تختلف الآراء والإنطباعات حول فوز جو بايدن بالرئاسة الأميركية، كما تتنوّع الأسباب، ولكن ما يهم البيئيين اليوم هو عودة الولايات المتحدة الأميركية إلى خط مكافحة التغيّر المناخي الذي استفحل في السنوات الثلاث التي غابت فيها أميركا بسبب دونالد ترامب عن خطّة المواجهة.
بايدن الذي وعد مراراً بعودة بلاده إلى اتفاقية المناخ، واستعمل هذا البند لدعم حملاته الإنتخابية، لم يخلّ بوعده بل عيّن مباشرة جون كيري مبعوثًا خاص للمناخ.
وفي أوّل خطوة له، شارك كيري في «قمة المحيط والمناخ الطموحة» التي عقدت افتراضياً في مدينة غلاسكو الاسكوتلندية . وفي كلمته الإفتتاحيّة قال كيري، إن العلماء «أعطونا تحذيراً صارخاً، قبل ثلاث سنوات، قالوا فيه إن أمامنا 12 عاماً لتجنب أسوأ عواقب تغيُّر المناخ». وأضاف «الآن لدينا 9 سنوات متبقية، ويؤسفني أن بلدي كان غائباً لمدة ثلاث سنوات من تلك السنوات» وإذ عبّر عن فخره بالعودة، وعد ببذل ما بوسعهم لتدارك ما فات.
ويعتبر خطاب كيري أول نشاط رسمي له منذ أن عينه الرئيس جو بايدن مبعوثا خاصا لشؤون المناخ، ويأتي عقب توقيع الرئيس الأميركي على أمر تنفيذي تعود الولايات المتحدة بموجبه إلى اتفاقية باريس للمناخ. وأكد كيري أن “الرئيس بايدن جعل من مكافحة تغير المناخ أولوية قصوى لإدارته”، مذكرا بأن بايدن تعهد بتحقيق صفر انبعاثات كربونية للولايات المتحدة بحلول عام 2050.
خروج ترامب من اتفاقية المناخ كلّف الولايات المتحدة الأميركية الكثير بحيث أن بلاده أنفقت 265 بليون دولار في عام واحد لمعالجة آثار ثلاث عواصف، وأنه في العام الماضي وحده تم إنفاق 55 بليون دولار على عاصفة واحدة فقط. وأكد كيري أن الخفض الملح للانبعاثات مدفوعاً بالوعي العام والفطرة السليمة، جعل مكافحة تغيُّر المناخ أولوية قصوى لإدارة الرئيس بايدن.
وأكد كيري أن الولايات المتحدة أطلقت بالفعل العمل لإعداد مساهمة جديدة محددة وطنياً تلبي الحاجة الملحة للتحدي، في أقرب وقت ممكن. وأشار إلى أن إدارة بايدن تعتزم أيضاً القيام باستثمارات كبيرة في العمل المناخي على المستوى المحلي، كجزء من جهودها لإعادة البناء بشكل أفضل بسبب جائحة «كورونا». وعلى الصعيد الدولي، تعتزم الولايات المتحدة الوفاء بتعهدها بشأن تمويل مكافحة تغيُّر المناخ، وأنه على المدى الطويل يظل التوجه هو تحقيق زيادة صفرية للانبعاثات، في موعد لا يتجاوز عام 2050 بحسب ما قال. وأضاف كيري «لذلك، ستعمل الولايات المتحدة على ثلاث جبهات لتعزيز الطموح والمرونة والتكيُّف».
في المقابل، تعهدت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون خلال القمة بدعم هذه القضية.
وتهدف القمة الأولى من نوعها التي تركز على التعامل مع آثار تغير المناخ بدلا من أسبابه الى إنتاج “جدول أعمال للتكيف”. وسيساعد هذا المجتمعات ولا سيما الأكثر فقرا وضعفا على التعامل بشكل أفضل مع تداعيات التغير المناخي، مثل ارتفاع مستوى سطح البحر والطقس السيء وفشل المحاصيل.
وأعلن جونسون عن إطلاق مبادرة “تحالف العمل من أجل التكيف” الدولية التي تضم بريطانيا ومصر وبنغلادش وملاوي وهولندا وسانتا لوتشيا والأمم المتحدة. وأضاف “لا يمكن إنكار أن تغير المناخ بدأ يلقي بثقله علينا ويؤدي بالفعل الى تدمير الحياة والاقتصاد”، مضيفا “يجب أن نتكيف مع مناخنا المتغير، وعلينا أن نفعل ذلك الآن”.
لكن كيري حذر من أن مجرد التعامل مع التأثيرات غير كاف، قائلا إن “أفضل تكيف” هو بذل المزيد من الجهد لابقاء ارتفاع درجة حرارة الأرض عند 1,5 درجة مئوية. وأشار كيري الى أن ارتفاعا من 3,7 الى 4,5 درجات، وهو السيناريو المرجح في حال لم يتم اتخاذ اجراءات تحد من الانبعاثات، يخلق “ظروفا غير قابلة للعيش” للجميع ما عدا الأماكن الأكثر ثراء على الكوكب. ورحب الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون بعودة الولايات المتحدة الى اتفاق باريس.