لطالما أظهرت الدراسات أثر التغيير المناخي على جوانب البيئة المختلفة، وما يتعدى ذلك من تأثيرات على مختلف جوانب الحياة. ولكن لا يزال هناك العديد من جوانب وتئاثيرات هذه الظاهرة غير معروفة. فمثلاً هل تتخيل أن ما يشهده مناخ الأرض، من تغيرات قد يؤدي إلى وقوع حالات إغتصاب، وعنف أسري وتزويج بالإكراه؟ الإجابات عن هذه الأسئلة تكمن في دراسة حديثة تتناول التغيرات المناخية، على أنّها تؤدي إلى مزيد، من العنف ضد النساء والفتيات في عدد من دول العالم.
تشهد بعض دول العالم آلاف من حالات العنف ضد النساء والفتيات بسبب التغيرات المناخية، وذلك وفقاً لتقرير صادر عن الإتحاد الدولي لحماية الطبيعة IUCNإذ يمكن أن تعاني النساء، بشدّة أثناء الظروف المناخية الصعبة، وخلال الكوارث الطبيعية عندما تملي بعض المجتمعات، أموراً معيّنة على المرأة. و يعتبر هذا التقرير، الذي إستغرق حوالي عامين لإعداده، أكبر وأشمل دراسة حديثة عن تداعيات التغيرات المناخية عن العنف القائم على النوع.
وفي هذا السياق، نبّه المدير العام للإتحاد، غريثيل أغيولار، إلى عدم الإنتباه إلى أن “تدمير البشر للطبيعة يمكنّه أن يغذي العنف ضد المرأة حول العالم”، على حد تعبيره، مؤكداً على “الحاجة في أغلب الوقت إلى تناول القضيتين معا”.
أما فيما يتعلق بمظاهر العنف ضد الفتيات بسبب التغيرات المناخية، فيأتي في مقدمة هذه المظاهر تزويجهن بالإكراه، كما يحدث في مالاوي على سبيل المثال، إذ تقوم الأسر بتزويج بناتها القاصرات رغما عنهن، للمساعدة في إعالة الأسر لما تتعرض له من خسائر إقتصادية، بسبب الكوارث المناخية. إذ تقوم الأسر وفقاً للتقرير، بـ”بيع الفتيات” في إثيوبيا وجنوب السودان، لتزويجهن خلال فترات الجفاف الشديد في مقابل الحصول على مواشي.
في الجهة المقابلة، ولتفسير هذه الظاهرة وصف المدير الإقليمي لقارة آسيا بمنظمة Plan International، يوليان شوماخر، إرتفاع معدلات تزويج الفتيات بالإكراه، في أوقات الأزمات بكونه “إستراتيجية للنجاة عن طريق التخلّص من الفتاة، لتخفيف الضغط من على عاتق الأسرة أو كمصدر وحيد الدخل”.
مظاهر العنف ضد الفتيات، قد تئاخذ أشكالاً عديدة، وليس فقط التزويج المبكر والإكراهي. وهذه الأشكال تتفاوت وتتغير من دولة إلى أخرى وفق المعايير الخاصة بكلٍ منها. فعلى سبيل المثال، في عدد من دول إفريقيا الساحلية التي بدأت تعاني من ندرة الأسماك، يعرض بعض صيادي السمك بضاعتهم، مقابل إقامة علاقات جنسية كثمن للحصول على الأسماك، وهو ما أصبح ممارسة شائعة بغرب كينيا تحت إسم “نظام جابويا”.
في الإطار عينه، فإنّ الجفاف والتّصحر بدول جنوب الكرة الأرضية، يؤدي بدوره إلى زيادة تعرض النساء والفتيات للإعتداء الجنسي. فندرة مصادر المياه تدفع النساء، اللآتي يتحملن عادة مسؤولية إحضار المياه للأسرة، للسير لمسافات طويلة بما يعرضهن للإعتداء، وخاصة في المناطق التي يوجد بها عصابات مسلّحة.
أما في بنجلاديش، فالنساء أكثر عرضة للوفاة عن الرجال عند وقوع الفيضانات، فوفقا للعاملة بشبكة “نساء لعدالة المناخ” غوتيلند ألبر، نادراً ما تتوجه النساء هناك لملاجئ الطوارئ لأنّه “من غير اللائق أن تقف النساء وجها لوجه، مع الرجال أو أن تستخدمن دورات المياه ذاتها”.
كذلك ووفق بيان مشترك من قادة* منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة “FAO”، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية “IFAD”، وبرنامج الأغذية العالمي “WFP”، والمنظمة الدولية لقوانين التنمية”IDLO”، فإن أشكال العنف ضد المرأة تتخذ عدّة أشكال، منها الحقوق المحدودة في كمية الغذاء المتاح ونوعيته وقيمته التغذوية.
وإذ تُضطَهد المترملات أيضاً في ملكية الأرض، تكاد القوانين الوطنية تحبّذ الرجال على النساء دوماً، دع عنك مظاهر العنف المنزلي وما لها من تأثير سلبي عموماً، على الإنتاج الزراعي ورفاه الأسرة.