على ما يبدو فإن تداعيات فيروس كورونا المستجد، لن تقتصر على الناحية الإقتصادية والصحيّة والثقافية للمجتمعات، بل أيضاً ستطال الجانب الأسري من حيث تفاقم العنف. إذ يُخشى أنّ النساء والفتيات هنّ من سيتحمّلن الوزر الأكبر، لتبعات هذا الوباء العالمي. وذلك فق ما توضحه دراسة جديدة صادرة عن لجنة الأمم المتحدة، الإجتماعية والإقتصادية لغربي آسيا (الإسكوا)، ووكالات أممية شريكة. بحيث تؤكد هذا الدراسة على أنّ ظاهرة العنف المنزلي، والتحديات الإجتماعية التي تواجهها النساء والفتيات في المنطقة العربية قد إزدادت سوءًا.
وفي هذا الإطار، صرّحت الأمينة التنفيذية للإسكوا، الدكتورة رولا دشتي، قائلة: “لقد إرتفع معدل العنف الأسري في العالم والمنطقة العربية، نتيجة حالات الإغلاق الشامل والتعايش القسري، وتصاعد التوترات في الأسرة بسبب تفاقم إنعدام الأمن الغذائي، والمخاوف من التعرض للفيروس. كما يصعب على الناجيات من العنف الأسري طلب المساعدة، وتلقيها خلال هذه المرحلة”.
في الجهة المقابلة، لن يزيد إرتفاع إنعدام الأمن الغذائي من مخاطر العنف الأسري فحسب، بل قد يتسبب أيضًا بتضاؤل مناعة النساء والفتيات ضد الفيروس. وفي أوقات الأزمات، قد لا يكون توزيع الغذاء داخل الأسرة منصفًا دائمًا، كما أنّ النساء والفتيات أكثر عرضة، لتقليل كمية الغذاء وجودته وتبني إستراتيجيات سلبية للتكيّف.
أما على صعيد المنطقة العربية تشغل النساء، من ممرضات وقابِلات قانونيات وموظفات دعم، جُلّ الوظائف في مجالَي الرعاية الصحية والخدمات الإجتماعية، ما يزيد من خطر إصابتهنّ بالعدوى. أمّا ضمن الأسر، فغالبًا ما تتولى النساء دور تقديم خدمة الرعاية الصحية، ما يثقل عليهنّ جسديًا ومعنويًا، ويزيد من إحتمال تعرّضهنّ لهذا الخطر.
وفي هذا الإطار، توضح دشتي: “ندعو الحكومات العربية إلى أن تكفل للنساء، من مختلف الفئات العمرية المساواة في الوصول إلى خدمات الحماية الإجتماعية، وأن تعتمد سياسات تهدف إلى حمايتهنّ من الوقوع في براثن الفقر، وحماية العاملات في القطاع غير الرسمي، بإعتماد إجراءات مثل التحويلات النقدية الطارئة، أو المنح الصغيرة أو القروض”.
هذا وكانت الإسكوا قد أشارت في دراسة سابقة، إلى أنّ المنطقة العربية ستفقد 1.7 مليون وظيفة، على الأقل في عام 2020 نتيجة جائحة كورونا، وتقدّر حسابات الإسكوا وشركائها أنّ عدد النساء اللواتي سيفقدن هذه الوظائف يقارب 700 ألف. وكون مشاركة النساء في القوى العاملة في المنطقة العربية تبلغ ما يقارب 20٪، فإن نسبة خسائرهنّ للوظائف ستتعدى ضعف نسبة خسائر الرجال. وفي دراسة أخرى تتناول أثر الجائحة على الفقر، أظهرت الإسكوا أن القطاع غير الرسمي قد يكون الأكثر عرضة للخسائر، وحيث أن نسبة 62٪ تقريباً من النساء العاملات في المنطقة العربية يعملن في هذا القطاع، فإن النساء سيتكبدن هذه الخسائر بشكل غير متوازٍ.
في حين لا تزال اللاجئات والنازحات والعاملات المهاجرات، يواجهن ظروفًا شاقة من جراء سوء توفير المياه وخدمات الصرف الصحي والنظافة الصحية، ومحدودية آليات الحماية الصحية، ما سيزيد من حدّة تبعات الوباء عليهنّ.
وفي الإطار عينه، كان الأمين العام للأمم المتحدة قد أشار أيضًا، في بيان إلى تزايد العنف ضدّ النساء والفتيات، نتيجة جائحة كوفيد-19، وأعاد إطلاق النداء من أجل إنهاء العنف في كل مكان فورًا.