنانيين من جديدوعوّمت مبدأ “الحق عليك مش عليي” !!