“ارني افعالك تحكي عنك وليس هويتك تحكي عنك ..” لقد  سقط القناع و سقطت معه هيبة رجال السياسة حيث لم يعد هناك اي احترام للمقامات السياسية مما فسر ذلك في علم النفس السياسي  انه التعبير عن الغضب الشعبي  الذي ترجم بملاحقة المسؤولين اينما وجدوا سواء في الاماكن العامة ام في المطاعم والمقاهي للمنادة باسمهم و بما لوثت ايديهم من فساد.  تلك الظاهرة تتفاعل واحدثت صدمة في المجتمع اللبناني لانه لم يعد هناك من خوف عند الناس في التواصل مع رجال السلطة وملاحقتهم عما ارتبكوه من اخطاء بحق الشعب اللبناني  حيث عللّ خبراء علم النفس السياسي  انها بمثابة نقمة  على الاب  الصوري بالمعنى المجازي الحكام  فهل يعني ذلك اننا اتجهنا الى انهيار  اجتماعي في ظل الادمان  على السلطة النقمة الشعبية العارمة؟

 هيبة احترام السلطة

امام هذا الواقع المترد اجتماعيا وسياسيا شددت الاختصاصية في علم النفس الدكتورة ديزيريه قزي ل greenarea.info:” ليس دفاعا عن السياسة بل عن السلطة  التي لا بد من احترام  السلطات القانونية التي تحمي حقوق المواطن لانه عندما يكون هناك سلطة يكون الامان بمعنى  انه في علم النفس السياسي نركز على صورة الاب في المجتمع  الذي هو من الرموز الاجتماعية والوطنية مثل رمز الوطن والعلم اللبناني فاذا احد لم يحترم العلم اللبناني او حرقه  تلقائيا  نشعربانزعاج كونه يرمز الى الانتماء للوطن  وحب الوطن لذلك علينا المحافظة على بعض الرموز لان بالنسبة لنا  يمثلون الشعور بالامان .اما اليوم صورة الاب تغيرت وباتت سهلة في تناولها عكس مما هو عليه في السابق التي  من صعوبة ذكرها . عدا ان المسؤولين لم يعد يكونوا على مستوى السلطة وفق ما يطلب منهم من تضحيات مثلما كانت تلك الصورة عند رجال السياسيين القدامى الذين عرفوا بالتضحية سواء في حياتهم  الخاصة ام في عائلتهم  بهدف الالتزام  بالفروض الاجتماعية . فضلا عن ذلك بات  السياسي في لبنان  يعيش مثل الاخرين انما في الحقيقة  ان الذي يمثل السلطة لا يستطيع ان يكون مثل الاخرين لذلك ما حدث حاليا  ان الرجل السياسي لم  يعد يكون  على مستوى الصورة التي يريدها منه المجتمع  مما لم يعد هناك احترام للمقامات  فضلا عن عرض حياته الخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي  التي تهبط من مقامه  اكثر مما ترفعه   حيث يراه الناس كفرد  في المجتمع ينتقد كما الجميع بينما  في الماضي نجد  المسؤولون السياسيون حافظوا على المسافة بينهم و بين جمهورهم  قبل   يخرجوا امام جمهورهم  سواء في المؤتمرات  الصحافية ام بالصورالاجتماعية. ”

معادلة علاقة السياسي مع المواطن اختلفت

بدوره اعتبرالاختصاصي في الطب النفسي الدكتور انطوان سعد ل greenarea.info:” انه بعد  اكتشاف الناس حقيقة رجال السياسيين زادت عندهم النقمة عليهم بعدما  كانت الصورة جميلة للرجل السياسي  كما و انه بما ان الوضع الاقتصادي كارثي و ظلم الشعب اللبناني نتيجة ما اوصلنا اليه رجال السياسة من فشل في مهمتهم وصورتهم المشوهة  مما سمح للمواطن  ان ينظر اليهم بطريقة مختلفة كليا  عن السابق  على سبيل المثال  كان يمشي رجل السياسي و معه المرافقين في الاماكن العامة و اليوم بات يمشي لوحده  بطريقة غير معروفة متخفيا  اذا صح القول  كما و انه صار هناك كشف عن وجوه كتيرة سرقت البلد و فشلت بادارة الدولة  مما لم يعد السياسي بواجه فردا معارضا بل مجموعات معارضة و النتيجة تغيرت خيارات الناس الذين لم يعد عندهم تبعية عمياء للسياسي بل  صار عندهم محاسبة وكشف تاريخ قبل تبني اي مسؤول  اذ انه  لم تعد المعادلة علاقة مواطن ورجل سياسي بل  صارت ناخب على طريقة   ارني تاريخك وافعالك تحكي عنك و ليس  هويتك تحكي عنك .”

