في حليب ؟ لأ مقطوع ..مقطوع ..مقطوع تلك العبارة كم  من المرات تتردد على مسامع كل امّ شاءت ان تشتري الحليب لطفلها بالكاد عمره سنة وكم من ايام بكت و توسلت لتأمين الحليب لولدها من دون نتيجة و من اتصالات استغاثة الى طبيب الاطفال ما عسى الام ان تفعل ابنها جائع والحليب غير متوفر له فاذ بطبيبها يصف لها الحليب المتوفر مترافق معه مكملات له و الاسوء من ذلك ان الكلفة المادية اصبحت مضاعفة فهل ذلك يجوز في بلد اصبح عنوانا للفقر و الجوع و فقدان و الدواء الحليب ؟ و ما تأثير ذلك على المدى البعيد على صحة الطفل ؟

معاناة و الصرخات كثيرة  

في هذا السياق تحدثت الاختصاصية في طب الاطفال الدكتورة جيسي قزي ل greenarea.info عن ما يجري من معاناة يعانيها الطبيب مع مريضه خصوصا اذا كان عمر الطفل تحت السنة تقريبا مما قالت :”ان انقطاع الحليب في لبنان له فعلا معاناة  لا توصف و الصرخات كتيرة  خصوصا اذا  كان الطفل عنده امساك فلم نعد نجد له التركيبة المناسبة له من  الحليب ضد الامساك  مما يحتم عليه ان يتناول  الحليب العادي ضمن تركيبة غيرمناسبة لعمره حيث  نضطر ان  نعطيه ادوية معه خاصة له و النتيجة بكل اسف  كلفة مادية مضاعفة  على الاهل في هذه الظروف الصعبة .عدا ذلك  ان الحليب في اول عمر الطفل  انقطع من  السوق من عمر سنة لعمر 3 سنوات كما و ايضا ارتفع سعره مما بات الطفل  ان يتناول الحليب الذي لاننصح به لانه ليس مدعم بالحديد و الفيتامين د خصوصا انه بحاجة لهذه المحتويات .باختصار فعلا شيء مؤسف لما وصلنا اليه لان  اذ اجرينا فحص دم للطفل بعد  عشر سنوات فتكون النتيجة  قد يكون مصابا في فقر الدم و نقص  في الفيتامين د يعني ذلك  انه لم يعد هناك شيء مدروس لان في ظل انقطاع  الحليب  الخاص للطفل لم يعد باستطاعتنا سوى القول للام شرّبي  طفلك اي نوع من الحليب الذي تجدينه لان لا يمكن ان يبقى الولد من دون طعام  .”

التشديد على الرضاعة  

اما بالنسبة للاختصاصية في التغذية الدكتورة جانين عواد فقد شددت على اهمية الرجوع الى الرضاعة الطبيعية في ظل هذه الازمة الصعبة مما قالت  لgreenarea.info:”كم من المرات شجعنا الرضاعة الطبيعية حيث كانت غير اساسية عن العديد من الامهات  و لكن في ظل الوضع الاقتصادي المتأزم الذي نعيشه بات على  كل امّ  ان تلجأ الى الرضاعة الطبيعية كي لاتندم لان هناك صعوبة في تأمين الحليب للطفل  الرضيع كونه لا يتناول اي نوع من الحليب  مما تكون الرضاعة الطبيعية هي الحل الوحيد اليوم .اما اذا كان هناك صعوبة في تأمين ذلك على الاهل تخفيف من كميات الحليب العادي اي بمعدل قنينة صغيرة من الحليب او اثنين منها  يوميا  عندها يبقى مجمع الحليب لمدة شهرين . انها فعلا مشكلة مأساوية  خصوصا عند الاشخاص الذين لم يكونوا على ادراك بما يحصل في انقطاع الحليب مما لم تعد صالحة تلك العبارة ان كل ولد يولد “بتجي رزقتو معه” نظرا لصعوبة تأمينه . اذ ان اهلينا عاشوا الحرب و لكن ليس الحرب الاقتصادية التي هي دمار نفسي لكل الناس فنقص الحليب لايتوقف فقط  عند نقص الفيتامينات انما المشكلة  تكمن في غذاء  الطفل ككل .كما وانه هناك الاولاد الذين  عمرهم 5 سنوات مازالوا يشربون الحليب بالقنينة الرضاعة نتيجة  سوء ادارة تربية من الاهل .و اخيرا اذا استمر الفقر مع الوقت سنموت  لاننا بتنا في  بلدان العالم الثالت بل اسوء من ذلك انها  صرخة يأس لذلك نطلب من الام اليوم التي  شارفت  على الولادة  ان تلجأ الى  الرضاعة الطبيعية لان ستكون الاهم في ايامنا هذه و سط انقطاع الحليب المستمر .”

