إبتداء من أوائل عام 2020، تدهور الوضع العالمي فيما يتعلق بالجراد الصحراوي، حيث سمحت الظروف المناخية المواتية بتكاثر الآفات، على نطاق واسع في شرق إفريقيا، وجنوب غربي آسيا والمنطقة المحيطة بالبحر الأحمر. ويعدّ الوضع مقلقاً بشكل خاص في إثيوبيا والصومال وكينيا. فأسراب الجراد الصحراوي هناك كبيرة ومتحركة للغاية، وتضرّ بمحاصيل الغذاء والأعلاف.
هذه الآفة أثارت قلق المنظمات الدولية المعنيّة، بحيث حذّرت الأمم المتحدة من أن إتساع رقعة أسراب الجراد في منطقة غرب إفريقيا، قد يؤدي إلى كارثة إنسانية، حيث تتلف الحشرات الضارّة مساحات شاسعة من الأراضي المزروعة بالمحاصيل.
في الجهة المقابلة، وبحسب المنظمة الدولية، فإن الأمطار التي يرتقب هطولها خلال الأسابيع المقبلة، ستساعد الحشرات على مواصلة النمو، وإكتساح المزيد من المناطق الزراعية، وفقاً لتصريحات نشرتها صحيفة “ديلي ميل” البريطانية.
وقد رجح خبراء الأمم المتحدة أن يزيد حجم أسراب الجراد، في البلدان الإفريقية بما يقارب 500 ضعف، وهو رقم ينذر المزارعين بأيام عجاف.
ومما يزيد الطين بلّة، هو إمكانية إنتشار أسراب الجراد هذه، في أكثر من دولة. فقد إلتهمت أسراب الجراد محاصيل مهمة، في كل من إثيوبيا والصومال وكينيا، كما شوهدت أيضاً وهي تعبر صوب الحدود الشمالية لأوغندا، بينما يتوّقع أن تصل إلى دولة جنوب السودان في أي لحظة.
في الجهة المقابلة، تقدر منظمة الأمم المتحدة للغذاء والزراعة (فاو)، أعداد الجراد بما يقارب 360 بليون، وهو ما يضع القارة الإفريقية أمام أسوأ موجة جراد من سنة 1989. في حين، كانت الصومال قد أعلنت حالة طوارئ في وقت سابق، إزاء تقدم أسراب الحشرات، فيما تواكب دول أخرى مثل جيبوتي وإريتريا تحرك الجراد.
ووفق المعطيات فمن المتوقع إطالة أمد المشكلة، إذ يستبعد الخبراء أن تخف حدّة هذه الكارثة، عما قريب، محذرين من موجات أخرى ستأتي على المحاصيل الزراعية في نيسان (أبريل) المقبل.
وفي هذا السياق، قال المسؤول عن رصد الجراد في منظمة الفاو كيث كريسمان، “أن ما يلتهمه الجراد في يوم واحد، يعادل كمية الغذاء التي يأكلها سكان ولايات نيوجرسي ونيويورك، وبنسلفانيا مجتمعة”. كذلك نبّه إلى أن عدم التحرك بشكل فعال لمواجهة الكارثة، “ينذر بعواقب وخيمة في المستقبل، لا سيما أن ملايين الأشخاص بالمنطقة يعانون نقصاً في الغذاء”.
ونظراً إلى خطورة هذه الآفة، تسعى المنظمات المعنيّة إلى إتخاذ العديد من الخطوات، منها إطلاق الأمم المتحدة طائرات “درون”، مع مستشعرات خرائط ومبيدات، للمساعدة في مواجهة أسراب الجراد في المنطقة. غير أنّ هذه المبيدات لا تقدم حلاً ناجعاً، نظراً إلى السرعة التي يمتاز بها الجراد، وقدرته على السفر لأكثر من 150 كيلومتراً في اليوم الواحد.
تكمن خطورة الجراد الصحراوي (Schistocerca gregaria) ، وفق الفاو في كونه أكثر الآفات المهاجرة تدميراً في العالم، إستجابة للمنبهات البيئية، يمكن أن تكون الأسراب التي يشكلها كثيفة وجدّ متحركة. و يمكن أن يحتوي فقط كيلومتر مربع واحد من سرب، ما يصل إلى 80 مليون من الجراد البالغ ، ويستطيع في يوم واحد إستهلاك كمية من الطعام تساوي ما يستهلكه 35000 شخص. لذلك عندما تصبح الأسراب كبيرة وواسعة الإنتشار، فإنها تشكل تهديداً رئيسياً للأمن الغذائي وسبل المعيشة الريفية.
وتجدر الإشارة، إلى أنّه خلال فترات الهدوء (المعروفة بإسم الركود)، يقتصر الجراد الصحراوي عادة على الصحاري القاحلة وشبه القاحلة، في أفريقيا والشرق الأدنى وجنوب غرب آسيا، التي تتلقى أقل من 200 ملم من الأمطار سنويًا. وتبلغ مساحة هذه المنطقة حوالي 16 مليون كيلومتر مربع وتتألف من حوالي 30 دولة.