القوانين و الامان

الا ان الابرز ما ذكرته الاختصاصية في علم النفس الدكتورة ايفي شكور ل greenarea.info:”عادة  انما يمسك العائلة هو الاب  الذي يضع القوانين  لكي يعطي الامان لابنه  تلك الصورة تعكس نفسها على صعيد المجتمع  الذي نجده اليوم فاقد لصورة الاب الرمزي الذي لم يضع قواعد  و لا قانون و لم يعط الامان لذلك النتيجة الفوضى الاجتماعية مما انتجت الثورة الاجتماعية  التي فتحت للفرد  في المجتمع نافذة ان  يعبر عن رايه و يعارض  و يحاسب و يصرخ و يقولا “لا” في  غياب الدولة  تلك الاسباب جعلت من الناس تحاسب لكي يؤمن  لها ما تحتاجه  ضمن المطالب المحقة اجتماعيا و اذا فقدت الهيبة السياسية نتيجة الفوضى اجتماعيا مما لم يعد احترام للاب الرمزي ضمن اطره الثلاثة  التصوري و الحقيقي و الرمزي  .”

الدولة خسرت مصداقيتها  

الجدير ذكره حسب رأي الاختصاصي في العلاج النفسي الدكتور نبيل خوري ل greenarea.info: ” ان انتفاضة الناس  على  كل شيء نتيجة ما خسرت الدولة كل مصداقيتها  تجاه الجيل الطالع  الذي غدا عاطل  عن العمل و لم يتوفر له  لا المياه و لا الكهرباء و لا المأكل والشرب و لا حتى الرواتب  حيث غدا جيل مرشح للهجرة  فضلا عن الجهل السياسي  الذي ادى الى حالة عدم التعاطف  السياسيين لوجع الناس  مما كانت نقمة المحروم  على المرتاح ماديا و نقمة الجوعان على الشبعان  مما ادت الى حالة معينة من التفلت من القيود الاجتماعية  و مجابهة فعلية على ارض الواقع نتيجة الاهمال و استخفاف بحقوق الناس مما ادى ذلك  الى ردود فعل على كل السياسيين مما سقطت  المصداقية لكل سياسي في لبنان  علنا  امام الراي العام اللبناني و العالمي و  على شاشات التلفزة من سباب للكل و افرازات طائفية و مذهبية و الشتائم شمل الجميع .”

الناس خائفة على مصيرها و التغيير لم يتم

في المقلب الاخر على صعيد الاجتماعي  تحدث الاختصاصي في علم الاجتماع الدكتورعبدو قاعي ل  greenarea.info:” ان ما يفسر ما يجري من حراك  و ردود  الناس الناتجة هو اننا   لم ندخل في ذهنية فكر الثورة انما هي انتفاضة لان ذهنية الثورة تفترض  ان نكون قد دخلنا في قراءة لذاتنا و قبلنا تغيير ذاتنا البطريكية و الابوية و العائلية و الانانية كوننا ما زلنا في انتمائتنا  البدئية و لم نتغير داخليا ليس فقط في لبنان  بل في العالم اجمع من تراجع الديمقراطية في  كل من اميركا واوروبا و الامر نفسه في لبنان حيث الناس خائفة على مصيرها  في ظل تراجع الضمانات الانسانية و الاجتماعية و النتيجة الخوف مما  تحتاج الناس الى التغيير  انما  في الواقع لا تقوم في تحقيق ذلك كون  الذي يريد التغيير   هو الذي يعمله .بالمقابل بتنا نلمس ان هناك نقمة من الناس  على السياسيين  اشبه بالابن الغاضب على ابيه بمعنى ان الذي يحصل اليوم هو الغضب و ليس الثورة كون هذه الاخيرة يعملها  الشخص و ليس يطلب  احد  لكي يعملها وهذا ليس  فقط موجود في لبنان انما  الامر نفسه في تونس التي شهدت  نوعا من   الانقلاب  و لبنان  شهد التغيير فقط  بنسبة  3% الى 4 %  .”

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This