بعيداً من تعقيدات السياسة الأميركية الداخلية والخارجيّة ، وبغض النظر عن انعكاستها على لبنان والمنطقة، يبدو أن إيجابياتها ستدلو بدلوها على مكافحة الإحترار المناخي بشكل أو بآخر، ودخول الرئيس المنتخب جو بايدن إلى البيت الأبيض سيعيد قطار التعاون على السكة الصحيحة!
في عام 2015 وُضعت اتفاقية باريس لتعزيز الاستجابة العالمية لخطر تغير المناخ بهدف الحفاظ على انخفاض معدل ارتفاع درجة الحرارة العالمية خلال القرن الحالي إلى ما دون درجتين مئويتين، ومواصلة الجهود للحد من زيادة درجة الحرارة. وقد صدّق على الاتفاق من قبل كل الوفود 195 الحاضرة في 12 كانون الأوّل 2015. وبمناسبة يوم الأرض الذي يتم الاحتفال به في 22 نيسان وقّع 175 من رؤساء دول العالم في عام 2016 في مقر الامم المتحدة في نيويورك تحت مسمي اتفاقية باريس للتغير المناخي وكان ذلك الحدث الأكبر علي الإطلاق لاتفاق عدد كبير من البلدان في يوم واحد أكثر من اي وقت مضي.
من بين الموقّعين كان الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، أما ومع انتخاب دونالد ترامب في 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2016، سارع ليعلن في 1 حزيران/يونيو 2017 انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس. وفي 4 تشرين الثاني/نوفمبر 2019، أرسل وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، وديع الاتفاق، بهذا الخصوص.
لم يستغرب العالم في حينها قرارات ترامب الغريبة والمتخبّطة بين يوم وآخر، لكن خروج أميركا من الإتفاقية- التي تنصّ على المحافظة على انبعاثات ثاني أكسيد الكربون أقل بكثير من درجتين مئويتين وفقا لمستويات ما قبل زمن الصناعة- تعرقل أهداف الإتفاقية بكل أساسي نظراً لأهميّة القطاع الصناعي في أميركا المسبّب الأكبر لتلك الإنبعاثات.
اليوم، ومع فوز المرشّح جو بايدن في الإنتخابات الأخيرة، أعلن الرئيس الأميركي المنتخب، سلسلة تعيينات في حكومته المقبلة، في مقدّمها أنه سيكون وزير الخارجية الأسبق، جون كيري (76 عاماً)، موفد الرئيس الأميركي الخاص لشؤون المناخ، ما يعكس الأهمية التي يوليها بايدن لهذا الملف، ولا سيّما أن كيري كان بطل «اتفاقية باريس للمناخ»، التي انسحب منها دونالد ترامب رسمياً. وظيفة كيري لن تتطلّب موافقة مجلس الشيوخ. وبحسب بيان صادر عن المكتب الانتقالي، فإن كيري «سيكافح التغيّر المناخي بدوام كامل بصفته المبعوث الرئاسي الخاص للمناخ، وسيشارك في مجلس الأمن القومي». ومن أجل إدارة سياساته المناخية المحلّية، سيُعيّن بايدن قريباً مديراً لشؤون المناخ في البيت الأبيض، ستكون له مكانة مساوية لمكانة كيري، وفقاً لمسؤولين انتقاليين.
في الحقيقة، فإن كل التقارير تؤكّد أن جائحة كوفيد19قد أهلكت الأرواح وسبل العيش والاقتصاد. لكنها لم تبطئ تغير المناخ، الذي يمثل تهديدات متزايدة باستمرار لصحة الناس ووظائفهم وسلامتهم. لا يمكن أن تكون المخاطر أكبر: يُظهر العِلم أن درجات الحرارة في نطاقٍ قياسي، ومستويات غازات الدفيئة آخذة في الارتفاع، ومستوى سطح البحر آخذ في الارتفاع، والكوارث الطبيعية تزداد سوءاً.
وبينما يواجه العالم الوباء ويشرع في التعافي، هناك اعترافٌ متزايد بأن التعافي يجب أن يكون طريقاً إلى اقتصادٍ أخضر ومستدام تنتج عنه فرص عملٍ وازدهار ويقلل من الانبعاثات ويبني المرونة.
اليوم ومع عودة بايدن إلى اتفاقية المناخ هل تصبح الأهداف قريبة المنال؟