ان الازمة الاقتصادية تشتد وتخنق اللبناني بلقمة عيشه وتهدد مصيره اما خوفا من الجوع وسط ارتفاع خط الفقر الى المصير المجهول و فقدان فرص العمل و سواها من الظروف المعيشية الضيقة التي زادت من حدة ضغوطها على الشعب البناني حيث ان البعض منهم لم يعد يستطيع التحمل فضلا عن دوافع نفسية اخرى جعلتهم يضعون حدا لحياتهم فكان ان شهدنا عدد مهم من حالات الانتحار مما تعددت الاسباب و ترافق معها عدة اسئلة منها : هل الفقر و العوز و الجوع جميعها تدفع بالانسان الى الانتحار ؟ فكم من عائلات تعيش اقسى الظروف الضيقة و لم تلجأ الى مثل ذلك مما يعني ان هناك عوامل اخرى تزيد من الانتحار فما هي ؟ و كيف تناول الاعلام خبر انتشار الانتحار بمهنية ام استثمر هذا الحادث الاليم من دون ضوابط ؟ هل اذا وجد الانسان المكتئب من يمد له يد العون تتوقف مخيلته من لا ينتحر ؟
تحذير و تنبيه من الانتحار حتى في الاعلام !
ازاء ذلك نبهت الجمعية اللبنانية للطب النفسي من “المقاربة التبسيطية” للانتحار بانها حالة معقدة تتشابك فيها عوامل عدة ولا يعود إلى سبب واحد بل يحصل إذا كان وضع الشخص المعني قابلا اصلا للتأثر على المستوى النفسي إلا أن الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية تشكل عاملا يؤدي بحد ذاته إلى إضعاف الإنسان ودفعه إلى الانتحار حيث ان المعطيات العلمية والطبية تكمن إن الانتحار لا ينطلق من رغبة في الموت، إذ أن غريزة الحياة قوية جدا لدى الإنسان، لكنه يعبر عن رفض للعذاب والألم. كما إن مقاربة انتحار إنسان لا يجوز أن تكون تبسيطية وأن توحي بأن ثمة عاملا سببيا واحدا وراءه، إذ أن الانتحار حالة معقدة تتشابك فيها عوامل عدة. حيث إن لكل من الأشخاص الذين يقدمون على محاولة الانتحار أو ينتحرون فعلا، قصة شخصية مختلفة عن الآخر .
الا ان الابرز ما توقفت عنده الجمعية اللبنانية في الطب النفسي بان لا إحصاءات رسمية في لبنان عن الانتحار كما في الدول المتقدمة وإن السبيل الوحيد لمكافحة الانتحار هو في الاعتراف بالمعاناة الإنسانية، وهذا غير ممكن إلا بطلب المساعدة وبالسعي إلى الحصول على هذه المساعدة من الأخصائيين الحقيقيين في مجال الصحة النفسية.كما و ان التغطية الإعلامية للانتحار، سواء عبر وسائل الإعلام التقليدية أو وسائل التواصل الاجتماعي، من شأنها تقليص خطر الإقدام على الانتحار أو تحفيز الأشخاص الذين لديهم أفكار سوداوية على الانتحار، وبإمكانها إنقاذ حياة وهي ان الانتحار خسارة حزينة ومؤلمة في حياة الانسان. كما وان التغطية الإعلامية للانتحار من شأنها ان تقلل من الخطر او ان تحفز الأشخاص الذين لديهم أفكار انتحارية على الانتحار. وذلك بحسب الطريقة التي تمت من خلالها تغطية الخبر مما يعني انه قبل مشاركة أي خبر او “بوست”، لا بد من تحقق من الحقائق حول موضوع الانتحار وتجنب نشر معلومات غير دقيقة و ان لا تصف او تشارك صورا حول الطريقة المستخدمة للانتحار مع تفادي استخدام او مشاركة الصور او لقطات الفيديو او روابط وسائل التواصل الاجتماعي للحدث و ان لا تتكهن حول سبب الانتحار او محفزه، حتى لو تم توفيره من قبل العائلة او الأصدقاء المقربين. كما و انه لا تستخدم التفسيرات المبسطة للانتحار وتجنب ربط الانتحار بعامل سببي واحد. و ان لا تفترض او تذكر ان الأشخاص الذين حاولوا الانتحار هم ضعفاء او يحاولون جذب الانتباه خصوصا ان 90% من محاولات الانتحار مرتبطة باضطراب صحي نفسي يمكن معالجته إذا تم تحديده ودعم الشخص للوصول الى الرعاية اللازمة .
اضطرابات نفسية حادة
من جهة اخرى اهم ما اعلنته الاختصاصية في علم النفس الدكتورة نيكول هاني عبر ال greenarea.info : “ان الانتحار بحد ذاته له عدة اسباب منها مرضية نفسية عند الشخص ادت به لنوبات قوية حادة نتيجة اضطراب في المزاج مما يحتاج الى الدعم النفسي من طبيب في الطب النفسي او معالج نفسي كل ذلك بفعل تاثره بالاوضاع الصعبة سواء اقتصادية ام اجتماعية الا اننا في المقابل لا نستطيع القول ان الشخص الذي ينتحر لانه ليس قادرا فقط ان يدفع مستحقاته المادية المتوجبة عليه انما لا يريد الموت بقدر ما يريد وقف المعاناة التي يمر بها و مراحل اليأس التي يعيشها لان الانتحار سببه تراكمات سابقة ينتج عنها عوارض نفسية متعددة مما يتطلب ذلك دعما للمصاب به لانه يشعر بالذنب ان لا نفع له مما يقرر وضع حد في حياته لذلك المهم الدعم له دون الملامة لان وجود شخص مساعد يستطيع ان يتخلص من الانتحار مع ضرورة الانتباه الى ان مواقع التواصل الاجتماعي تلعب دورا في زيادته نظرا ما تؤدي الى توتر نفسي لذلك نشدد ان مواقع التوصل يجب ان تجد حلولا لمثل هذه الحالات لان ما لمسناه بكل اسف ان هناك اشخاص غير متخصصين في علم النفس ينقلون خبر الانتحار بشكل خاطىء مما يؤدي ذلك الى توتر و اضطربات عند الناس .”
