تنّفس العالم الصعداء مع بدء عملية تصنيع اللقاحات ضد “كورونا”، إلاّ أنّ ذلك لا يعني أن نهاية الجائحة أصبحت قريبة، خاصة في ظل المشاكل التي تواجه إنتاج هذه اللقحات.
من أبرز هذه العوائق التي يمكن أن يؤخر إنتاج مليارات، القوارير الزجاجية اللازمة لإيصال لقاحات فيروس «كورونا»، إلى السكان في جميع أنحاء العالم هو نقص الرمال، فما هي العلاقة بينهما؟؟!!
يحذر الخبراء من أن العالم يواجه نقصاً متزايداً في الرمال، حيث يوجد أقل من ألف منجم للرمال والحصى في جميع أنحاء الولايات المتحدة. اذ بعد الماء، يُعد الرمل أكثر المواد الخام استهلاكاً في العالم – ويُستخدم في صناعة الزجاج والخرسانة والإسفلت، وحتى رقائق السيليكون، وفقاً لصحيفة “ديلي ميل”.
كذلك تستخدم صناعة البناء وحدها ما يصل إلى 50 مليار طن من الرمال سنوياً، ومن المتوقع أن يرتفع الطلب لأن العالم قد يحتاج إلى ملياري قارورة زجاجية إضافية، في العامين المقبلين حيث يتم توزيع لقاحات “كوفيد – 19”.
في السياق عينه، يمكن أن يؤدي النقص الوشيك في الرمال، إلى تأثيرات سلبيّة ترتبط بإنتاج كل شيء من الهواتف الذكية إلى مباني المكاتب.
هذا النقص في الرمال والحصى والصخور، ليس وليد صدفة أو مفاجئة، فقد ظهر على مدار الجزء الأكبر من عقد من الزمان، مدفوعاً بتنمية المباني المتزايدة، والطلب على الهواتف الذكية وغيرها، من التقنيات الشخصية التي تستخدم الشاشات.
وفي هذا الاطار، يوضح برنامج الأمم المتحدة للبيئة، أنّه يتم استخدام ما يقرب من 40 إلى 50 مليار طن متري، من الرمال كل عام في صناعة البناء وحدها. وتُظهر هذه الأرقام زيادة بنسبة 300 في المائة عما كانت عليه قبل 20 عاماً فقط.
وبحسب “مبادرة رصد الرمال العالمية” التابعة لـ”غريد”: “من المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه، حيث لا يزال الطلب يتزايد بسبب التوسع الحضري، والنمو السكاني واتجاهات تطوير البنية التحتية”.
وفي حين أن الصحاري تشكل ثلث الكوكب، فإن رمال الصحراء ناعمة للغاية، ومستديرة للاستخدام في البناء.
وبما أنه لا أحد يرغب في وجود منجم رمال في ساحته الخلفية، فإن جهود الاستخراج تركز على بيئات أكثر هشاشة – الأنهار والسواحل وقاع البحار – غالباً في أماكن مثل الهند والصين. ولهذه العمليات تأثير شديد على النظم البيئية الخاصة. ومع استمرار الطلب في تجاوز معدل التجديد الطبيعي من تجوية الصخور، بواسطة المياه والرياح، تحذر “غريد” من ارتفاع مشكلات البيئة والاستدامة.
وفي حين يدعو المدافعون عن البيئة، الشركات والحكومات إلى معالجة النقص في الرمال، ووضع معايير عالمية وبدائل قابلة للتطبيق. بدأ الباحثون أيضاً في البحث عن بدائل للرمل، بما في ذلك الرماد البركاني، والنفايات الزراعية، والرماد المتطاير وهو منتج ثانوي لحرق الفحم.
في الجهة المقابلة، يُعد نقص الزجاج مصدر قلق خاصا أثناء الوباء، نظراً لمليارات القوارير والحقن اللازمة، لإيصال اللقاحات إلى جميع أنحاء العالم. خاصة وقد أخبرت مجموعة «ستيفاناتو غروب»، الشركة الإيطالية المصنعة للقوارير، أن الطلب العالمي على القوارير سيرتفع بما يصل إلى مليارين خلال العامين المقبلين.
بينما اعتبر خبير اللقاحات جيمس روبنسون، إنه حتى لو تم تحميل اللقاحات في قوارير ذات 10 جرعات، فلا يزال هناك مئات الملايين من القوارير اللازمة لهذا الوباء وحده. كذلك تعتبر مرافق التصنيع الجديدة باهظة الثمن، وهناك منافسة كبيرة على نوع الرمل اللازم لصنع الزجاج.
على ما يبدو فان إنتهاء معركة مواجهة كورونا لا تزال بعيدة، فالعوائق لا تزال كثيرة أمام تخلص البشرية من هذا الوباء بشكلٍ نهائي، والطريق نحو تعويض البيئة عن خسائرها، الناتجة من العبث البشري، لا يزال في بداياته.