يتخبّط المواطن اللبناني في أزمات متتالية من مختلف القطاعات تحوّل حياته جحيماً، فالدراما تلاحقه يومياً، إن عبر التلاعب بأسعار الدولار أو بحياة الناس من خلال الاستسهال باجراءات الوقاية من كورونا، أو عبر تعاميم مصرفيّة تهلك أصحاب المداخيل المحدودة، أو عبر عودة النفايات للتكدّس في شوارعنا…
حقائق ملموسة يقاطعها اللبناني في كل تفاصيل حياته اليومية، واليوم يعود مشهد النفايات ليزيّن طرقاتنا التي يفترض في ظل التعبئة العامة أن تكون شبه خالية من السيارات، فغياب الحل الجذري من قبل الحكومة اللبنانية وعدم الاتفاق على توسعة مطمر من هنا ورفض آخر من هناك، تكدّست النفايات!!
وفي جولة سريعة على مختلف المناطق، فإن مناطق قضاء عاليه وخصوصاً الضيع الصغيرة منها تحاول البلديات أقسى جهودها للتخلّص من النفايات التي باتت لا تنقل إلا مرة في الأسبوع أو مرتين كحدّ أقصى، أما في في النبطية، فان المدينة وبعض بلداتها تعاني من ازمة تكدس النفايات في الشوارع والساحات، بعدما توقفت الشركة المتعهدة لجمع النفايات اعمالها بسبب صعوبات مالية تعاني منها. ولوحظ تكدس النفايات في معظم شوارع مدينة النبطية وبلدات الدوير، تول، مرج زبدين ومثلث حاروف، الامر الذي تسبب بأزمة بيئية وصحية بين المواطنين جراء الروائح الكريهة المنبعثة منها.
في بيروت المشهد يتكرّر كل فترة، فعادت أزمة النفايات مجددا إلى شوارع ضواحيها وشمالها، بعد بلوغ أحد مكبات النفايات أقصى قدرته الاستيعابية، فتوقفت الشركة المكلفة بجمع النفايات وكنسها عن العمل لعدم تقاضيها أموالها.
وفي حين رأت الحكومة أن يكون الحلّ مؤقتًا في تكديس النفايات الجديدة فوق جبل النفايات القديم بمنطقة الجديدة، عبر رفعه مترًا أو مترًا ونصف المتر بشكل إضافي .. فإن الأزمة تفاقمت ومشهد النفايات في الشوارع عاد ليسجّل أرقاماً قياسية قد تذكرها مختلف وسائل الإعلام الغربية والعالمية كما حصل في الفترة الأخيرة!!
في المقابل، كُلف مجلس الإنماء والإعمار مناقشة هذا الحل مع البلديات المعنية، على أن يتم اعتماده لمدة 3 أشهر حتى تكون وزارة البيئة قد أنجزت خطتها الشاملة. وفي حديث له، يقول وزير البيئة دميانوس قطار إن الخطة تركز على أمرين أساسيين: “اللامركزية، والتعاون ما بين البلديات والمجتمع المدني لبدء عملية الفرز والتسبيخ”، مشيراً الى “ضرورة اعتماد التوازن في المطامر”. وطلب وزير البيئة من وزارة المالية تحرير أموال البلديات، بعدما نفذت وزارة الداخلية دورها في الموضوع ووقّع الوزير محمد فهمي على القرار منذ 10 أيام، ولم تقم المالية بعد بتحويل أموال البلديات إلى مصرف لبنان، الأمر الذي سيتسبب بمشكلة إضافية مماثلة لأزمة المتن الشمالي.
ازمة النفايات غير الجديدة والمتجددة سنوياً عمرها اكثر من خمسين سنة، وسببها غياب الارادة السياسية لتنفيذ ادارة رشيدة وتخطيط استراتيجي بعيد الأمد، فكل ما سبق وتقدّم هي خطط طوارئ متجدّدة وقصيرة الأمد ومبنيّة على المحاصصة.
وفي حين لا يزال اصحاب القرار يرمون كرة المسؤولية في ما بينهم ويطرحون الخطط تلو الأخرى دون ان تكون مستدامة وتراعي الظروف البيئية للبلد، فإن المشكلة مستمرة والامور تنذر بالأسوأ خصوصاً في ظل سيطرة فيروس كورونا على كل الاهتمامات ، فهل يسلم لبنان من الكورونا ام تفاقمه أزمة النفايات؟