تراكمات نفسية وراء الانتحار
الا ان الابرزما ذكره الاختصاصي في الطب النفسي الدكتور نزار حجيلي ل greenarea.info عن ان المنتحر الذي يعيش تراكمات من الازمات النفسية لا يستطيع تحملها مما قال : ” ان ظاهرة الانتحار بدات تنشر في لبنان مثل هو الحال الحرق ومن بين الاسباب التي تدفع الى ذلك الا وهو الوضع الاقتصادي المتأزم حيث يكون الرجل اكثر تأثر بعدما يشعر انه غير منتجا و كبريائه و عزة نفسه ترفض هذه الفكرة و الحالة السيئة التي وصل اليها خصوصا عندما يشعر انه علة على اهل بيته فضلا عن عدة اسباب منها ايضا الادمان على المخدرات و شرب الكحول اما المراة فيعرف عنها ان محاولة انتحار عندها اكثر من عند الرجل لمعدل اربع مرات حيث ان الاخير يعاني من 95% سببها اضطرابات نفسية ومرض نفسي خصوصا عندما يكون على شفير الانهيار النفسي ام الاكتئاب او ان شخصيته عصبية جدا كل هذه التراكمات تزيد من الاندفاع الى الانتحار لذلك اول ما تظهر هذه العوارض المذكرة انفا عندها من الضروري ان يتلقى الانسان الدعم المعنوي و المساعدة خصوصا في ظل وجود مستوصفات و مؤسسات اجتماعية تستطيع ان تمد له يد العون.”
معالجة الافكار السلبية
بدورها شددت الاختصاصية في الصحة راشيل بطيش عن المعالجة النفسية المسبقة تفاديا من الوصول الى حالة الانتحار مما قالت ل greenarea.info :”ان السبب الاساسي يكمن هو ان حالات الانتحار تحتاج الى علاج مسبق كون الذي يقدم على الانتحار لا يجد من يساعده بشكل صحيح نظرا لغياب المعرفة عن ذلك خصوصا عندما يظهر عنده في المرحلة الاولى افكار انتحار وعوارض اكتئاب و قلق و انهيار نفسي كل ذلك يزيد من الافكار السوداء السلبية في حال لم يجد من يمد له العون الى ان يصل الى مرحلة متقدمة من الحالة النفسية المتأزمة دون التوجه الى الاختصاصي في علم النفس او اي شخص مساعد لدعمه نفسيا بسبب قلة الوعي في مجتمعنا مما سارعت وزارة الصحة الى اطلاق حملة توعية في الحد من الانتحار كونه مثل اي مرض نفسي يحتاج الى علاج اختصاصي في الطب النفسي للمعالجة و للاسف اذا كثرت حالات الانتحار في لبنان نظرا لغياب الوعي حتى تأتي الازمة الاقتصادية لكي تزيد ضغطا نفسيا اضافيا على كاهل المنتحر كونه لا يعرف كيف يواجهها خصوصا اذا وصل الى مرحلة متقدمة من الازمة النفسية مما يفجرها عبر عدة طرق بعدما لا يجد من يساعده و يدعمه نفسيا .”
مطلوب رفع الوعي للانقاذ
في المقلب الاخر توقفت الاختصاصية في رفع الوعي الدكتورة منى سنان ل greenarea.info على عدة نقاط انقاذية نفسيا لتخطي مرحلة الانتحار مما قالت :” ما يجب معرفته ان الشخص الذي يعاني من ازمة نفسية عليه البوح بها ليس بالضرورة لاهله فقط بل مع اختصاصي سواء في علم النفس او اي شص قريبا منه لان بمجرد ما اخفاها تراكمت عنده وازدادت تأزما كون التفكير في الانتحار يكون على درجات من الوعي المنخفضة سببه الشعور بالعارحيث يشعر المقدم على الانتحار انه عبئا في المجتمع على اهله و انه بات غير قادر ان يعمل اي شيء يفيد المجتمع مما يصاب باليأس المطلق و تكون درجة الوعي معه منخفضة تحت 100 حتى يساوره الخوف الذي يولد الغضب لديه و الاحباط و القلق من المجهول ليصاب بالانهيار النفسي كون المجتمع يعير الرجل في جيبه بكل اسف فضلا عن برامج من الفيروسات المليئة من الافكار السلبية التي تدخل في التفكير والتي تسمم العقل تحفز على الانتحارمع العلم ان الحل في الدعم النفسي لان الانتحار لا يحل المشكلة بل يزيدها خصوصا ان الانسان الذي يتسلح بسلاح كتير قوي الا و هو الايمان في القلب ليعود الى الطريق الصحيح و التوازن النفسي لان المنتحر لو قدر له ان يلاقي شخص يساعده بعدة جلسات داعمة نفسيا لكان لجا الى الطريقة البشعة .”