لم يكد قطاع التعليم في لبنان ينتهي من تعويض البرامج التي فاتته بسبب الإنتفاضة الشعبية التي بدأت في 17 تشرين الأول 2019 حتى أتته الأعطال بسبب الوباء العالمي “كورنا- كوفيد 19” إلى أجل غير مسمّى. فكان الحل الجزئي الأولي الذي اقترحته وزارة التربية هو التعليم عن بعد عبر وسائل التواصل الإجتماعي أو عبر شاشة تلفزيون لبنان الرسمية للصفوف العليا في المدارس الرسمية.
هذه الدروس ليست الحل ولا تشكّل بديلًا عن التعليم المدرسي كما قال وزير التريية طارق المجذوب، لكنّها تجربة أولية للتعليم عن بعد، وهي وسيلة لإبقاء التلامذة في جوّ الدرس وإعطائهم الدروس اللازمة لإعادة استكمالها فور العودة إلى المدارس.
قد يكون التعليم عن بعد تجربة جديدة في بلد كلبنان تجتاحه الأزمات في كل حين، الأمر الذي يجعل الطلاب والأساتذة على حدّ سواء على أهبّة الإستعداد للتعامل مع مختلف أنواع المشاكل التي تعطّل العام الدراسي.
وفي حين أن العودة الى المدارس لم تحدّد بعد، وإذ يتوقّع الكثيرون ان تتأّخر لأن المدارس تعتبر المركز الأخطر لتفشي الفيروس في حال وجوده بين الطلاب.. وبينما يشدّد بعض الأهالي على عدم إرسال أولادهم إلى المدارس خوفا على صحتهم حتى ولو أعلنت فتح ابوابها، فإن السؤال الذي يطرح اليوم: هل من عودة إلى المدارس؟ ماذا سيحلّ بالطلاب وماذا عن الإمتحانات الرسمية؟
سيناريوهات عدّة تحضّرها وزارة التربية تبعاً لإجراءات التعبئة العامة تقصيراً أم تمديداً، وفي حين أن للإمتحانات الرسميّة الحيّز الأكبر في النقاشات، فإن الأهالي في ما بينهم يطرحون بعض الإحتمالات في ما لا يخصّ طلاب الشهادات الرسمية.
أول الطروحات إعلان انتهاء العام الدراسي ومحاسبة الأولاد على علاماتهم في الأشهر السابقة وتحديد نجاحهم أو رسوبهم، أما ثانيها فهو ترفيع التلاميذ جميعهم، وثالثها استكمال العام الدراسي في فصل الصيف!!
قد يكون لكل انسان حرية التفكير والتعبير، ولكن في منطق الأمور، هل تجوز هذه الطروحات؟
في البداية، إن الطروحات التي تتحدّث عن إنهاء العام الدراسي، لا يمكن أن تكون منطقيّة بشكل كبير، أولا، ماذا سيحلّ بالتلامذة؟ هل يعيدون صفوفهم، وماذا عن الأقساط المدرسية التي دفعت؟ كيف ستتعامل معها إدارة المدرسة من جهة والأهل من جهة أرى؟
ثانياً، هل يعلن انتهاء العام الدراسي مع ترفيع كل الطلاب الى صفوف أعلى؟ قد يجوز هذا الحل بالنسبة لطلاب الصفوف العليا، لكن ماذا بالنسبة لأطفال السنوات الدراسية الأولى والمتوسطة، فإن الأطفال في عزّ التأسيس، وبالتالي كيف يمكن أن يتم ترفيعهم دون ان يكونوا استكملوا المنهج المحدّد لصفوفهم؟ فإن النتيجة الوحيدة التي لا ثاني لها، حشك المعلومات في العام الجديد لتعويض ما فاتهم من جهة وتلقينهم المنهج الجديد من جهة اخرى وتقصير التلاميذ في دروسهم وإرهاق الأهل ، وبالتالي ورود خطورة رسوب عدد كبير من التلاميذ في هذه الحالة.
ثالثاً، ، حتى ولو أن التجربة أوّلية، لكن يمكن فعلاً التعويل على مبدأ الدراسة عن بعد ليس كبديل عن المدرسة، بل لمتابعة المنهج الدراسي في أوانه، فتكون العودة في الصيف أسهل على الطلاب والأساتذة معاً، وفي حين أن الأولاد لن يدخلوا مذهولين إلى صفوفهم وكأنّهم لم يدخلوها هذا الموسم، فسيكون لديهم الفكرة حول ما سيدرسون من دون أن تنقطع حبال أفكارهم طوال فترة الإنقطاع المدرسي. بهذه الحال فإن الدرس الذي يتطلّب أسبوعاً كاملاً لتعليمه في الصف، يمكن إكماله في مدة أقلّ بسبب تحربة الدراسة عن بعد، وبذلك يمكن للمعلمين إنهاء المنهج الدراسي في أقلّ وقت ممكن، الأمر الذي قد يجعل فترة الصيف كافية لاستكمال العام الدراسي دون نقصان أبداً، وعليه فإن تقدير الناجحين والراسبين يصبح في محله مع الأخذ في الإعتبار كل الأزمات التي استجدّت على السنة من تعطيل بسبب الثورة من جهة وكورونا من جهة أخرى.
في انتظار قرار وزارة التربية في هذا الخصوص، تبعاً لتطورات انتشار فيروس “كورونا” في البلد، “خلينا بالبيت” حفاظا على صحتنا وصحة أهلنا وأطفالنا،وأي شيء آخر يمكن تعويضه إلا الصحة!