” ما في انترنت ..انقطع .. لم يعد هناك تواصل بيننا لاكمال شرح المادة التعليمية “كم من المرات تتردد  هذه العبارات خلال التدريس عن بعد بين  الاستاذ و تلاميذه و ما ينتج من ضغط نفسي  الى صعوبة التأقلم مع  عالم جديد من الاكترونيات المستحدثة من بعدما كان المعلم على تواصل مباشر مع تلاميذه بالشرح المفصل من خلال اللوح الخشبي و الطبشورة و فجأة نتيجة الكورونا بفعل  الحجر المنزلي الذي فرض على الكادر التعليمي  التغيير في  كل  الاساليب التعليمية . لتكر سبحة الاسئلة :الى اي مدى لبنان مجهز لعالم الاكترونيات في اثبات نجاحه ام فشله بذلك و سط الادوات  التعليمية غير المتوفرة كليا ؟ و ماذا عن الضغط النفسي  الذي يعيشه كل من الطالب و الاستاذ و الاهل في تأمين الجو التدريسي المناسب ؟

حالة طوارىء تربوية 

“لم نعد نستطيع الاستمرار على هذا الموال  نتجه الى الافلاس التربوي فلا بد من اعلان حالة طوارىء تربوية للحد من الانهيار ” بهذه الصرخة الموجعة اختصرت رئيسة مكتب البحوث التربوية الدكتورة غيتا حنا ل greenarea.info عما يعانيه الجسم التربوي من اضمحلال تدريجي حيث قالت  :”اهم ما يمكن ان نركز عليه  حول الكادر التعليمي اذا كان مؤهلا للتدريس عبرالانترنت ام لا سواء في المدرسة الخاصة ام الرسمية حيث تبين ان الاخيرة فيها  نسبة كبيرة ليس لديها انترنت  و هذا الشيء فعلا يدمع العين بالكاد عندهم تلفون و الاصعب من ذلك  ان التعلم عن بعد للتلامذة في صفوف الروضة ليس بالامر السهل عدا الضغط النفسي الذي يعيشه الجميع سواء الاساتذة ام الاهل ام الطلاب في ظل تأمين غير المجاني للانترنت لان ليس كل الاهل لديهم القدرة المادية لدفع تكاليف الانترنت فضلا عن سوء استخدامه و انقطاعه من وقت لاخر  خصوصا و ان  التعليم عن بعد   بات يترك اتره المتعب على وجه التلميذ و قدرته على التفاعل مع الاستاذ  غير مكتملة من هنا اهمية الدعم المعنوي والنفسي للاساتذة والطلاب معا.”

و ابرز ما توقفت عنده الدكتورة حنا :” بكل اسف مازلنا نعمل ضمن منهج تربوي قديم يعود الى عام 1997 بينما دول العالم سبقنا في المجال التربوي  .هذا التراجع يستدعي الامر الى اعلان حالة طوارىء تربوية لاعادة النظر في هيكلية التعليم خصوصا و اننا امام مدرسة الكترونية مما يتطلب الامر تحفيزها و تطويرها لان اذا استمرينا على هذا الموال  من الانحدار سنصل الى كارثة تربوية.  لذلك المطلوب على نحو عاجل اعلان حالة طوارىء لانقاذ التعليم للاجيال القادمة لان بات الاميّ اليوم ليس الذي لا يعرف الكتابة بل الذي لا يعرف يستعمل  الكومبيوتر خصوصا و انه تبين لنا ان جزء مهم من الاساتذة لا يعرفون استعماله . مما يكون الحل في اعادة تجهيز الارضية على مستوى تجهيزات الكومبيوتر و البرامج من مايكروسوفت بدل الاعتماد على برنامج زوم  فقط مثلما يحدث اليوم  لان عندما اقيمت الدورات التدريبية  للاستاذة نسبة قليلة منهم كانوا جاهزين في المنصات التعليمية .”

التقييم و المركزية 

اما رئيسة قسم المعلوماتية التّربوية  و المعالجة النفسية غريس صوان فتوقفت على عدة نقاط حول ما يعانيه الطالب واهله و الاستاذ في تأمين التعليم عن بعد على قدر المستطاع مما قالت ل greenarea.info  :” ما لا حظناه في التعليم عن بعد  انه يختلف في كل من المدرسة الرسمية و الخاصة  نتيجة التفاوت  الشاسع بينهما . اذ ان المدرسة الخاصة مجهزة لهكذا نوع من التعليم عن بعد من حيث مثلا تحضير المدرب بكافة جوانبه . اما في المدرسة الرسمية فالامر مختلف اذ ان المدرب يفتقد الى عنصر التحفيز كون البنية التحتية عند الطلاب غير مكتملة من ناحية ان اهلهم غير قادرين ان يؤمنوا لهم  الانترنت او  جهاز الكومبيوتر مما تكون النتيجة على الشكل التالي  منهم من يتلقى دروسه و اخر لا يتلقاها  فضلا  ان كلفة الانترنت من المفترض على  وزارة الاتصالات ان تكون مجانية عدا ذلك سوء الانترنت  الذي ينعكس على طرق اداء التعليم عن بعد مما نجد صعوبة في تلقي الانترنت  لدى الطلاب و الاساتذة  في المدرسة الرسمية فيستعمل البعض منهم التسجيل الصوتي اكثر مما هو عبر الفيديوكول عكس المدرسة الخاصة حيث  يستطيع الاهل تامين كل شيء  لدى الطالب ليكون مرتاحا عند تلقيه التعليم عن بعد .مما نستطيع القول ان التعليم عن بعد ضمن اطار المركزية  اذا نجح بمدرسة  انما فشل بمدرسة اخرى  لان هناك مدراس نجد فيها اساتذة مدربين وعلى  التلاميذ الالتزام  في التعليم عن بعد ان كان  في مدرسة رسمية ام خاصة فالمهم ادارة منظومة  التعليم عن بعد من تدريب و تاهيل  الاساتذة وتأمين  اجهزة الكومبيوتر .”

