لا ينفصل الناس عن أي تفصيل صغير يحصل في العالم، ولا تكتمل حياة الإنسان إلا بتكافل وتضامن الحالة النفسية والجسدية معًا. وفي حين تنشغل البشرية جمعاء بكيفية مكافحة تداعيات التغيّر المناخي، فإن لعلم النفس دور أساسي في المواجهة!! كيف ذلك؟
دور رئيسي تلعبه الطبيعة في حالة الناس النفسيّة، وقد اعترف تقرير صادر عن جمعية علم النفس الأميركية بزيادة الإكتئاب والقلق كما التوتّر واضطراب ما بعد الصدمة والشعور بالضعف والتعب إثر تغيّرات المناخ.. وفي الوقت الذي سيتعرض فيه العالم لحرارة عالية وطقس غير مستقر، ستكون حالة الناس العقلية والنفسية غير مستقرة، فلا يمكن نكران وجود تصرفات غير واعية تصدر عن بعض الأشخاص بسبب تغيرات الطقس!
في المقابل، قدّم عالم النفس فرانسيس بايكون ( Francis Bacon ) أدلة في دراساته المتعددة أثبت من خلالها أن الابتعاد عن الطبيعة يؤدي الى انهيار نفسي وجسدي، وأي تغيّر فيها أو في مناخها، سيؤثر في سكان هذا العالم حتمًا.
في هذا الإطار، أعلن مؤخراً قادة جمعيات علم النفس في أكثر من 40 دولة، عن توحيد جهودهم وتوظيف خبراتهم بهدف «اتخاذ خطوات حاسمة لمكافحة التغير المناخي وتأثيراته»، وذلك أثناء انعقاد مؤتمر دولي حول «علم النفس والصحة العالمية» في مدينة لشبونة في البرتغال بداية هذا الشهر – كانون الأول -ديسمبر 2019. وعبّر العلماء عن تعهدهم بـ«إبلاغ كل من الجمعيات الأعضاء على المستوى العالمي وأفراد الجمهور بالمخاوف حول الأزمة المناخية»، وذلك بهدف الدفاع عن «أولئك الأفراد الأكثر تقبلاً» لحدوث «التأثيرات النفسية والعقلية عليهم بسبب التغير المناخي»، وبهدف تشجيع واضعي السياسات على «توظيف علم النفس أكثر فأكثر» في التصدي لظاهرة التغير المناخي. وكانت جمعية علم النفس الأميركية واحدة من الجمعيات المشاركة في المؤتمر التي وضعت توقيعها على مسودة القرار.
وبالتالي، فإن العمل الجماعي لمواجهة التغيّر المناخي مفيد على مختلف الأصعدة، إذ يقول العالم جون كروسنيك انه كلما زاد عدد الأشخاص الذين يعرفون تغير المناخ زاد اهتمامهم به، إذ يمكننا الحفاظ على الطاقة بسلوكيات عدة ، ان اي عمل مهما كان بسيطا يؤديه أفراد المجتمع للاستعداد ولمشاركة في منع تدهور الطقس وتغير المناخ سيعود بفائدة كبيرة، اذ يبشّر تماسك الافراد بزيادة الصحة والرفاهية الجسدية والنفسية، كذلك يبشّر بأنهم يعون الدور الأكبر الذي ينمّ عن فكر منفتح النظر الى المفاهيم الإنسانية التي من شأنها الحفاظ على الاستقرار النفسي الذي يعكس الاستقرار المناخي، فلا بد من استيعاب مدى تأثير التغير الفردي ومن ثم الأسري في المحيط.
في هذا الإطار، صبّت جمعية علم النفس الأميركية كامل جهودها في السنتين الأخيرتين لدعم الأبحاث الهادفة لاعتبار «القلق البيئي» بوصفه إحدى حالات الاضطرابات النفسية القانونية، ونشرت تقريراً من 69 صفحة أشارت فيه إلى ضرورة الاعتراف بوجود علاقة فيما بين الصحة النفسية والعقلية وبين التغير المناخي.