اشبه بجنون رسمي  

في المقلب الاخر شرحت  الاختصاصية في العلاج النفسي الدكتورة ميشلين سمور عبر لgreenarea.info عن الردات العصبية و الازمات النفسية التي يعيشها الاهل عند انقطاع الحليب و مدى انعكاس ذلك على الصحة النفسية عند الطفل مما قالت  :”مؤسف ما وصلنا اليه باتوا الاهل على وشك ارتكاب جريمة بالمعنى المجازي  لتأمين الحليب لولدهم ففي علم النفس اذا الولد لم  نلبي حاجته الجسدية فيلجأ الى البكاء و الصراخ دون توقف للفت النظر كي يحصل على الحليب  لذلك بات تأمين من الضروري جدا . هذه المشهدية تدفع بوالدة الطفل الى الاستجرام او تكسر كرغبة دفينة في داخلها تعبيرا عن غضبها انها لا تستطيع تأمين الحليب له . عدا توتر الاعصاب  المصاب به  الناس اشبه بجنون رسمي نتيجة اثار الازمة الاقتصادية التي نعيشها حيث ان اثارها اسوء بكثير من اثار الحرب ولكن بعد مرورها فترة سوف نلاحظ  هذه التغيرات على نفسيتنا حتى انها ستنعكس سلبا على حياة الاطفال  مما انتقل الانتحار من حالة ام حالتين اي كان فرديا الى اليوم صار الانتحار جماعيا هذا ما لاحظناه عبر الخط الساخن للصحة النفسية حيث تفاجئنا باشخاص لم تتكلم عن الانتحار بل بدأت تفكر به بعدما كانوا اقوياء و سند للاشخاص الضعفاء فنجدهم  يصرخون و يفقدون اعصابهم على سبيل المثال نتيجة فقدان  الحليب لولدهم او لان  ثمنه  مرتفعا المهم ايجاده لان الطفل في اول عمره بحاجة الى الحليب الخاص و ليس هناك من حليب بديل لذلك تلك الاجواء الضاغطة تزيد من الضغط النفسي  الذي سيخفف الجهاز المناعة .بمعنى الناس باتت تموت ليس من الكورونا اكثر مما هوعليه  من الجو الضاغط الذي نعيشه حيث سنبدا نرى امراضا نفسية من عمر مبكر و الدليل على ذلك  بدأت اعاين في  عيادتي  اولادا من عمر 12 سنة او 13 سنة عندهم افكار انتحارية نتيجة الضغط النفسي الذي يعيشونه حيث يترجمون ذلك في اللجوء الى كثرة الاستحمام فصارجلد  ايديهم و رجليهم متل جلد السمك  ليس فقط من وراء هوس الكورونا بل من الضغط المنزلي اوضغط  الاهل و الوضع الاجتماعي المتأزم خصوصا و ان الاهل باتوا دون عمل في المنزل .مما يجد نفسه الولد مجبورا ان يستحم كي لا يسمع النق من  اهله “دعك  و انتبه” و مثل هذه الحالات لم نكن نراها من قبل سنتين حيث كان الولد يلعب بالتراب .اما اليوم فيهرب من واقعه الى حد الوسواس او الى الجلوس في المنزل بحجة الم في  البطن وانه غير قادر سواء في للتعليم عن بعد  ام التحدث مع احد بحجة الهروب من الواقع الذي يعيشه مما يلجأ الى عدة حجج انه مريض نفسي حيث ان الجو الضاغط  الذي يعيشه يجعله يهرب من واقعه او يكون الحمام ملجائه لانه  يشعر بالذنب كون يسمع ان اهله عاجزين عن دفع له القسط المدرسي . تجدر الاشارة الى ان هناك  الكتير من مستشفى الكرتينا الى مستوصفات لوزارة الصحة فيها جلسات نفسية مجانا بهدف الدعم النفسي للابتعاد عن هذا الجو الذي فيه  الانفصام بحد ذاته مما يزيد الامور الحياتية اكثر تعقيدا .”

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This