اما على صعيد الانعكاس النفسي فاوضحت صوّان :” اما على الصعيد النفسي فهناك ضغط كبير سواء على الاهل  الذين يجب ان يلعبوا دورالمساعد للمدرس و المشرف  و المراقب في حال التلميذ لم يتسوعب درسه عدا ذلك التاكد اذا دخل  في المشاركة في برنامج زوم و اذا خرج منه من دون ان ننسى ان الجلوس المطول امام شاشة الكومبيوتر له بعد نفسي مما يشكل ضغطا نفسيا من اهله و على الاهل على حد سواء  و حتى على المعلمة التي تعلمه .  فالضغط النفسي يكون متصاعدا خصوصا عندما ينقطع الانترنت اثناء التعلم عن بعد و  هنا على الاهل ابلاغ المدرسة بذلك . تلك الاجواء المشحونة تسبب توترا في الاعصاب  لان التلميذ بحاجة من خلال الشاشة الكومبيوتران يكون على علاقة تواصل مع الاستاذ لكي يتفاعل معه كل ذلك يتوقف على تدريب الاستاذ بان يكون مؤهلا ان  يقرأ ملامح وجه التلميذ من خلال التواصل معه اذا كان  تعبا ام مستسرسلا للنوم .”

و الجدير ذكره حسب ما ذكرته صوّان :” ان اصعب تحدي للتعلم عن بعد هو التقييم  بعدما تبين ان اكثرية التقييم يتم عبرغوغل فورمز اي سؤال مع اجوبة متعددة خصوصا اذ كان الولد معتاد ان يكتب و يعبر و غير قادر ان يعمل هذا الشيء لذلك التقييم لا يكون دقيقا مثلما  يحصل في المدرسة و هذا الامر يشكل تحديا ليس فقط للبنان بل في العالم كله حيث ان عملية التقييم عن بعد يجب ان نعرف  على اي اساس تعمل زد الى ذلك  الضغط النفسي للولد والاهل والاساتذة  معا .لان في السابق كان الاستاذ يحضّر و يعطي الدروس في المدرسة وعمله  ينتهي عند هذا الحدود . اما اليوم فتحضيره يتطلب  الكتير  من المجهود لتجهيز الموادر الرقمية لكي يبحث عنها عدا الكلفة المادية التي يجب ان تؤخذ بعين الاعتبار لان اذ لم يحصل  على ما يستحقه سيؤدي الى احتراق الوظيفي لان ليس هناك من مردود على قدر التعب الذي يقدمه . مع الاشارة ان وزراة التربية قامت  بمبادارات منصة التعلم عن بعد حيث جرى منصة تشاركية للاساتذة في اعطاء الدروس حسب معايير معينة توضع الميزانية فضلا عن الايجابية في تطوير المهارات الرقمية .”

التدريب و القدرة الاستيعابية 

في المقلب الاخر شرح الاختصاصي في علم النفس  الدكتور بيدرو غانم ل greenarea.info حول كيفية استيعاب الطالب ما يتلاقاه عبر التعليم عن بعد و الشق النفسي في ذلك مما قال :”ان التعليم عن بعد يتخذ حسب جوانبه حيث ينطبق عليه قانون النسبية لان عند الكبار يختلف عما هو عند الصغار. كما انه يمكن ان نعرف البعد النفسي للمتلقى حسب المواد التعليمية التي تعطى نظريا متل علم النفس و الاقتصاد افضل من غيرها بكتير من ناحية القدرة على الاستيعاب للتعليم عن بعد التي قد تصل الى حدود 70% . اما المواد التطبيقية  فهناك شك في القدرة الاستيعابية التي قد تصل الى  اكثر من 40 % مغطاة من ناحية ايصال الفكرة و المضمون و تفاعل الطلاب معها.  الجدير ذكره ان  الصغار يعانون من صعوبة تامة  في الاستيعاب  خصوصا و ان الكادر التعليمي غير مؤهل للتعليم عن بعد حسب الطبقات العمرية للاساتذة  التي تكشف ان الاستاذ الاصغر سنا  لديه القدرة على الاستيعاب في التعليم عن بعد  اكثر مما هو عند الاستاذ المتقدم في السن الذي اعتاد على الكتابة بالطبشورة و على التفاعل النظري مع طلابه  .خصوصا و ان علم التواصل مبني   على 60 % جسدي و 40 % من ناحية التعبير اللغوي. ففي علم التعليم عن بعد حتى لو مضاءة الكاميرا هناك 60 % غير موجودة من ناحية التفاعل النظري لان في الصف يكون الاستاذ  مباشرة على التواصل مع طلابه  و يجبرهم على التفاعل  معه و الانتباه  اكثر مما هو عند التعليم عن بعد .”

و اضاف الدكتور غانم :” اما من ناحية الاساتذة الكبار في العمر الذين هم  فوق 40 سنة غير معتادين على الاسلوب الجديد في التعليم عن بعد  و التواصل و النتيجة الفعلية  لا تساعدهم لانهم يعطون  مواد تطبيقية من رسومات فيجب ان تشرح عبر علم الجسد و هنا الصعوبة بحد ذاتها  فضلا عن سوء الانترنت الذي يزيد الامور سوءا .”

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This